آخر تحديث :الجمعة-01 نوفمبر 2024-11:19م

قطاع الكهرباء في عدن.. التحديات، الفساد، والفرص المستدامة

الجمعة - 04 أكتوبر 2024 - الساعة 01:14 م
د. عارف محمد عباد السقاف

بقلم: د. عارف محمد عباد السقاف
- ارشيف الكاتب


يعد قطاع الكهرباء في عدن من أكبر التحديات التي تواجه المحافظة، حيث تواجه البنية التحتية تدهوراً مستمراً، وهناك اعتماد كبير على الوقود الأحفوري والطاقة المشتراة، مما يزيد من الأعباء المالية ويخلق بيئة خصبة للفساد. ومع دخول بعض المشاريع الجديدة مثل محطة بترومسيلة ومحطة الطاقة الشمسية، يظل سد الاحتياجات المتزايدة للمواطنين هدفاً لم يتحقق بعد.
البنية التحتية للكهرباء في عدن:
تعاني البنية التحتية الكهربائية في عدن من التقادم والضعف، حيث أن شبكات التوزيع وخطوط النقل تفتقر إلى الصيانة والتطوير اللازمين. هذا يؤدي إلى مشاكل كبيرة في توزيع الكهرباء وانقطاعات متكررة، مما يجعل الشبكة غير قادرة على تلبية الطلب المتزايد بشكل مستدام.
شبكة نقل الكهرباء:
شبكة النقل الكهربائية في عدن قديمة وتحتاج إلى تحديثات جذرية. هناك مشاكل كبيرة تتعلق بنقل الطاقة من المحطات إلى المناطق السكنية والصناعية بسبب تدهور الكابلات والمعدات. بالإضافة إلى ذلك، تعاني الشبكة من الأحمال الزائدة خلال فترات الذروة، مما يساهم في انقطاع التيار الكهربائي المتكرر.
القدرة التوليدية الافتراضية لكل محطة في عدن:
- *محطة الحسوة الحرارية:* القدرة التوليدية الحالية تبلغ حوالي 60 ميغاواط، لكنها تواجه مشاكل في توفير الوقود والصيانة.
- *محطة المنصورة الغازية:* القدرة التوليدية الحالية تقدر بـ 30 ميغاواط، وتعتمد على الغاز الطبيعي.
- *محطة خورمكسر:* تقدر قدرتها التوليدية الحالية بحوالي 20 ميغاواط، وهي محطة قديمة تواجه تحديات فنية مستمرة.
- *محطة بترومسيلة الجديدة:* القدرة التوليدية الحالية 120 ميغاواط، وهي إضافة حديثة تساهم بشكل ملحوظ في تحسين قدرة التوليد، لكنها تعتمد على الوقود الأحفوري.
> *ملاحظة*: هذه الأرقام تقريبية نظراً لعدم وجود مصادر مؤكدة للمعلومات حول التوليد.
الطاقة المشتراة:
الطاقة المشتراة هي إحدى الحلول المؤقتة التي تعتمد عليها الحكومة لسد العجز في قدرة التوليد المحلي. تتحمل الحكومة ووزارة الكهرباء مسؤولية إدارة العقود مع الشركات الخاصة، التي توفر الطاقة مقابل مبالغ مالية كبيرة. تشير التقديرات إلى أن هناك عدة مصادر للطاقة المشتراة في عدن، وتبلغ تكاليف هذه العقود مليارات الريالات سنوياً. ومع غياب الرقابة الكافية، تتسم هذه العقود بعدم الشفافية وغالباً ما تكون شروطها مجحفة للدولة.
تشمل الشروط التعاقدية التزام الشركات الخاصة بتوريد كميات محددة من الطاقة يومياً، إلا أن الشركات لا تلتزم دائماً بهذه التعهدات. هذا يزيد من أعباء الفساد المتزايد، حيث يتم تضخيم الأسعار وتوقيع عقود لصالح الوسطاء والمسؤولين على حساب مصلحة المواطن.
دور الطاقة المشتراة في انتشار الفساد:
الطاقة المشتراة هي أحد الأسباب الرئيسية وراء انتشار الفساد في قطاع الكهرباء في عدن. العقود التي يتم توقيعها مع الشركات الخاصة غالباً ما تكون غامضة وتتيح للوسطاء والمسؤولين الفاسدين تحقيق مكاسب مالية ضخمة. يتم توقيع عقود بأسعار أعلى من المعدلات الطبيعية، مما يزيد من العبء المالي على الحكومة والمواطنين، دون تحسين كبير في جودة الخدمة.
إجمالي القدرة التوليدية الحالية:
يقدر أن إجمالي القدرة التوليدية الحالية في عدن، بما في ذلك الطاقة المنتجة محلياً والمشتراة، يصل إلى حوالي 358*ميغاواط* رغم ذلك، لا تزال هذه القدرة غير كافية لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء، حيث يقدر الاحتياج الفعلي بحوالي *700 إلى 800 ميغاواط*، خاصة في فترات الذروة.
محطة الطاقة الشمسية الجديدة بقدرة 120 ميغاواط:
تعد محطة الطاقة الشمسية الجديدة التي تبلغ قدرتها 120 ميغاواط خطوة مهمة نحو محاولة سد الفجوة بين العرض والطلب. الطاقة الشمسية تقدم حلاً بيئياً ومستداماً بعيداً عن الاعتماد على الوقود الأحفوري. ويمكن لهذه المحطة أن تسهم في توفير استقرار أكبر للطاقة، خصوصاً في فترات النهار.
اقتراحات لاستخدام الطاقة البديلة:
الطاقة الحرارية الجوفية:
الطاقة الحرارية الجوفية تعتمد على استغلال الحرارة الموجودة في باطن الأرض لتوليد الكهرباء. يتم حفر آبار عميقة للوصول إلى الطبقات الساخنة، ويتم استخدام البخار الناتج عن هذه الحرارة لتشغيل التوربينات. هذا النوع من الطاقة يعد مستداماً وغير مكلف على المدى الطويل، لكنه يتطلب استثمارات كبيرة في البداية لاستكشاف المواقع المناسبة وتنفيذ البنية التحتية.
- محطات تعمل بالطاقة البحرية:* استخدام حركة الأمواج لتوليد الكهرباء قد يكون خياراً مناسباً لمدينة ساحلية مثل عدن. الطاقة البحرية توفر مصدراً نظيفاً ومستداماً للطاقة.
- طاقة الرياح:* تركيب توربينات الرياح في المناطق الساحلية يمكن أن يساعد في توليد طاقة إضافية، مستفيدة من الرياح القوية التي تهب طوال العام.
تقدير الأموال الضائعة بسبب فساد إدارة كهرباء عدن:
يقدر أن هناك مبالغ كبيرة تضيع بسبب الفساد في قطاع الكهرباء. يمكن أن تصل هذه الخسائر إلى ما يتراوح بين *50 إلى 150 مليار ريال يمني* سنوياً. الفساد يظهر في عدة جوانب:
1. عقود الطاقة المشتراة:* تصل تكلفة الطاقة المشتراة إلى مئات المليارات سنوياً، ويتم هدر نسبة كبيرة من هذه الأموال بسبب العقود المشبوهة والأسعار المرتفعة.
2. *صيانة المحطات:* تُخصص مبالغ كبيرة للصيانة، لكن جزءاً كبيراً منها يُهدر بسبب تقارير مزيفة أو إهمال في إجراء الصيانة.
3. التهرب من دفع استحقاقات الطاقة:
تقارير عن موظفين ومسؤولين يستخدمون الكهرباء دون دفع تكاليفها، أو يتلاعبون بقراءات العدادات. هذا التهرب يؤدي إلى خسائر مالية إضافية، والتي قد تقدر بملايين الريالات سنويًا.
4. *ضعف الجباية:* ضعف النظام الإداري في جمع مستحقات الكهرباء من المواطنين والشركات يجعل هناك نسبة من الفواتير غير المدفوعة، مما يزيد العبء المالي على الدولة.
ختاما، إصلاح قطاع الكهرباء في عدن يتطلب معالجة جادة لمشكلة الفساد وتحسين العقود المتعلقة بالطاقة المشتراة. كما ينبغي تحديث البنية التحتية وتعزيز الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة مثل الشمسية، الرياح، والطاقة الحرارية الجوفية، وطاقة الأمواج البحرية.
ملاحظة: المقصود من المقال ليس الإساءة إلى أحد، وإنما الدعوة إلى إعادة النظر في هذه القضايا لتحسين خدمة الكهرباء وتخفيف الأعباء على المواطنين.