آخر تحديث :الأحد-01 ديسمبر 2024-11:27م
العالم من حولنا

من سيكسب حرب العملات وسينتصر في الصراع على قيادة الإقتصاد العالمي.

الإثنين - 27 أبريل 2020 - 10:56 م بتوقيت عدن
من سيكسب حرب العملات وسينتصر في الصراع على قيادة الإقتصاد العالمي.
تقرير / محمد مرشد عقابي

اصبحت الحروب العسكرية موضة قديمة فقد وصلت الأنظمة العالمية إلى أبعد من ذلك فأضحت الحروب حالياً تكتيكية تعتمد على ضرب المصالح بأستخدام وسائل الضغط دون الحاجة إلى إطلاق رصاصة واحدة، ففي هذا الوقت بالذات يعتبر من التهور أن تعلن دولة ما حرباً عسكرية على دولة أخرى معادية لها مع وجود العتاد العسكري المهيب لكلا الطرفين سواء امتلاكاً بالمباشر أو عن طريق الشراء لسهولة الحصول عليه ما يكفي للحصول على القوة العسكرية التي تمكنها من الرد على الهجوم المعادي بنفس القوة أو أكثر لكلا الطرفين المتخاصمين والذي يؤدي إلى تضرر كليهما بالضرر العسكري الذي يعتبر من أكثر الأضرار تكلفة وتحتاج لسنوات حتى تستطيع الدولة الإستيقاظ والنهوض مرة أخرى فليس من السهل أن تعيد بناء ما تم هدمه وتدميره على كافة الأصعدة العسكرية والإقتصادية والثقافية والإجتماعية

اليوم نحن مع نوع جديد من الحروب تسمى بحرب العملات وهي حرب هدفها الإطاحة بالدولار الأميركي المهيمن على السوق وذلك بقيادة الصين وروسيا وبعض الدول الأخرى، حيث أصبح التلاعب بالعملات سلاحاً فعالاً تستخدمه الدول في الحروب الإقتصادية والتجارية وحتى السياسية وهذا ما فعلته الصين منذ تسعينيات القرن الماضي ودأبت على استخدامه الولايات المتحدة منذ الأربعينيات للتحكم بالتجارة والتبادلات العالمية فهل حانت نهاية الدولار وهل سيكون لذلك تأثير على الإقتصاد العالمي؟.

يقول الخبير الإقتصادي رعد جبار حمودي : منذ زمن تمارس الولايات المتحدة الأميركية سياسة العقوبات الإقتصادية في وجه الكثير من الدول التي تخالف سياستها أو التي تشكل تهديداً لها، معتمدة في ذلك على هيمنتها الطاغية لعملتها في أغلب بلدان العالم، حيث تواصل استخدام الدولار كسوط لجلد ظهر كل من يحاول تهديد عرشها وهذا ما جعل الدول المتضررة من ذلك تبحث عن رد فعل حقيقي ينال من واشنطن للحد من هيمنة الدولار على مقدرات التجارة العالمية الذي بدأ منذ بداية الحرب العالمية الثانية.

ويردف بالقول : منذ تولي "دونالد ترامب" رئاسة الولايات المتحدة الأميركية استطاع أن يحقق نجاحاً باهراً ومضى قدماً في توسيع دائرة الأعداء والرافضين للسياسة الأميركية عموماً وعلى المستوى الإقتصادي بشكل خاص فبعد أن كانت روسيا الإتحادية وكوريا الشمالية هما أبرز الأعداء باتت الصين على رأس القائمة في ظل الحرب التجارية التي شنها "ترامب" على بكين منذ توليه الرئاسة ثم دخلت تركيا وروسيا على خط الصراع ولعل أبرز سلاح تستخدمه الولايات المتحدة الأميركية في مواجهة هذه البلدان وغيرها هو الهيمنة الواضحة بشكل جلي للدولار على الإقتصاد العالمي وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها إذ يمكن القول بأن الدولار يسيطر تقريباً على أغلب المعاملات التجارية في العالم ويجرى تسعير معظم البضائع بالدولار وفي مقدمتها النفط وكذلك الأسهم وهو يمثل نحو 85% من العملات المتداولة في التجارة الدولية وقد وصلت الإحتياطات المالية المقومة بالدولار إلى أكثر من 60% في العالم مقابل عملة اليورو المنافس الأبرز للدولار، كما أن حركة سعر الدولار صعوداً وهبوطاً من الممكن أن تحدث هزة اقتصادية عالمية بل أن اتجاه الأموال حول العالم حالياً مرتبط ارتباطاً مباشراً بقيمة الدولار وهو الأمر الذي ظهر جلياً عندما بدأ البنك المركزي الأميركي في تحريك سعر الفائدة على الدولار منذ بداية السنة الماضية (2019) ولكن الضغط المستمر للإدارة الأميركية واستمرارها في فرض العقوبات الإقتصادية القاسية على دول عديدة لم يكن ليمر مرور الكرام وكما يقولون الضغط يولد الانفجار وصبر تلك الدول بدأ ينفذ فبدأت بالبحث عن خطط للتخلص من سيطرة الدولار الأميركي فكانت أول خطوة هي دعوة رؤوساء الدول المتضررة من العقوبات الإقتصادية الأميركية كروسيا وتركيا إلى استخدام العملات المحلية في التبادل التجاري فيما بينهم بدلاً عن الدولار المهيمن، كما دعا الرئيس الصيني حليفه الروسي لذلك أيضاً من أجل مواجهة ما وصفه الرئيس الصيني بعدم المساواة في النظام الإقتصادي العالمي ومحاولة عرقلة تطلعات الشعوب المشروعة في ممارسة حياتهم بشكل أفضل.

اما الخبير الإقتصادي جاسم عبد المنان الخرافي فيتحدث قائلاً : في الحقيقة استطاعت روسيا أن تحقق نجاحاً ملفتاً في حرب العملات والصراع الإقتصادي فمنذ عام 2018م بدأ الدب الروسي بتنفيذ إستراتيجية طويلة الأمد وهي إلغاء الدولار في المعاملات المحلية والتجارة الدولية للتحايل على العقوبات الأميركية، ومنذ فترة من 2013م إلى 2018م استطاع البنك المركزي الروسي أن يخفض حصة الدولار من احتياطات النقد الأجنبي من أكثر من 40% إلى 24% ومنذ عام 2018م إلى الوقت الحالي انخفضت انحيازات البنك من الديون الأميركية من 100 مليار دولار إلى أقل من 10 مليار دولار والشركات الروسية الضخمة كشركات النفط والغاز بدأت تستغني عن الدولار وتعتمد على اليورو والعملة المحلية الروبل الروسي في تعاملاتها.

واضاف : وبالنسبة إلى الصين التي تعتبر ثاني أكبر اقتصاد في العالم فنراها تجنبت استخدام الدولار الذي بات إستراتيجية لا رجعة فيها، فالصين تخوض حرباً تجارية كما هو معلوم مع أميركا منذ فترة ليست بعيدة حيث كانت الإدارة الأميركية تريد فرض رسوماً جمركية تصل إلى 25% على ما قيمته 300 مليار دولار من وأرداتها من الصين ومن المؤكد أن صبر التنين الصيني قد نفذ خاصة عندما وضعت الإدارة الأميركية مجموعة هواوي الصينية العملاقة على القوائم السوداء في محاولة لخنقها وإخراجها من الأسواق العالمية، والصين الآن تحاول أن تجعل عملتها "اليوان" هي العملة المعتمدة عالمياً، لكن بدون شك لن تستطيع تحقيق أهدافها بين ليلة وضحاها فالأمر يحتاج إلى عمل تدريجي وكمعلومة قيمة الصادرات الصينية الموجهة إلى أميركا فاقت 400 مليار دولار العام الماضي 2019م فليس من الحكمة أن يسعى أحدهم إلى تدمير أكبر عميل له ومن ناحية أخرى بعض الدول قد لا تكون قادرة على الحفاظ على قيمة عملتها ثابتة خصوصاً التي تعتمد على الصادرات النفطية والغازية لتحديد سعر عملتها كما هو الحال لروسيا وهذا ما رأيناه مؤخراً بعدما أعلنت السلطات السعودية إغراق الأسواق بالنفط حيث تراجعت قيمة "الروبل" الروسي بـ 7% عن القيمة الأصلية.

على صعيد متصل أكد خبراء اقتصاديون آخرون أن الدول العربية هي الخاسر الرئيس في حرب العملات التي تدور رحاها بين النظام الشيوعي في الصين وبين النظام الرأسمالي في الولايات المتحدة الأميركية، مشيرين إلى أن أضرار هذه الحرب تأتي مباشرة على ميزان مدفوعاتها وخاصة الميزان التجاري فالدول العربية تتبع سياسة ربط عملتها بالدولار سواء بشكل رسمي معلن أو بشكل ضمني دون الإعلان عن ذلك وانخفاض قيمة الدولار في إطار حرب العملات سيضر بميزان مدفوعات الدول العربية وخاصة النفطية التي تقوم بتصدير النفط الخام للولايات المتحدة وغيرها بالدولار ثم تقوم باستيراد متطلباتها من السلع الضرورية بالعملات الأخرى خاصة اليورو وهو ما سيجعل هذه الدول تضطر للبيع بثمن منخفض والشراء بثمن مرتفع مما سيشكل عائقاً كبيراً في اقتصادها وهذا ينطبق على كل الدول النامية.