آخر تحديث :الأحد-28 أبريل 2024-02:11ص

حوار الـــبـراءة

الأربعاء - 21 فبراير 2024 - الساعة 03:04 م

علي ناجي عبيد
بقلم: علي ناجي عبيد
- ارشيف الكاتب




بقلم اللواء الركن علي ناجي عبيد


طلاب مدرسه حكومية عدنية في الصف الرابع إبتدائي في فترة الإستراحة كما هو هم الجميع لم يلتفتوا إلى اللعب كالعادة فكان همهم حرب الإبادة الجماعية  في غزة. سأل أحدهم أي دول عربية وإسلامية كان موقفها حازما ضد الابادة؟ أجاب أصغرهم جنوب أفريقيا والبرازيل الكل صرخوا نعم نعم أحسنت أحسنت أحسنت والله. 
إجتمع حولهم كل طلاب المدرسة المكتظة بالطلاب من الصف الأول وحتى التاسع فسألوا عن الحال، أوضح لهم السائل عن السؤال والجواب  ، حملواه على أكتافهم صارخين بحماس منقطع النظير تحيا دولة جنوب أفريقيا الاسلامية العربية، تحيا دولة البرازيل العربية المسلمة. عاش ويحيا ويحي رؤساها العرب الأقحاح المسلمون المؤمنون بالقرآن والسنة. 
إنبرى معلم عريق لتوضيح الحال بصوت واثق جازم بأن الدولتين ليستا بعربيتين ولا إسلاميتين، مع حب الطلاب وإحترامهم له مقابل جزمه ذاك أهدوه جزماتهم، كل واحد منهم أهداه فردة بغضب شديد. 
عادوا إلى منازلهم يعرجون أغلبهم مرتدون اليمين والقلة اليسار من فردات أحذيتهم الغالية على أهاليهم غير القادرين على التعويض. 
إقترحت إحدى الأمهات أن تتم دعوة لمجلس الآباء وكل الأباء والأمهات لمناقشة تعويض الأحذية بدء من جمع الفردات لدى الطلاب ومقارنتها ببعضها وإفهام الطلاب حول كيفية التضامن مع شعب فلسطين. 
لاقى المقترح المنشور عبر وسائل التواصل الاجتماعي مواقفة فورية من جميع الآهالي أباء وأمهات وإخوان وأخوات وحتى الجيران والأصدقاء ناهيك عن الأحفاد..؟ 
بشكل مبكر غير المعتاد بدأ التوافد والغالبية تحمل العلم والكشيدة ( الكوفية) الفلسطينية. 
بنشوة غير معتادة رحبت مديرة المدرسة ذات التاريخ النضالي اليساري مبتدأة بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله لم يثر ذلك إستغرابا فقد عُرف عن اليسار تعديل خطابه السياسي والحزبي والثقافي، مفتخرة بالحضور لتلبيةدعوة أصغر أبنائهم وأن تنفرد مدرستها الحكومية بهذه الظاهرة. 
هنا حصل رفع أيدي الإعتراص. منحت الفرصة للتوضيح. تنبري إحدى الأمهات سافرة الوجه وكأنها تقول ليس عندي عيبا أخفيه في وجهي شديد الجمال، موضحة بصوت واثق لا لا لا يا سعادة المديرة نحن نحضر تقريباً الإجتماع العاشر كإستجابة لفلذات أكبادنا الملتحقين بمدارس كثيرة  وأنتِ تعلمين  بأننا  الولودات الودودات، مضيفة ولكِ أن تفتخري بطلابك ومدرستك التي سارت على طريق الفخار، فبعد غزة ليس كما قبلها لنا ولكل العالم فصحوت الضمير العالمي أصبحت تيارا عالميا لا يقاوم. 
المديرة تكرر الترحيب داعية الحضور للإستماع إلى كلمة الطلاب. 
نهضت الطالبة نضال مكاوي التي عرفت من أحد الحضور بمجرد أن ذكرت إسمها أنا نضال مكاوي ليقاطعها هذه حفيدة المناضلة نجوى مكاوي،  صوت آخر أنثوي متهدج، منه قبل الوجه يُعلن عن سنين النضال والتكابد والإنتصارات والهزائم والتقدم والتراجع واليأس والأمل ليقول سبحن الله سبحان الله. هذي هي نجوى رفيقتي في النضال. 
صوت آخر يقاطع رضي الله عنك يا رضية شمشير ويرضيك ويشمشرك شمشار، تعلو الضحكات المشفوعة بالشحرجات والدموع والتصفيق. 
مديرة المدرسة تعلن بصوت واثق قائلة أقول لكم حاجة با تسمعوني شوية،قليل بس مكررة بس برجاء ناسية أنها معلمة اللغة العربية والمتعصبة بشكل كبير للغتها العربية، فجأة تذكرت حبها حد التعصب  للغة  العربية:  أيها الرفيقات أيها الرفاق  أيها السيدات أيها السادة.... سرت همهمة محورها النقلة السريعة من الرفيقات والرفاق إلى السيدات والسادة. 
فهمت المديرة السبب فارتفعت نبرة صوتها الخطابية الواثقة نعم نعم أيها الرفيقات أنها الرفاق فأنتم السادة في بلادكم فعليكم أن تصبحون وتمسون  تنامون وتصحون وأنتم سادة قراركم كمان هو حلم أولادكم وأحفادكم هؤلاء مشيرة إلى طلاب مدرستها المنشغلون والمهمومون بما يجري في غزة. 
يقاطعها التصفيق الحار الطويل جدا. 
ما أعطاها فرصة لاستعادة أنفاسها وترتيب أفكارها، تواصل أشهد أننا كنا نتلصص مكررة نتلصص ونحن بنفس سن أبنائنا هؤلاء إلى أحاديث نجوى وشمير وغيرها مع أمهاتنا حول دعم الثورة ضد الإستعمار ونلتهب حماسا للنضال مع عدم آستيعابنا لمفرداته كماهو حاصل بين طلاب مدرستنا الآن مع فارق تطور الوعي.... 
يقاطعها الطلاب تحيا جنوب أفريقيا العربية الاسلامة، تحيا البرازيل الاسلامية العربية..
يجتمع الجمع ولا يتفرق كل إلى غايته وكل منهم يردد تحيا البرازيل الاسلامية العربية  تحيا جنوب أفريقيا العربية الاسلامة. 
منقول بتصرف عن الأخ عبد الرزاق ناجي أبو علي حفظه الله ورعاه. 

  علي ناجي عبيد. 
عدن 
   19 فبراير 2024