آخر تحديث :السبت-27 يوليه 2024-06:39م

صحافة ساخرة


( هزيمة مواطن )

الإثنين - 23 نوفمبر 2015 - 10:26 ص بتوقيت عدن

( هزيمة مواطن )

مقال ساخر بقلم / الهام ابوبكر

كانت الساعة العاشرة صباحا ، حين قررت خوض معركة لم يكسب فيها احدا قط من الجولة الاولى ،

ولكني اعزمت بإصرار على خوضها ، لان لم يكن لدي خيار سواه الا ان اعود الى تلك الكهربائية التي تفقدني صوابي في كل مرة تفصل بها ، فيخرج السمك المقلي من بين أحضانها كتونة دهستها صالون اعادتها إربا ، فخرجت مجهزة بكل اسلحتي التي سأحتاجها من انامي الماء الباردة والسندوتشات ، ونظارة شمسية وكوفية عفى عليها الزمن ، احتمي بهما من تلك التي تعتبر الطرف الاقوى في معركة لا أعي الخصم فيها من الحليف ،،

توقفت في اخر طابور طويل ، ولكن هذا لم يستمر طويلا ، حيث اني في دقائق أصبحت في منتصف ذلك الطابور ،،

والطريف في الامر ان لم يخرج واحد قط من الطابور ، وما جعلني في الوسط عدد الداخلين وليس عدد الخارجين .

شعرت لبرهة ان اذا استجاب القدر وحدثت معجزة وخرجت بدبة غاز من هذا الحشد العظيم ، فسيدخل اسمي في التاريخ وسط العظماء الفاتحين ، انه خيال استدرج تفكيري وجدت به ملاذا أحتمي به من ثاني خصم اواجهه في تلك المعركة الغامض خصومها الا وهو ملل الانتظار ، شردت بتلك التداعيات التي كانت حليفي الثاني بعد اسلحتي ، أصوات التشجيع والتصفيق تتعالى من حولي ( حيّا بك يالهام ) ( البيبي غاز وصل ) ( ممكن توقعي لي على التيشيرات ) وانا على الجبل احي الجميع ( شكرًا شكرًا لا داعي للتصفيق ) ... الخ . من التخيلات المجنونة التي استعمرت تفكيري وزادتني عمار وقوة وصمود كجرعة صبر ، لم أفيق منها الا على صوت كاد ان يبزغ طبلة أذني قادم من اول الطابور ( حرام عليكم ، عيالي بالبيت بلا اكل وانا هنا لي يومين واقف وفي الاخيري تقول لي اكتمل العدد سجل اسمك وارجع بعد اسبوع ! )

حينها ايقنت هزيمة لا مفر منها ، وبدأت الملم اسلحتي استعدادا للاستسلام وانا كذلك سمعت صوت من خلفي ، ( انا اشتري لي من سوق السودة بـ ٧٠٠٠ احسن بدل دي البهدلة ) كان رجل ثلاثيني يحدث زميلا له بالمساربة ،

ادركت حينها ان هذا الوضع من معارك ومساربة ... الخ لا يسري على الجميع ، انه فقط يقتصر على شريحة  معينة من المجتمع ، فايقنت انه كان يتوجب عليا ان اتحصن بفتامين ( و، ر ) وليس ماء وكوفية ،،

انها معركة حقيقية ولكن الخصم والحليف فيها هو الشعب نفسه ، ياله من احساس مميت تملكني ، عدن تغيرت كثيرا فهي اليوم كرجل شمر على ساعديه يأكل بشراهة الأخضر واليابس ، كيف لا ! وهو لم يرى الخير منذ زمن بعيد،  فالاحتلال الحوثي العفاشي جعل من عدن معدة فاضية تتشوق لان تمتلئ ، فرغم من انتصار عدن على ذلك الاحتلال الا انها مازالت تعاني من اثار ذلك المرض ، فكما تقول امي ( حمة يوم تاخد عافية سنة ) وَمِمَّا زاد هزيمتي هزيمة ما رأيته ،

عاد واحد تلو الاخر بدبب الغاز الذي اخدوها بعد معركة شرسة لانها تسرب ،، !

كيف هذا !! لا اعلم فقد اكتفيت هزيمة اليوم ،،

فلم تكن هزيمتي اليوم هزيمة مسارب بل انها أعمق من ذلك بكثير فهي هزيمة مواطن .

تركت مقعدي في الطابور ورحلت فهدفي لا يقتصر على دبة غاز فأنا اريد وطن .

( حتما سيعود ثغر اليمن باسما )