آخر تحديث :الثلاثاء-22 أكتوبر 2024-03:23ص
العالم من حولنا

أمبراطورية الولايات المتحدة والعجز في مواجهة التحديات الراهنة.

السبت - 18 أبريل 2020 - 02:39 م بتوقيت عدن
أمبراطورية الولايات المتحدة والعجز في مواجهة التحديات الراهنة.
تقرير / محمد مرشد عقابي

برزت مؤخراً تحليلات اكتسبت صفة التعجل والمبالغة تفضي الى الحسم بإنهيار وشيك للنظام الرأسمالي وبالتالي انهيار امبراطورية الولايات المتحدة وتحول مركز القيادة العالمي نحو الشرق بدلاً عن الغرب وهو ما يتطلب وقفة لخطورة انتشار هذا التعجل، ولأن تفاؤل البعض المفرط بإنهيار القطب الغربي الذي تقوده أميركا يمكن أن يحدث احباطاً لدى القوى المناهضة للرأسمالية العالمية والهيمنة الأميركية اذا ما لملمت الولايات المتحدة أوراقها وخرجت متعافية أو على الأقل محافظة على وضعها الدولي.

يرى العديد من الخبراء والمحللين بان الركون الى افتراض السقوط الوشيك تلقائياً لأميركا بفعل كارثة كورونا يمكن أن يؤدي الى التراخي والعدول عن ابتكار حلول حتمية للخروج من منظومة التبعية المفروضة على المنطقة والتي يجب أن يتم التخطيط لها وفقاً لوضع راهن وليس وفق وضع محتمل وهو ما يتطلب بعض الموضوعية حيث يجب ان ترصد جوانب القوة الأميركية واحتمالات تدارك الأزمة كما يجب أن تتضمن جوانب الضعف التي كشفتها الازمة ومنها جوانب القوة التي تعتمد عليها أميركا في تدارك الأزمة حيث تعتمد الولايات المتحدة في هيمنتها على الدولار الذي لا يزال أضخم عملة نقدية احتياطية أجنبية على مستوى العالم منذ أن باتت جميع الدول مرغمة على التعامل به بالإضافة إلى كونه العملة الرئيسية التي يتم تحديد باقي العملات بناءً عليها.

والدولار هو ما جعل "ستيفن موالت" أستاذ العلاقات الدولية يتراجع عن تحليله المتشائم بزوال الهيمنة الاميركية ليكتب مقالاً جديداً وشيقاً في صحيفة "فورين بوليسي" يصوب فيه تحليله ويتحدث عن دور الدولار حيث يقول انه لا يزال يشكل أصولاً آمنة نسبياً في أوقات عدم اليقين الإقتصادي وان الطلب الأجنبي على الدولار سيجعل من السهل على الولايات المتحدة الإقتراض، واستشهد بمقولة "لبول بوست" من جامعة شيكاغو وهي "الإضطراب الإقتصادي الناتج عن COVID19 يعزز ببساطة هيمنة الدولار".

واكد الخبراء والمحللين بان كل الدول تأثرت بتداعيات الوباء وأن دولاً كبرى باتت تدفع ثمن انقيادها للرأسمالية المتوحشة وللهيمنة الاميركية وبالتالي فهي متراوحة بين الإنتفاض على اميركا وبين الإستغاثة بها ويبدو أن كثيراً من حكومات هذه الدول لا يملك بعد رفاهية الإنتفاض وان الكرة في الملعب الاميركي حيث يمكن لاميركا عبر بعض المساعدات والمعونات والتنازلات عن النهج الإستكباري المتعالي مؤخراً ان تعيد احتواء هذه الدول لا سيما دول اوروبا.

ويقول "ستيفن موالت" سيعتمد مدى الضرر طويل المدى على موقع أميركا العالمي على عاملين رئيسيين أولاً هل تستطيع الولايات المتحدة السيطرة على الوباء في الداخل؟ وثانياً هل تحتفظ الولايات المتحدة بنهج "أمريكا أولاً" تجاه هذه المشكلة العالمية أم أنها تبدأ في إظهار نوع من القيادة العالمية التي أظهرتها بعد الحرب العالمية الثانية أو هجمات 11 سبتمبر أو الأزمة المالية لعام 2008م؟.

الى ذلك يرى الخبراء والمحللين السياسيين بان سقوط الامبراطوريات يكون تدريجياً ويبدأ بالتراجع ثم الأفول وقد يأخذ الأمر عقوداً بل قروناً وقد جمع البروفيسور الألماني "ألكسندر ديماندت" حوالي 210 نظرية مختلفة حول سبب سقوط روما ويجمع المؤرخون أن هذا الإنهيار كان على مدار أربعة قرون وبلغ ذروته في التدهور النهائي للإمبراطورية الرومانية الغربية في 4 سبتمبر 476م، مؤكدين بانه عند العودة لإنهيار الامبراطورية الرومانية كمثال لامبراطورية من أعظم امبراطوريات التاريخ فقد أشار المؤرخون إلى العوامل التي أدت إلى الإنهيار والتي تشمل ضعف كفاءة وعدد الجيش وانخفاض صحة وأعداد السكان الرومان وإنهيار قوة الإقتصاد وتنافس الأباطرة الى جانب الصراعات الداخلية على السلطة والتغيرات الدينية في تلك الفترة وضعف كفاءة الإدارة المدنية والضغط المتزايد من البرابرة خارج الثقافة الرومانية فهذه العوامل متوفرة بشكل لافت في اميركا وتنذر بأنها في طريقها للسقوط الحتمي بل إن اميركا وسط هذه الأزمة كشفت أن جوانب الضعف هذه وصلت الى أقصاها حيث دارت معارك على هامش أزمة كورونا عكست فيها الولايات المتحدة صبيانية وضعفاً من بينها معركتها مع الصين حول تقنية الجيل الخامس حيث تمثل تقنية الإتصال بالجيل الخامس 5 G إحدى أهم بؤر الصراع بين الصين والولايات المتحدة ومن المرتقب أن تكون تلك التقنية بمثابة العمود الفقري للعديد من الصناعات التي أعلنت بكين أنها ستقوم بتطويرها ضمن صنع في الصين 2025م ويعمل الأميركيون على فرض حظر على شركات الإتصالات الأميركية من استخدام أي معدات خاصة بهذا الجيل التقني المتطور المصنوعة في الصين ومنع دخول الشركات التي تقود تطوير تقنيات الجيل الخامس في الصين وهي "زي تي إي" و"هواوي" إلى أسواق عالمية حليفة للولايات المتحدة وخاصة بريطانيا، بالإضافة الى امتعاضها من انتشار فيديوهات تربط فيروس كورونا بظهور الـ5 G في المنطقة التي خرج منها المرض في الصين وانتشار فيديوهات أخرى على يوتيوب تتضمن طرحاً بأن باخرة "داياموند برنسيس" التي وضعت ركابها رهن الحجر الصحي كانت عرضة للفيروس لأنها تستخدم تكنولوجيا الـ5 G في اتصالاتها.

ويقول "روري كيلان جونز" مراسل شؤون التكنولوجيا بقناة "بي بي سي" في تقرير صحفي بانه في حين يمنع يوتيوب من الترويج لطرق غير مثبتة طبياً للوقاية من الفيروس يبدو أنه لا يزيل المواد التي تروج لنظريات المؤامرة حوله ولا حتى يقوم بالتحذير منها، واحرقت مؤخرا أبراج اتصال خاصة بالجيل الخامس من شبكات المحمول "G5" وتعرض مهندسوها لإعتداءات في مناطق متفرقة من انجلترا بسبب فرضيات لا أساس لها ربطت بينها وبين تفشي فيروس كورونا في العالم، كما ان المعركة النفطية الدائرة حالياً بين الأقطاب المنتجة قد تسببت في أفلاس قطاع النفط الصخري الأميركي وخروج الرئيس 'ترامب" بتصريحات متضاربة اقرب للإستجداء منها للتهديد وهو ما يشير الى الضغوط التي تتعرض لها إدارته، كما ان استعراض القوة للولايات المتحدة الأميركية حول نشر بطاريات الصواريخ والحديث عن التطوير النووي وسط فضيحة اقتناص الكمامات ونقص المستلزمات الطبية قد اظهر هشاشة وضعف هذه الأمبراطورية.