محمد احمد بالفخر
سبق وأن كتبت قبل عدة سنوات مقالاً بعنوان (نقاط الاستفزاز) أشرت فيه الى بعض الممارسات التي يقوم بها بعض العسكر في هذه النقاط ويستهدفون بعض السيارات تحديداً ويصبح السائق البسيط المسالم ضحية لابتزازهم ليس الهدف تطبيق نظام أو بحث عن مطلوبين أو مخالفة لأنظمة السير وفي النهاية عندما يضع صاحب السيارة او سائقها مبلغاً من المال في يده تنتهي كل تلك الهنجمة ويصبح طريقك سالكاً حتى تصل الى نقطة أخرى وأنت وحظك قد تجد فيها عسكرياً مثل السابق وقد تجد عسكرياً على النقيض تماماً أدباً وأخلاقاً وابتسامة وقد شاهدت ذلك بنفسي مراراً وكنت أمني النفس أنه سيأتي يوماً وسنجد هذا العسكري البسيط الذي اتبع هواه ومالت نفسه للاستفادة غير المشروعة من موقعه الذي وُضِعَ فيه أن يضع الوطن نصب عينيه وحماية المواطن بدون كلل ولا ملل هدفه السامي متذكراً أنه في مهمة وطنية لا ترقى اليها أي مهمة أخرى ومستشعراً أهمية الحديث الذي رواه الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله عليه الصلاة والسلام (عينان لا تمسّهما النار أبداً، عينٌ باتت تكلأُ المسلمين في سبيل الله، وعينٌ بكت من خشية الله)،
وكان بالإمكان حدوث كل ذلك بكل سهولة من خلال قيادة راقية في مستوها تنتقي أفرادها بعناية فائقة وتتابعهم دون كللٍ ولا ملل، لأن العسكري الراقي في تعامله يعطي انطباعاً جيداً عن المنظومة بشكل عام ويشعر المواطن وغير المواطن بالاطمئنان التام كلما اقترب الى هذه النقطة أو تلك، وهذا لا يمنع أن يكونوا في غاية الشدّة والصرامة إن كانت لديهم بلاغات عن سيارات مخالفة أو اشخاص مطلوبين أو مشبوهين وهنا لن يلومهم أحد لأنهم يقومون بمهمتهم على أكمل وجه، ولا نريد أن تنتهي الصرامة والشدّة ببضعة وريقات نقدية يتلقاها من هذا المخالف أو ذاك،
وبالفعل سافرت كثيراً بمفردي أو مع عائلتي أو مع زملاء وأصدقاء فكان معظم الأفراد الذين رأيناهم في كثير من النقاط المنتشرة على طول الطرق كانوا جيدين في معظمهم، وكم كنت أتمنى اهتمام الدولة ممثلة بوزارتي الدفاع والداخلية بالأفراد أولاً وبمباني تلك النقاط شكلاً ومضموناً وفي الحقيقة ليست مكلفة لو وجدت النية الصادقة فتكاليف ما يتم تعاطيه من شجرة القات ومستلزماتها الأخرى لكبار القادة لمدة شهر واحد ستصنع العجب العجاب،
وما دعاني لطرح هذا الموضوع ما شاهدته بنفسي وتحدّث عنه الكثير من احدى النقاط على طريق العبر الوديعة والتي تقع على مسافة ليست بعيدة من منفذ الوديعة البري الرابط بين اليمن والسعودية،
وسُمّيَت بنقطة السلاح لأن السيارات الذاهبة الى المنفذ ومن يحمل السلاح من ركابها عليه تسليم سلاحه في كشك الأمانات في النقطة ويستلم سنداً رسمياً بذلك وعند عودته يأتي بالسند ويستلم سلاحه ويسير في أمان الله،
ولهذا أول ما تصل عند هذه النقطة ما يسألك العسكري عند وقوفك إلاّ عن السلاح، ألديك سلاح؟ إن قلت نعم أشار اليك بالوقوف والذهاب للكشك لوضعه في الأمانات، وإن قلت لا ليس لدي شيء قال لك تفضل ورافقتك السلامة، أسلوب راقي حقيقة لا يشوبه أي شائبة، لكن ما حصل في السنوات الأخيرة تغيرٌ جذري في التعامل في هذه النقطة لم يخطر على البال،
اولاً أسلوب التعامل الغير جيّد من افرادها تجاه المسافرين فقد اختفت اللطافة والابتسامة وظهرت التكشيرة والهنجمة يصاحبها رفع الصوت،
ويأتي بعدها إيقاف السيارات لتصبح طابوراً طويلاً مداه ويقومون بتفتيش الأغراض الشخصية للركاب سواء حقائبهم التي تحتوي في الغالب على الملابس الشخصية والكراتين والأكياس بطريقة عشوائية وفي غاية الاستفزاز ويعلن فوراً ومن بنيات أفكاره قائمةً من الممنوعات التي ينبغي عليك عدم إخراجها من البلاد كهدايا لأقربائك واصدقائك من المنتجات المحلية ويجنّ جنونه عندما يشم رائحة (اللخم) وهو عبارة عن سمكٍ مجفف يهواه بل يعشقوه معظم أبناء حضرموت ويكاد وقد كان هو الوجبة الرئيسية في وجبة الغداء عندهم، فتجده يطلق عبارات استهزاء وكلمات لا تليق على نِعمةٍ من نِعَمِ الله ولو عرف فوائده لأكله هو كُلّ يوم،
طرحت هذا الموضوع وأرجو من الجهات المسؤولة وضع حدٍ لمثل هذه التصرفات التي لا تليق.