آخر تحديث :السبت-27 أبريل 2024-08:19م

قراءة في كتاب الإصلاح لمؤلفه جوناثان وترجمة أشرف سليمان ( 3)

الخميس - 08 فبراير 2024 - الساعة 05:53 م

علي ناجي عبيد
بقلم: علي ناجي عبيد
- ارشيف الكاتب




عرض اللواء الركن علي ناجي عبيد الخبير العسكري والاستراتيجي 

قبل أن يولج المؤلف في عرض المشكلات العشر العسيرة أكد أن كل المشكلات يمكن حلها عمليا،إذ تمكنت مجموعة صغيرة من الزعماء الذين يفكرون خارج الصندوق ـ والذين أُستُخِف بهم ـ من التغلب على كل المشكلات وقال سأبين كيف فعلوا ذلك، في الفصول التالية. قبل ذلك دعى الى النظر إلى المشكلات ذاتها التي سماها بالعشر العسيرة وأضفت إليها الحادية عشر وهي لعنة الموقع.
            العشر العسيرة 
1..اللَّا مساواة :
اللا مساواة ليست ظاهرة جديدة وهي ناتج طبيعي للرأسمالية وتتداخل مع بقية المشكلات فهي نتيجة لبعضها وسبب لمعظمها،فهي تعزز الفساد وتديم الفقر وتثير الإضطرابات وتثير التطرف وتعمق حالة اليأس وتقوض ثقة الناس بالديمقراطية والسوق الحرة وتزيد من كراهية الأجانب،كما أثبتت الأبحاث الحديثة أنها ضارة بالصحة.
مع ذلك فهي في إزدياد مثلا في الولايات المتحدة يحصل أغنى 20 في المية من السكان على نصف إجمالي الدخل السنوي وعشرة في المية الأكثر ثراءعلى أكثر من ثلاثة أرباع ثروة البلاد وعلى الصعيد العالمي يسيطر �الواحد � في المائة الأسطوريون على أصول أكثر من بقية سكان العالم أجمع .في الوقت الذي تضاعف فيه الفقر المدقع �أي على دولارين في اليوم الواحد وأقل في أمريكا�.
  قُدِّم زيادة النمو على أنه الحل لكن أثبت الواقع بأن من يستولي على معظم خيراته هم الأغنياء.أما أسباب إنهيار الصلة بين النمو والمساواة ففُسِّر بالعولمة والأتمتة والفساد والتحول في البلدان الصناعية من التصنيع الى الخدمات المالية التي تفيد القلة من القمة.ومعها ترتفع درجات التفاوت التي تظهر بإنخفاض الحراك الإجتماعي(تنموا الطبقات الفقيرة وتضمحل الوسطى) الدال على إستمرار المشكلة.
يقول إن اللامساواة بحاجة إلى جهود عالمية جادة لمعالجتهامؤكدا أنه لأسباب مختلفة(لم يحددها) أُحرِز تقدم ضئيل للغاية في الولايات المتحدة أما في بلدان أوروبا فأعاد السبب إلى الأزمة المالية المستمرة التي لم تمكن الحكومات من الحفاظ على شبكات الأمان الإجتماعي.( خبراء إقتصاديون أعادوها إلى العولمة التي أدت إلى ظهور الرأسمالية المتوحشة).
أما في العالم النامي فإن المحاولات أدت إلى نتائج عكسية  بإتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء. مختتما بالقول: إن الناس يستشيطون غضبا في جميع أنحاء العالم.
 فماذا عن حالتنا المتصفة بحرب وفقر ونزوح وهبوط عملة وغلاء فاحش وفساد فالفجوة تزداد وتزداد ليس بين الرأسمال والناس بل بين أمراء حرب وطفيليين وفاسدين يستولون على المال العام. فماذا يُنتَظر؟  المبادرة بحلول ملموسة أو... الله يستر. 
2..  الهجرة: 
يتحدث المؤلف عن الهجرة من الجنوب الفقير إلى الشمال الغني من البلدان الفقيرة غير المستقرة إلى الولايات المتحدة وأوروبا. كان من الممكن تجاوز هذه المشكلة من الإستعراض إلا أننا في حالة عجيبة غريبة، إذ نحن بلد مهاجر منذ القدم وفي العقود الأخيرة مُستَقبِلا لهجرات تحديدا من دول القرن الإفريقي الصومال ولم تزل على أشدها من أثيوبيا فأينما ذهبتَ تراهم جماعات أمامك في الريف والمدينة لذا رأيت المرور السريع على هذه المشكلة التي نعاني منها في الإتجاهين ذهابا وإيابا توديعا وإستقبالا. 
فماذا قال المؤلف عن هذه المشكلة أمريكيا وأوروبيا؟
يفتتح بالقول وفجأة في صيف العام 2015،أصبح التدفق المزري للاجئين والفارين من الفقر والفوضى في الشرق الأوسط وأفريقيا كما الطوفان،مما يُعد أكبر هجرة جماعية منذ الحرب العالمية الثانية.( لم يقل ناجمة عن ما سمي بالربيع العربي الذي لم نزل ومعنا بلدان عربية عديدة تعاني من ويلاته و....).وأضاف اتجه معظم المهاجرون إلى أوروبا،فأكثر من مليون نسمة دخلوا ألمانيا حيث هبت موجا معاداة المهاجرين وأثار نعرات عنيفة بين قادة القارة مما زاد من تآكل نسيح الإتحاد الأوروبي الممزق فعلا.يقصد هنا بسبب الرفض اللامعقول لتلك الهجرات ومعها رفض هجرة من يريد الإنتقال إلى بلاد تتوفر فيها سبل عيش أفضل وإن كانت بلاده لا تعاني من الحروب والفوضى.
ينتقد تلك السياسات التي كانت خافتة في الولايات المتحدة وأوربا حتى جاهر ترامب كمرشح للحزب الجمهوري� بالعداء السافر للمسلمين بذريعة الإرهاب وإلقاء إنتقادات لاذعة على السود واليهود والمكسيكيين والآسيويين �والذي كان يعزف على وتر جزع البيض وتعصبهم وإعلانه ثم تطبيقه إجراءات قاسية ضد المهاجرين .حتى أنه وصفه بشبه الفاشي. الذي جاراه الكثير ممن كان يفترض أنهم عقلاء،كماانتشر تأثيره ذاك بدوره إلى أوروبا.
ينتقد المؤلف تلك السياسات تجاه المهاجرين بشدة  بل  ويصف الهجرة  بالإيجابية بالنسبة للبلدان المستقبلة ويضرب أمثلة مستندا إلى دراسات سأنقل منها التالي:
1.أن معظم البلدان الصناعية تعاني من الشيخوخة وهي بحاجة إلى الهجرة الشابة، إذ ستحتاج أمريكا وأوروبا للحفاظ على نسبة نمو متواضع 3 في المائة إلى خمسين مليون مهاجر لكل منهما(ماءة مليون)خلال الخمسين السنة القادمة.
2..أن 60 في الماءة من كبريات شركات التكنولوجيا في وادي السليكون يديرها مهاجرون.
3.. أن المهاجرين لا يسرقون الوضائف أو يخفضون الأجور بل بالعكس قائلا إذا أضْفَت الولايات المتحدة الطابع الرسمي على حالة العمال غير المسجلين فإن إنتاجيتهم العالية ستؤدي إلى زيادة في الدخل الشخصي بمقدار 30 إلى 36 مليار دولار المولدة ل 5.4 مليار دولار عوائد ضرائب.
4.. أنهم طموحون وأقل مخالفة للقوانين.
يؤكد بأن إتباع تلك السياسات الخاطئة والسخيفة تجاه المهاجرين في كل من الولايات المتحدة وأوروبا أدت إلى خلق توتر وإشكالات إجتماعية وتطرف إنتقلت آثاره إلى معظم البلدان.
لم يتطرق في عرضه لهذه المشكلة إلى المعالجة في بلدان المنبع للهجرة تاركا إياها إلى فصول الكتاب اللاحقة التي تدرس تجارب بلدان محددة قادها رجال مبدعون � يفكرون خارج الصندوق  �أي خارج آديولوجيا وسياسات أحزابهم والتقليدي المألوف والمتوارث من السياسات والبرامج والطموحات الهوجاء  التي لم تؤدي إلا إلى التداعي والإنهيارات المؤسفة وما اليمن إلا أحد أبرز ضحايا.
الهجرة بالنسبة لبلادنا منذ القدم وهي �السعيدة � والهجرة لا علاقة لها بالسعادة على مرالتاريخ وكما هو اليوم.فأين هي السعادة؟ فعلا غائبة لكن ليس من المستحيل صناعتها إن توفر عامل إعمال العقل فبلدنا غنية بكل شيء  وهذا الكتاب يعرص تجارب ناجحة لبلدان نهضت من تحت الرماد وصنعت السعادة مثل رواندا.
هناك مشكلة الهجرة المستمرة من البلاد وتميزت الحالية بشمولها أهم الخبرات التي تأهلت في الداخل والخارج على حساب البلاد في كل المجالات، فلا بد من البحث عن الحلول الملائمة. 
أيضا مشكلة الهجرة من القرن الإفريقي، لاشك أنها محط إهتمام المجتمع فدائما نقرأ عنها الكثير من التقييم وإقتراح الحلول،لكن الجهات المعنية يبدو أنها غير مبالية بتلك المشكلة. نجدها فرصة لتوجيه الدعوة للوقوف أمامها وإستنباط الحلول المناسبة.
وإلى اللقاء في حلقة قادمة بعونه تعالى.