آخر تحديث :الإثنين-06 مايو 2024-02:32ص

متى نحيا الرحمة والإيثار؟!

الإثنين - 04 ديسمبر 2023 - الساعة 10:53 م

عبدالجبار ثابت الشهابي
بقلم: عبدالجبار ثابت الشهابي
- ارشيف الكاتب


 

عبدالجبار ثابت الشهابي

مسكين من لايجد قوت يومه إلا بشق الأنفس، لأنه وإن ضاعف جهوده؛ سيظل يجري دون جدوى، فما أن يراه الناس، وفي المقدمة رئيسه في مرفق عمله، وزملاؤه؛ حتى يبدأ الحسد، والاستكثار،  ثم التعليقات: هذا لايشبع، كم ستأكلي يادودة، جهنم لاتشبع، ستموت وستتركها لمن؟! 
هذا كله، وهو لايكاد مع ذلك يصل إلى لقمة الخبز والفاصوليا، أو الفول المخصص أصلا للحيوانات، لا للبشر، وهذا كله ومطالب البيت في ظل هذا الغلاء، وسيادة عقلية الانتقاص، والتطفيف؛ لاتنتهي، ومطالب المدارس لاتتوقف، ومطالب أم العيال في بعض البيوت تهد الجبال. 
أما إذا كان هذا الٱدمي قد ابتلاه المولى تبارك وتعالى بالأسقام، وهو عزيز النفس، يكره الشكوى، وذكر ماأصابه من البلوى، كما يفعل البعض، من عرض الحال على الناس، فيداري ألمه، ويكتم سقمه، محتسبا ما أصابه عند الله، فإن هذا الإنسان لن ينجيه؛ إلا أن يكون ذا يقين بالله وإيمان، مالم فإن القلوب مجدبة، والمعاملات متعبة، ومن سيقرأ خطك في الغوغاء؟! و.. يافصيح لمن تصيح؟!! فكيف إذا كان هذا الإنسان المبتلى ممن ألغوا مهارة الإفصاح، والنواح، واقتنعوا بالمتاح؟! 
من لمثل هذا المبتلى؟! رئيسه لا يرى له حقا، وإن رأى له حقا؛ فدهاليز التسويف؛ مدفن مخيف.. تعال بكرة.. ارجع (بعدين) المدير غادر.. بكرة لابأس.. المدير (ماجاش) سافر لندن..(شجلس) شهرين.. خذلك قرضا..(شوف الدكان) يا نور العين.. طردوا الأستاذ..(شيجي أستاذ).. صبرك صبرك.. باقي شهرين.. ارجع بكرة.. ارجع (بعدين).. طول بالك.. باقي يومين، و.. يااللي صبرت ستة، زيدي شهير عمرك!! 
أما كيف سيعيش هذا الٱدمي في هذي المهزلة؛ فلا أحد يسأل، الأهم أن المدير يتقاضى كل شيء، وفوقه مايستحق، وما لايستحق.. له، و(لجوقته) أما العامل، فالصبر جميل!! 
أما إذا لم يجد قيمة الدواء، فمات، فكلنا سنموت!! الرد جاهز، والصد جاهز، والألسنة تطول، ولكل حدث حديث،  ولكل جدث وريث، وأما القبر، فلا قبر.. يدفنون هذا، وبعد عام؛ يرمون بعظامه، أو يدخلون عليه في قبره ضيفا جديدا.. قبل، أو عساه لايقبل. 
وهكذا هي عيشة، ومعيشة الإنسان في هذه الظروف.. فما لم يكن عندك عصا (تهاوش) بها، فما عليك إلا أن ترضى، أو تقبل، أو تخضع.. ليس لك إلا هذا مادمت مسكينا لا عصا لك، وإن شئت غير ذلك؛ فقل من أنت؟! أما البشر في هذا الزمان؛ فلا رحمة، ولا إيثار، يريدون العدالة لأتفسهم، لكن لأنفسهم فقط، فإذا كاتت لغيرهم؛ حكموا التطفيف، و(أنا حر بمالي) وباختصار:حقي حق، وحق الناس مرق!! 
حال مؤسفة، وعقلية مقرفة.. لايحكمها عقل ولا عقال، حتى لو أن هذا المسكين مثلا قد كتب الله عليه الموت يوم الجمعة؛ لاستكثروه عليه، ولقلبوا أيديهم أسفا:لماذا الجمعة؟! لم لم يكن غدا السبت؟! او الأحد، ولا تستبعد أن تسمع قائلهم يقول: أيعقل هذا؟! أفقير، ومسكين، ويموت في يوم الرحمة الجمعة!! لا.. هذا كثير!! كثيييير!! 
وباختصار شديد.. من سيرحم من إذن..؟! إذا نحن كرهنا الخير لغيرنا.. إذا كنا نحن غير راضين حتى برحمة ربنا؛ إذا ظللت روح المسكين، وحفت على الفقير، المعدم.. إذا كان الكره، والحقد، والأنانية طبعنا، وسجيتنا، وإذا كان الحسد ديدننا؟!! كيف سنعيش أخوتي؟!! وكيف بعدها سيرحمنا الله؟!