آخر تحديث :الجمعة-03 مايو 2024-03:36ص

دروس غزة المجانية وكيف تستفيد اليمن منها

الأربعاء - 29 نوفمبر 2023 - الساعة 12:00 ص

خالد شرفان
بقلم: خالد شرفان
- ارشيف الكاتب


الإنسان لا يموت دفعة واحدة بل يموت أجزاء أجزاء حتى يضمحل وينتهي، يموت فيه أولًا شغفه واندفاعه وحماسه ورغباته وأحلامه بالأشياء حتى تتوقف اعضائك عن الحركة أنه الجزء الأخير من الموت وخاتمته وليس من العدل أن ينسب الرثاء والعويل إلى ذلك الجزء تاركين تلك الأجزاء ترحل دون عزاء.

كل يوم وكل دقيقة يزور الموت شوارع غزة خاطفًا طفلًا أو كهلًا أو امرأة وليس لهم سوى السدر والكافور وقطعة قماش أبيض يلفونهم بها.
ونحن في خضم الأحداث الغزيرة المتوالية التي تاتينا من غزة وسباق القنوات الفضائية على سبق النقل لفت انتباهي سؤال أحد الصحفيين وهو يسأل طفل كان عمره 9أعوام تقريبًا عن ماهي أمنياته حينما يكبر في المستقبل؟فكان الرد المزلزل من قبل الطفل وهو يقول : نحن أطفال غزة (كله قصف) أحنا مبنكبرش أحنا بنموت!

تخيل ونحن بزمن المصلحة والكذب والنفاق والرياء بزمن الخيبات والخيانة والخذلان بزمن التصنع والازدواجية  والمشاعر كل العالم وقف على أصابع قدميه داعمًا وناصرًا ومويدًا ومعينًا لدولة الكيان الإسرائيلي وحسب!.
يشرعون لاسرائيل أن تفعل ما أرادت وكيفما شاءت وكما يحلو لها في الزمان والمكان  فهي لديها حجج هي "تدافع عن نفسها"! وأن  تستثنى من تطبيق القوانين واللوائح عليها، ولاتمسها القرارات التي نصتها بلدانهم فهي فوق القانون.. بل هي القانون نفسه!،  بالمقابل
إذا ما ثأرت المقاومة الفلسطينية بكافة فصائلها لتحرير أرضها واستعادة كرامتة شعبها سرعان ماتلصق لها التهم المفصلة والجاهزة وتنعت بصفات الحيوانات البشرية والدعشنة وأخواتها.

ولكن سنون الحصار المفروض على القطاع أوجدت جنود مقاومون حفاة استطاعوا تأديب إسرائيل بطريقتهم، يملكون سلاح بدائي ومحلي استطاعوا  من خلاله تركيع وتمريغ أنف إسرائيل في الوحل، إسرائيل التي لايجرؤ أحدًا مسها بشيء وهي التي تملك أعتى جيش في المنطقة وأقوى ترسانة سلاح متطورة جعلوها تذعن وتخذع لشروطهم ويرغموها على النزول من الشجرة لهو والله لشيء خرافي وإعجاز سيسطره التاريخ في أنصع صفحاته بأحرف من نور ولن يطمسه الدهر، وإلّا كيف تبدو المعجزات أن لم تكن هذه معجزة !

فوضى عارمة ووحشة في الصدور لهذه الحرب الظالمة التي لا تنتهي، غزة تُباد غزة تُحرق لاشيء هذه الأيام يستحقه أهلها عدا الدعاء لهم، روح مثقلة وحياة بلا حول منا ولاقوة، أي معنى قد يمكننا الآن والروح تتألم من كل جرح غائر ينزف وكل آه من ام ثكلى تنعي شهيدها.

باتت مساحة مقابر غزة أكبر بكثير من حدائقها، الناس هناك تموت، نعم أعلم أن الحرب ستننتهي ولكن ستخلف علامات الندوب وغصص الألم والحسرة على صمت العالم وكمية التخاذل من ذوي القربى، تخيلوا طفل فقد كل أفراد أسرته وبقي هو الوحيد الذي نجي من القصف كيف يمكنه نسيان ذلك أو التأقلم مع ذلك!، أو أب أسرة نجي وأفراد أسرته ارتقوا شهداء كيف سيستمر في الحياة بنفس الوتيرة ما قبل 7 اكتوبر!.. حقيقة هول البقاء ناجيًا أصعب بكثير من اللحاق بركب الشهداء.

قلبي يكاد يتفطر كلما شاهدت أحداث غزة والإبادة الجماعية والقصف العبثي الهستيري للصهاينة الإسرائيليين وهم يتلذذون على جماجم وجراح القطعة الهامة من جسد الأمة "غزة". دول العالم المستكبرة لديهم أموال للحروب لكنهم لايستطيعون إطعام منكوبي غزة، وليس لديهم الوقت الكافي لسماع النداءات الواردة التي تتوالى من هناك "تجاهلًا" منهم بكل تأكيد مع سبق الإصرار والترصد، في النهاية أيقنت وبما لايدع مجال للشك بأننا نحن في اليمن لا حلول  ولا مخرج سيأتينا لأزمتنا على طبق من ذهب من دول الطغيان المتغطرس حبًا منهم ورحمة وشفقة ورأفة لسواد أعيننا بل على النقيض فهم من غذا الصراعات السياسية الداخلية وأشعل فتيل التوترات والأزمات السابقة واللاحقة، وهم من يسعون على  زيادة أمد الحرب إلى ماله نهاية، لذا فيجب أن لانعول على شيء اسمه مجتمع دولي ولا أمم متحدة ولا حتى إلى أقرب الأقربين لنا فالجميع ادوات فقط، الجميع يتفرج للنار اليمنية التي توقد من رفات الشعب، حرب عمرها عقد كامل من الشقاء وسوء القضاء ولا كأن الأمر يهم ويتألم له العالم، بل إن الألم والعذاب والنزوح والتهجير مقتصر على اليمني نفسه، ولو استمرت الحرب ألف عام لن يأتينا أحدًا من الخارج لحل مشاكلنا حتى وإن ادعو ذلك، وعليه يجب ردم هوة الخلافات بيننا وتحكيم العقل والمنطق والنزول من البرج العالي لما له من مصلحة المواطن الغلبان الذي همه كيف يوفر لقمة عيش يومه، الحقيقة التي لامناص منها هي أن الشعب لم يعد  يأبه لمن تكون الغلبة ( لزيد أو لعمرو) بقدر ما يهمه كيف يأكل ويشرب وينعم بأمان وهو في بيته.