آخر تحديث :الأربعاء-01 مايو 2024-10:10ص

عن توكل وفبراير والمأساة والاحلام العامة

السبت - 10 فبراير 2024 - الساعة 06:36 م

عبدالفتاح الصناعي
بقلم: عبدالفتاح الصناعي
- ارشيف الكاتب




ماحدث منذ إنطلاق أول شرارة فبراير قبل 13 عام حتى اليوم من تغييرات وتحولات هائلة قد يكون السلبي أكثر من الايجابي بكثير..
 ذكريات مريرة ومواقف مؤلمة ومحزنة على المستوى الوطني العام على مختلف أبعاده وانقساماته كلا يعيش المأساة من وجهة نظره ودوافعة الشخصية..
 الطرف الأول  مأساة سقوط نظام كان بكل علاته وسلبياته  مسيطر ويوجد حالة من الأمن رغم تفاقم الصراع ..ومؤسسات دولة موحدة رغم التقاسمات والمحسوبية  والفساد وشكلية المؤسسات..ومستوى الحيلة والمعيشية أفضل حالا من الآن بكثير رغم الارتفاع المستمر..

  والطرف الثاني ماسأة تبخر وتلاشي تلك الأحلام الجميلة والوردية لفبراير التي كانت قد تجلت بوضوح ..إلى السقوط المفاجئ في براثين الصراعات المعقدة والأنهيار المؤلم التي لازلنا نعيش كوابيسه.. وهذا بدوره انعكس على مستوى العلاقات الشخصية بمواقفها وعدواتها وتاييدها..
 
وقد نالت توكل الحظ الأكبر من السخط والنقد المبالغ به والعداء والاستعداء والمواقف المتشنجة ضدها من قبل الجميع بمختلف منطلقاتهم بحق وباطل وبالمزايدة والعدائية حد الإفترئ..وأهم التنوعات واختلاف المنطلقات والدوافع لهذه المواقف من داخل الطرفين الرئيسين للانقسام كتالي:
-الذين يعانون من صدمة وخيبة الحلم ولا قضية لهم مع توكل سوى صدمة ما نتج عن سقوط هذا الحلم ذلك الحلم انتكاسة هذا الجيل الذي ناضل في إطار فبراير بكل إندافاعاته فك موجها للأحزاب ثم لأهم رموز فبراير وعلى رأسهم توكل صاحبة الحضور الأكبر  ..
- السخط الشعبي العام على حالة الحرب والأنهيار بدلا عن ماكان قد تجلى من حلم وطني كبير كان قاب قوسين أو أدنى  وأوشك على التحقق ..فقد كان أن ظهرت توكل معبرة عن هذا الحلم كبطلة شعبية ووطنية وصلت العالمية معبرة عن نضال المرأة وطموح الشباب وتوق وأصالة وطموح وطن للحرية والحياة الكريمة ..حتى إن المواطن العادي وفي الريف اليمني كان يسمى بنته توكل في تلك المرحلة ..
-من رفاق ورفيقات فبراير لأعتبارات شخصية بالمبالغات بالنقد بانتقائية والصراعات الصغيرة بعيدا عن مراجعات حقيقة ونقد موضوعي وشامل في إعادة تقييم التجربة .

-من أصحاب المواقف العدائية والمتشنجة ضد فبراير بحد ذاته الذين يرون -بعدمية سياسية بأن توكل هي صنعة فبراير لإسقاط صالح- متجاهلين كل التراكمات والاحتقانات والتحول العربي الدولي ..متجاهلين بأن توكل كما يحسب لها موقف كبير في المظاهرات والمسيرات والتصلب الكبير مع احلام فبراير وسلميتها ومدنيتها ومحاولة إنقاذها من ابتلاع الأحزاب وسيطرتهم عليها..فكان نضالها مستميت  كمسالة حياة أو موت  في وقت رواغ فيها الناشطين ويأس ومل وتراجع الكثير.

 وهذا بمعنى أن لتوكل دورا كبيرا ومواقف حاسمة وواضحة ولكن لا يعني هذا بأي حال بأنها من صنعتها فالعوامل مختلفة ومتعددة ..
كما أن فبراير  التي كانت محاولة للخروج الآمن من التراكمات التي كانت على وشك الانفجار وكانت ستنفجر بأي لحظة سوء أتت فبراير وتوكل أو لا.

أما الأسباب الموضوعية الجوهرية لإنهيار هذا الحلم هي أسباب متعددة ومتشعبة على مستوى التراكمات والتعقيدات الداخلية في البنية الاجتماعية والسياسية  والتدخلات الدولية الغير مباشرة قبل المباشرة ..وكذلك أيضا هنالك أخطاء وقصور  يتحملها الشباب على الأقل في عدم اتخاذ مواقف متوازنة والقيام بأنشطة نوعية ..ويتحمل الجزء الأكبر في  هذا من كانوا بالواجهه والصف الاول لفبراير ..

ومن هنا فإن  توكل تأتي في ترتيب متقدم لهؤلاء بالرغم من محاولاتها والتعقيدات التي  واجهتها..ولكن في حقيقة الأمر فهذه التعقيدات كانت ولازلت أكبر من توكل وأكبر من الجميع ومع ذلك لايمكن تبرئة توكل من الاخطاء مع التفهم للتعقيدات والمحاولات ولكن نحن أمام المأساة العامة في غياب النقد الموضوعي بكل تجرد بعيدا عن التوظيف والمبالغات والاحقاد..

وبالوقوف عند أهم محطات توكل ونضالاتها بكل مالها وعليها حتى وصولها العالمية بجائزة نوبل للسلام والتي جأت في أشد مراحل توكل نضالا سلميا صعبا حين تركها الجميع بل بالأصح حاربها الجميع ولم يكن معها إلا ثلة من الشباب ..
وبكل مايحسب عليها من أخطاء صغيرة او كبيرة لاسيما في الخطاب السياسي -مع انه يجب الاخذ بالاعتبار بأن توكل كانت ولاتزال حقوقية وليس سياسية وبالتالي فلا يعنيها الخطاب الدبلوماسي وهي تنظر من الجانب الحقوقي -
فلازلت توكل الأكثر جرأة وشجاعة وقدرة على التأثير العام داخليا وإقليما ودوليا..
والأكثر تطور مستمرا في الأدئ والمحاولات  وارتقاء كل يوم نجاحات وإنجازات جديدة ومواقف وطنية عظيمة تحسب لها ..
والأكثر قربا وبعدا واختلافا واتفاقا من ومع الجميع ..
والأكثر قدرة على الحوار وحرية الموقف الذي يخرج عن النص ويتجاوز كل الحدود والخطوط  والتوقعات ..
والأكثر شجاعة على التراجع والاعتذار واحتوئ الشباب المستقلين والموهوبين والمثقفين والإلتفات لهم وتكريمهم..حين نساهم وتجاهلهم الجميع. .

كما يعدتيار توكل الأكثر تنوعا وطاقة وإبداعا وانحدارا من تيارات مختلفة ومنهم مازال متواجدا في داخل كل التيارات والانقسامات ..فالمتأثرين والمؤمنين بهالربما بما يفوقوا جحم العدوات ضدها..مع ان الأخير يعد إيمانا بها وتقديرا لحجم تأثيرها.
كما أن تجربتها هي الأكثر ثرى وتنوعا على مختلف المستويات الوطنية والدولية وتحظى باحترام دولي ..وتركز اهتماماتها على الداخل الوطني فخلقت مؤخرا انشطة اجتماعية وخيرية ..ومؤسسة إعلامية متميرة ..

وتبقى توكل بحاجة إلى مشروع سياسي وفكري حقيقي أكثر وضوحا وتجلي وبحجم اليمن وتأريخه الحضاري العظيم بالتجاوز والترفع عن كل الانقسامات والصراعات الصغيرة .. والاسهام في معالجتها وخلق بنية حقيقة للسلام الوطني ..ومع ان التعقيدات في  هذا هي مأساة الجميع ..ولكن الأمل في هذا على توكل هو أفضل من غيرها بألف مرة ..كما هي مطالبة أيضا في إيجاد مراجعة حقيقية وشفافة لفبراير بعيدا عن الشعارات والمبالغات..فتوكل اليوم غير توكل الأمس ..وعلى هذا أراهن ويراهن الكثير

عبدالفتاح الصناعي