آخر تحديث :الإثنين-06 مايو 2024-01:03م

نحن وأكذوبة العلاوات

الثلاثاء - 12 ديسمبر 2023 - الساعة 11:57 م

عبدالجبار ثابت الشهابي
بقلم: عبدالجبار ثابت الشهابي
- ارشيف الكاتب


 

عبدالجبار ثابت الشهابي

ما يسمى بالعلاوات السنوية؛ التي تزمع الحكومة دفعها للموظفين في جهازها الإداري، والقطاعين العام والمختلط، هي في الواقع لا تعدو عن كونها مجرد أكذوبة تريد أن تضحك بها على ذقون موظفيها، هكذا، مع سبق الإصرار والترصد، وعلى قول القائل:(ومن قرح يقرح). 
وأصل الحكاية أن الذين قاموا بكتابة السيناريو، ونهضوا بعملية الإخراج؛ كانوا أشبه بذلك المؤذن اليهودي؛ الذي استاجره أهل مدينة حمص ليقوم بأداء شعيرة الأذان، لأنهم وجدوا فيه أن صوته الجميل يليق بمكانة حمص
وأهلها، فكان يقول: أشهد أن المسلمين يشهدون أن محمدا رسول الله، وهكذا فهؤلاء الذين قاموا بصياغة حبكات، وتفاصيل هذه العلاوات/الأكذوبة، هم أصلا لاصلة لهم بهذه العلاوات؛ ولا بهيكل أجورنا؛ لأنهم إما على هيكل خاص بهم، وإما أنهم يستلمون رواتبهم بغير عملتنا المحلية، فهم بمنأى عن أي مضار قد تصيب الناس جراء عملهم الذي ضربوا به معيشة الموظفين وأسرهم في الصميم، وأخرجوهم بعملهم هذا من الماء صوما (بتضعيف الواو) وكأنك يا أبا زيد ماغزوت!! 
لقد أذن هؤلاء المؤذنون على رؤوسنا، وهاهم يدعون أنهم سيسلموننا مستحقاتنا الضائعة من العلاوات، لكنهم لم يسألوا أنفسهم، وهم يستلمون رواتبهم بما يناسبهم وأسرهم من العملات الصعبة.. لم يسألوا أنفسهم عن ماهية هذه العلاوات؟! وما حجمها؟! هل تتناسب على الأقل مع ما التهمته التعويمات من قيمة هذه الرواتب خلال الأعوام السابقة؟! 
فإذا كاتت هذه العلاوات تبعد بعد المشرقين عن تعويض القيمة الفعلية للرواتب عام 2014م فقط؛ فعن أي علاوة يتحدث من صاغوا هذا السيناريو، ومن نهضوا بهذا الإخراج السقيم، الذي شهدوا فيه زورا وبهتانا أنهم صنعوا لنا هذه الجداول المعطوبة، على أنها العلاوات المتتظرة، والخقوق المعتبرة؛ لأهل الحقوق، المنكوبين بهذا العمل الظالم. 
وإذا كان هذا العمل الظالم لم يحقق حتى أدنى تعويض للقيمة الفعلية لما كان يدفع عام 2014م؛ فأين هي إذن هذه العلاوات السنوية؛ التي لم تدفع لنا حتى بأثر رجعي، كما ينبغي، ولا امبريالي، والتي سيحتسبها التجار زيادة في الرواتب، وسيتهافتون في ظل غياب المحاسبة الحكومية لنهب ماحصل، وما لم يحصل فنقع جراء هذه الكذبة في مصائب، ونكبة إثر نكبة؟!!
لهذا قلتنا: إنها مجرد كذبة سوداء على الذقون، لاتستحق حتى مجرد الذكر، ذلك أن نصف راتب الحوثي، المنقلب على الشرعية، الذي يتقاضاه الموظف هناك؛ يعتبر لرخص أسعارهم أفضل من هذا الراتب المرفس بالتعويمات المتواصلة، وأطماع التجار؛ التي جعلت من ريالنا في مناطق الشرعية مجرد قراطيس؛ تتلاعب بها الرياح في الأسواق، شرقا وغربا، ولاسيما بعد ان وصل سعر الدولار إلى أكثر من 1500 ريال في مناطق الشرعية، فيما هو في مناطق الحوثة لايكاد يتزحزح عن سعره عام 2014م إلا في النادر. 
لقد كان الأجدر بالمختصين اتخاذ مايلزم لمعالجة المسألة الاقتصادية من الأصل، بتفعيل المؤسسات، والشركات، والموانئ، وحقول إنتاج النفط والغاز، والمعادن، وتحريك عجلة العمل بمصافي الزيت، وغير ذلك، وعقد مايلزم من الاتفاقات مع الدول والشركات؛ لتحريك العملية الانتاجية، وتشغيل العاطلين عن العمل، ذلك أن عملا جريئا كهذا سيكون من شأنه إعادة الاعتبار للعملة المحلية، وأن عملية صرف مستحقات العاملين لن تكون سوى تحصيل حاصل، والأهم أننا لن نظل كما نحن عليه مادين أيدينا للٱخرين، وعلى الأقل كما يفعل الحوثة، الذين يستفيدون أصلا من كادر الدولة المغتصبة، وقوانينها. 
إن بقاءنا عالة على الٱخرين؛ لن يكون من شأنه سوى المزيد من الفشل، والضياع في دهاليز الديون، وديون الديون.. نقول ذلك قبل أن تحل بنا الكوارث المدلهمة.. وقبل أن تسقط البلاد في مستنقعات الإفلاس، فهل من مستمع يستوعب ويعقل؟! وهل من مجيب يفهم ويبصر ..؟!