لا لإثباتات تدلّ على أنّ المتعافين من فيروس كورونا قد يصابون بالعدوى من جديد بعد شفائهم منها في المرة الأولى، وفقاً لخبيرة فيروسات تدرس استجابة الجسم للمرض.
ونقلت بعض الوسائل الإعلامية هذا الأسبوع أخباراً عن تشخيص إصابة بعض الأشخاص في كوريا الجنوبية والصين بفيروس كورونا للمرة الثانية بعد تعافيهم من الفيروس كلياً.
وأعلنت هيئة "المراكز الكورية للسيطرة على الأمراض والوقاية" منها يوم الخميس أنّ 141 شخصاً سجّلوا نتائج إيجابية للمرة الثانية في فحص تشخيص الإصابة بالفيروس. كما أُفيد عن بعض الحالات القليلة المشابهة في مدينة ووهان الصينية، نقطة انطلاق الوباء على ما يُعتقد.
وفي حال تعرّض الأشخاص للإصابة بالعدوى ثانيةً، ستُضطَر الحكومات حول العالم إلى إعادة النظر في استراتيجياتها الرامية إلى القضاء على الفيروس. ويسعى عددٌ كبيرٌ من البلدان إلى تحقيق ما يُسمّى بـ"مناعة القطيع"، أي ما يحمي المجتمع هو إصابة نسبة كبيرة من أفراده بالفيروس وتطويرهم مناعة عليه.
لكن الدكتورة آنجيلا راسموسن، خبيرة الفيروسات والباحثة العلمية المساعدة في كلية ميلمان للصحة العامة التابعة لجامعة كولومبيا قالت لـ "إندبندنت"، إنّ الأشخاص يسيئون تفسير التقارير المتعلًقة بالإصابة للمرة الثانية.
وشرحت أنّ "الاختبار المُستخدَم لا يكشف سوى عن الحمض الريبي النووي (آر أن أي) للفيروس- أي المادة الجينية للفيروس. ولا يشير بالضرورة إلى كمية الفيروس المُعدي الذي قد ينتقل إلى شخص آخر. ونعلم أنّ عدداً من حالات العدوى الفيروسية تستمر غالباً في إنتاج كميّة قابلة للاكتشاف من الحمض الريبي النووي بعد تعافي المريض بوقتٍ طويل من دون أن تكون مُعديةً بالفعل".
وبعبارات أخرى، قد يحمل الشخص بقايا الفيروس بعد تعافيه منه من دون أن تكون هذه البقايا معدية أو خطيرة بالنسبة إلى الجسم المضيف أو بالنسبة إلى غيره.
وتدرس الدكتورة راسموسن استجابة الجسم لحالات العدوى الفيروسية الجديدة مثل إيبولا وكوفيد-19 ومدى مساهمتها في حدّة المرض.
وأضافت "لم نرَ أيّ بيانات تشير إلى إعادة تنشيط العدوى بالفعل في أوساط هؤلاء الأشخاص أو إلى إصابتهم للمرة الثانية، أو إلى أنّ إصابتهم معدية أو حتى إلى أنّهم مرضى. لم تُصاحب هذه التقارير أيّ بيانات مثبّتة يمكنها أن تدعمها".
وقال مسؤولو الصحة في كوريا الجنوبية إنّ أسباب هذه الظاهرة غير واضحة بعد، فيما الدراسات الوبائية جارية. ولفتت جونغ أون-كيونغ، مديرة المراكز الكورية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، إلى أنّ الفيروس ربّما تعرّض "للتنشيط" بدل أن يُصاب المرضى بالعدوى للمرة الثانية.
وخمّن بعض الخبراء كذلك أنّ النتائج الخاطئة لفحوصات التشخيص قد تفسّر أيضاً سبب إعادة التنشيط الظاهرية للمرض.
وتنكبّ فرق الأبحاث حول العالم على دراسة فيروس كورونا المستجدّ من أجل مساعدة مسؤولي الصحة العامة في اتّخاذ القرارات بشأن أفضل الطرق الممكنة لمكافحته. لكن على الرغم من جهودهم الكبيرة، ما زلنا نجهل الكثير حول الفيروس الفتّاك. وما زال العلماء يجهلون مدى قوّة المناعة على فيروس كورونا في جسم المتعافي من المرض ومدة استمرارها.
وفي هذه الأثناء، تنظر دراسة مهمة أُطلقت الأسبوع الماضي في فعالية استخدام بلازما دم المتعافين من كوفيد-19 للحثّ على تشكيل استجابةٍ مناعيةٍ ضد الفيروس.
وبدل أن تفحص الشخص للتأكد من إصابته بالفيروس حالياً، ستحدّد اختبارات الأجسام المضادة هذه إذا كان أُصيب بالفيروس سابقاً وتعافى منه- حتى لو لم تظهر عليه أي من أعراض المرض. وتقوم طريقة الاختبار على فحص الدم للتأكد من وجود أجسام مضادة فيه مرتبطة بالمرض. وإذا ظهرت هذه الأجسام المضادة في دم شخص ما، امتلك نظرياً مناعة على الفيروس، ويمكن السماح له بالعودة إلى العمل.
وتقول الدكتورة إليتزا ثيل، مديرة مختبر مايو كلينك (Mayo Clinic) الذي يجري اختبارات الأجسام المضادة لكوفيد-19 "لا تستطيع هذه الاختبارات أن تبيّن لنا مستوى المناعة المكتسبة بعد التعافي من المرض ولا مدّتها. وجلّ ما تكشفه لنا هو أنك أُصبت سابقاً ولديك أجسام مضادة، لكننا لا نعلم بكل صراحة بعد إن كانت هذه الأجسام تبطل مفعول المرض أو إن كانت توفّر وقاية تامة".
وتضيف "إنّما ما يمكننا أن نقوله برأيي هو إنّ هؤلاء الأشخاص يواجهون خطراً متدنياً أكثر على الأرجح بالتقاط العدوى، مقارنةً بأولئك الذين لم يكوّنوا الأجسام المضادة".
وتابعت الدكتورة ثيل قائلةً إنه يمكن استخدام هذا البحث "كأداةٍ تساعد في إعادة الأفراد إلى عملهم وفق طريقة استراتيجية أكثر".
"لا أظنه سيكون الحلّ السحري أو العامل الوحيد الذي يبتّ هذه المسألة، لكنّه سيلعب دوراً فيها على الأرجح".