آخر تحديث :السبت-02 نوفمبر 2024-02:14ص

عدن تحت وطأة النار والجوع .. عندما يصير الفلفل والموز والثمد حلمًا بعيد المنال

الخميس - 29 أغسطس 2024 - الساعة 10:40 ص
عبدالجبار بن أحمد السقطري

بقلم: عبدالجبار بن أحمد السقطري
- ارشيف الكاتب


وكأن كيلو الثمد أصبح حلمًا بعيد المنال لكل مواطن في عدن. في كل زاوية من زوايا المدينة، يشعر المرء بثقل الأيام وهي تمرّ على أهلها. المدينة التي كانت يومًا منارةً للعلم والثقافة، أصبحت اليوم شاهدةً على أوجاع أهلها وهم يكافحون من أجل البقاء. عدن تحترق، ليس بالنيران التي تُرى بالعين المجردة، بل بحرائق صامتة تأكل في أرواح الناس وتنهش في عزيمتهم.

العم سالم، بائع الخضار والفواكه، هو واحد من آلاف العدنيين الذين يكافحون يوميًا لتأمين لقمة العيش. في بسطته البسيطة، التي كانت تمتلئ بألوان الفواكه والخضار، لم أجد إلا بقايا من حُلمٍ كان. سألته عن السبب، فأجابني بمرارة "أجيب لمن ولمن ولمن؟" كلمات مختصرة لكنها تحمل في طياتها وجعًا لا يوصف.

أربعة قرون فلفل بـ 500 ريال، وموزة بـ 1200 ريال، وكيلو الثمد أصبح حلمًا في عدن. هذه الأسعار التي جعلت حتى أبسط الأمور تصبح بعيدة المنال عن الفقراء والمحتاجين. العم سالم لم يعد فقط بائعًا للفواكه والخضروات، بل أصبح مرآةً تعكس الحالة التي وصل إليها شعب عدن.

عدن، المدينة الطيبة التي كانت تغمر زائريها بالدفء والترحاب، أصبحت اليوم تغرق في موجات من المعاناة والتحدي. شعبها العظيم، الذي يحب الحياة ويحرص على جمال المنظر والمرامة والعزة، يقف اليوم عاجزًا أمام صعوبات الحياة.

كيف لمدينة كانت مركزًا للتجارة والازدهار، أن تتحول إلى مشهد يعج بالأسى والشقاء؟ الإجابة قد تكون معقدة، ولكن ما لا يخفى على أحد هو أن عدن وأهلها يدفعون ثمنًا باهظًا بسبب الفوضى الاقتصادية والسياسية التي أُلقيت عليهم.

أهل عدن، الطيبون المسالمون، الذين علموا الأجيال معنى الكرم والشهامة، يستحقون أفضل من هذا المصير. يحتاجون إلى وقفة جادة، ليس فقط من المسؤولين، بل من كل فرد يشعر بالمسؤولية تجاه هذا الشعب العظيم. يجب أن نقف جميعًا إلى جانبهم، وأن نعمل معًا من أجل إعادة الأمل إلى هذه المدينة الجميلة.

عدن لا تستحق الاحتراق، وأهلها لا يستحقون الجوع. لكن يبقى الأمل موجودًا في قلوبهم، لأنهم يعلمون أن يومًا ما، ستعود عدن كما كانت، بل وأكثر ازدهارًا.