آخر تحديث :الإثنين-13 مايو 2024-11:14م

هل صحيح كانت الجبهة القومية خيارًا بريطانيًّا؟

الأربعاء - 03 يناير 2024 - الساعة 11:18 م

ناصر علي الحربي
بقلم: ناصر علي الحربي
- ارشيف الكاتب


نعم، أقولها بأمانة، ومن معرفتي عنقُرْب ومعايشتي لتلك الأحداث، لأنّها حقيقة أقولها، على الرغم من أني كنت عضوًا فيالجبهة القومية، وبعدها عضوًا في الحزب الاشتراكي.  فعلًا كان قرار تسليم السلطة في الجنوب للجبهةالقومية هو خيار بريطاني وليس مَحَبَّة في الجبهة القومية، وإنَّما للانتقام منها،فهي الجبهة التي كبَّدَت بريطانيا خسائر فادحة، وأجبرتها على الجلاء.

أمَّا أسباب ذلك فقد فسَّرها الكثيرونبمَن فيهم الحزب الاشتراكي الذي أصدر تعميمًا مُوضِّحًا فيه بعض الأسباب المنطقيةلهذا الخيار البريطاني ومنها:

أوَّلًا: عدم تمكُّن البريطانيين منتهيئة حكومة الجنوب العربي لاستلام الجنوب.

ثانيًا: عدم رغبة بريطانيا في تسليمالجنوب لجبهة التحرير، لأنها ترى أن قوة جبهة التحرير في علاقاتها بحكومتيالجمهورية العربية اليمنية وجمهورية مصر العربية، وذلك سيؤدِّي إلى تشكيل تحالفسيُشكِّل خطرًا واضحًا على بريطانيا وحلفائها في المنطقة.

ثالثًا: اختيار الجبهة القومية كقوة فاعلةغير مدعومة خارجيًّا، ولكن بوضع العقبات والعراقيل الاقتصادية أمامها، وهي تلكالتي ذكرتها سَلفًا في التحضيرات السياسية والأمنية التي قامت بها بريطانيا فيالنصف الأول من عام 1967م.

وتكمن هذه العقبات والعراقيل في اصدارقرارات بريطانية بتضخيم القوات المسلحة والامن والجهازالاداري للدولة انشاء القوى الجوية والدفاع الجوي والقوى البحرية والدفاعالساحلي وزيادة خمس كتائب مشاه الى الجيش ومضاعفة الرواتب الشهرية للقوات المسلحةوالأمن والجهاز الاداري للدولة وسحب كلما هو رصيد في بنك عدن من عملةصعبة ومنها 60 مليون جنيه إسترليني.

ظنَّت بريطانيا أنها وبهذه المعوقاتالاقتصادية التي ستتركها للجبهة القومية بعد الاستقلال ستكون الجبهة عاجزة عنالاستمرار، وأنَّها أي الجبهة ستكون بحاجة لبريطانيا لإنقاذها، بعد حصار كانتتتوقعه بريطانيا من السلطات اليمنية والمخابرات المصرية في اليمن الداعمة لجبهةالتحرير على السلطة الحديثة في الجنوب.

كانت تظُن بريطانيا أنَّها ستخرج منالباب وتعود من النافذة.  إلَّا أن الرياحتأتي بما لا تشتهي السفن، فذلك ما لم يتحقق لبريطانيا أمام المتغيرات المفاجئةالتي شهدتها أراضي الجنوب في 22 يونيو 1969م وما بعدها، عندما نجح المتطرفون فيسُلطة الجبهة القومية في الانقلاب على رفاقهم (قحطان الشعبي ورفاقه)، واتجهوابالبلاد نحو الاتحاد السوفيتي والدول الاشتراكية الأخرى.

لقد مَرَّ الجنوب بظروف صعبة خلال تلكالحقبة الزمنية، فخطوة 22 يونيو التي ظننا أنها تصحيحية برهنت الحياة بأنها خطوةانقلابية أسَّسَت لصراعات وأحداث دموية لا زال الشعب الجنوبي يعيش آثارها وآلامهاحتى اليوم، وحَرَّفَت الثورة عن مسارها.

شعب صامد وصبور، فهل سمعتم عن شعب تضيقبه الحياة المعيشية، وبَدَلَا مِن أن يُطالب بتحسين ظروفه يخرج في مسيرة بالآلافليهتف/ تخفيض الراتب واجب.

من ذكرياتي مشاهدة الحرب الأهلية التيدارت بين الجبهة القومية وجبهة التحرير في منطقتَيّ الشيخ عثمان والقاهرة، وسماعخُطب العلَّامة محمد سالم البيحاني التي أسهمت في تهدئة الاقتتال بين الإخوة.

بعد الاستقلال وتحديدًا في أول مارسعام 1968م، استدعونا إلى طابور لاستقبال وزير الدفاع علي سالم البيض، الذي ألقىمحاضرته بحضور قادة الجيش في ميدان الجيش في أبي عبيدة، وخاطبنا بالالتزام العسكريالواعي الثوري، وكلام استفز مشاعر القادة، وكانت من الخطب التي كانت نتيجتها حركة20 مارس التي اُعتُقِل فيها عبد الفتاح إسماعيل والبيض، وغادرا عدن بعد السجن إلىالمكلا ليُصدرا صحيفة الشرارة تيمُّنًا بلينين وصحيفته إكسترا (الشرارة) التيأصدرها أثناء نفيه إلى فينلندا.