آخر تحديث :السبت-27 يوليه 2024-06:39م

صفحات من تاريخ عدن


عدن زمان : الشجرة المستحية والحجة فطوم

الثلاثاء - 27 مايو 2014 - 09:07 م بتوقيت عدن

عدن زمان : الشجرة المستحية والحجة فطوم
منظر من وادي تبن - لحج .

عدن((عدن الغد))خاص:

 

 

كتب: محمد أحمد بيضاني *

 

ما أجمل الطفولة وتلك الأيام التي مرت من عمر الزمن - كيف مرت الأيام والليالي والسنيين ولم تبقى سوى الذكرى في نفس الإنسان وهي أجمل ما نملك في هذه الحياة, كانت لنا في بلادنا عدن الجميلة أجمل الذكريات وصدق الشاعر العظيم أحمد شوقي حين قال : قد يهون العمر إلا ساعة - وتهون الأرض إلا موضعا. كانت لنا طفولة غنية بشئ اسمه * الإنبهار * هذه المشاعر التي أنتهت اليوم بتقدم العلم والحالة المادية – كنا في طفولتنا نفرح وننبهر من أبسط الأشياء .

 

يوم الخميس كان اليوم العظيم في حياتي منذ ساعة الظهر وعيوني متعلقة بعقارب الساعة أنتظر مجئ ساعة العصر وكأني على موعد مع القدر – تخطو أمي الجميلة بقامتها الطويلة نحو الكبت – أي الدولاب – كبت أبو طاؤوس وتخرج من الكبت 2 شلن لأشتري بشلن ونصف مجلة الأطفال * سندباد * القادمة من مصر كل يوم خميس . كنت اسير إلى السوق الطويل وأتامل الدكاكين العامرة بالبضائع في يسار ويمين الشارع حتى أصل إلى مكتبة الحاج عبد الحميد عبادي . أجلس عند المكتبة أنتظر وصول الحاج عبادي لفتح باب المكتبة.

 

قالت الحجة فطوم أصبر يا محمد با أعمر ماي فرست بوري وبا أجيب لك حولايه لحجي قرمش ومضروب وقهوة مزغول وبعدين حازيني. قلت لها أشتري من الحاج عبادي مجلة سندباد لأتابع بشغف رحلة سندباد في البحث عن أبيه ، ثم أخرج من المكتبة وأنا أحمل المجلة وأقرأها أحينا وأنا اسير في الشارع ثم أخاف أن تصدمني سيارة, وأواصل طريقي إلى شارع الزعفران لأشتري من عند محل العم الحبيب عبد الله صالح المحضار قرطاس أيسكريم * لوينز * - Lyons الذي كنت أحبه حبآ شديدآ وأواصل طريقي إلى حافتي – حافة القاضي .

 

أجلس على الفوت بات في الحارة آكل الآيسكريم وأتابع بشغف مغامرة سندباد. حين أنتهي من القرأة أعير المجلة لأصدقائي من عيال الحارة. يا حجة فطوم كانت لنا في طفولتنا حاسة الإنبهار بكل الأشياء البسيطة ، كان ذلك متعة كبيرة في حياتي .. قرطاس ايسكريم ومجلة سندباد – واليوم في عصرنا هذا ضاع الإنبهار من حياة الأطفال .. طفل يسير في الشارع وهو يحمل موبايل نوكيا قيمته 1000 دولار - أين الإنبهار بعد ذلك !!

 

يا حجة فطوم من الأشياء التي كانت تبهرني في طفولتي هي الرحلة التي تنظمها المدرسة إلى زيارة لحج ، كانت رحلة تاريخية في حياتنا ونحن في الباص نغني ونمرح حتى نصل إلى *بستان الحسيني* في لحج ونقضي هناك يومآ كاملآ ، وكان مما يشد انتباهنا ونقف بإنبهار وتعجب شديد أمام الشجرة الخالدة في حياتنا - * الشجرة المستحية * التي كانت أوراقها تنكمش وتذبل حين إقتراب الإنسان منها .. كأنها تستحي. وكنا ننظر إلى ذلك بفرح ولا نعرف سر هذه الشجرة الغريبة المستحية التي قالوا أن الأمير الشاعر القمندان أحضرها من الهند .

 

قالت الحجة فطوم كما أحضر شجرة الفل والعنجس و البيدان والعنبه وكثير من الفواكة التي كانت تأتي من لحج إلى أسواق عدن. يرحم الله القمندان الذي أطرب قلوبنا بألحانه الجميلة – وأشبع بطوننا بفواكه لذيذة ، لقد ترك هذا الأمير الفنان الشاعر المزارع الضابط الأديب المبدع الجميل ذكرى جميلة في حياتنا.قالت الحجة فطوم ايش تشتي سحور . قلت لها صانونه مطفايه فوق الطاوه بمشك صيد باغه .

 

* كاتب عدني ومؤرخ سياسي