آخر تحديث :الثلاثاء-15 أكتوبر 2024-02:51ص

ما لا تعرفه عن الشيخ المغدور (محسن صالح الرشيدي اليافعي)

الإثنين - 20 نوفمبر 2023 - الساعة 05:08 م
مختار القاضي

بقلم: مختار القاضي
- ارشيف الكاتب


الحياة عبارة عن مسرح كبير يؤدي فيه الإنسان دوره حسب ما يسره الله له وكل ميسر لما خلق له فمن الناس من هو يعطي ويبذل جهده بلا مقابل من أحد، بل يفعل ذلك لله ثم خدمة للبشرية والإنسانية في المقام الأول والوطنية في المقام الثاني، وهناك من يبذل عطاءه مقابل نفع شخصي محدود الأثر وهكذا التنوع والتعدد في أعمال الخلق هو من حكمة الله لاستمرارية الحياة التي هي عبارة عن نهر غزير لا يعود إلى الوراء أبداً.

 

صاحب القصة الرجل الحاضر الغائب الشهيد /الشيخ محسن صالح الرشيدي” رجل  قد يعلم عنه الكثير ممن عايش أيامه الخوالي وقد لا يعرفه البعض الآخر خاصة من الأجيال المتأخرة ولكن من خلال تسليط بعض الإضاءات وتسطير المواقف النبيلة له  في سالف أيامه التي عاشها قد ترسم للقارئ صورة ذهنية  مليئة بالبذل والعطاء والتضحية والفداء وفي أجلّ معانيها، الشيخ /محسن الرشيدي عرفته مناطق ومحافظات عديدة بدءاً من تلك البقعة المباركة قرية لقمر آل رشيد بمديرية يافع محافظة لحج أرض الخير والكرم ونصرة المظلوم ” فهي مسقط الرأس ومنشأ الطفولة والصبى والتعليم حيث ترعرع في أكنافها الشيخ/ محسن الرشيدي وعاش ريعان شبابه غضاً نضراً يافعاً ، ولا يخفى عليكم أنه من سلالة أسرة كريمة ومباركة فوالده هو صالح الرشيدي، ويقال في اللغة أن المعروف لا يعرف، ولكن أذكر هذا من باب فذكر إن الذكرى تنفع المؤمنين  وأيضاً من باب وضع النقاط على الحروف لحياة شخص له مواقف إنسانية نبيلة ووطنية عظيمة .

 

عاش طفولته في كنف والده الشيخ/ صالح الرشيدي حيناً من الدهر حتى شبّ وقوي عوده وقد تربى في بيت كثير الفضل والحكمة فأكسبه ذلك رجاحة في عقله واستقامة في أخلاقه لأنه استقى من معين لا ينضب من الحب والرعاية فكان مثالاً وقدوة..

 

ومع مرور الأيام أظهر هذا الطفل - وفي وقت مبكر - مقدرة  في شق طريقه للحياة وكان يمتاز رحمه الله بخصال كثيرة، منها بشاشة الوجه وطلاقة المحيا وله من القوة في تحمل وامتصاص غضب  خصومه الشيء الكثير ولا يثور إلا فيما ندر مما أكسبه ذلك قبولاً لدى الكثير ممن تعاملوا معه وهو صاحب النكتة الظريفة والسريعة ولا يمل جليسه من خفة الظل وحلاوة المعشر وحب المزاح ومن يسمع مزاحه لأول مرة  يظن أنه ليس له جدية بل بالعكس هو رجل يتعامل بمبدأ ” لكل مقام مقال” أما في مجال الكرم فحدث ولا حرج فهو مضياف من الدرجة الأولى، فضيافته لا يحدها زمان ولا مكان فلك أن تعيش في بيته عزيز مكرم تأكل وتشرب إلى ما  تشاء وليس ذلك حصراً على أقاربه ومعارفه بل أن بابه مفتوح لكل من يأتي ولو كان عابر سبيل، وكل ذلك بلا منٍّ  ولا أذى. كما أنه لا يتأفف لا بتلميح ولا بتصريح مهما طالت مدة المكث وكلنا يعلم “الضيافة ثلاثة أيام” ولكن الضيافة عند الشيخ/ محسن صالح الرشيدي بلا حدود حتى يكون الضيف هو الذي يمل ويرحل وهذه من الخصال النادرة في بني البشر، وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم، وفي الشجاعة له باع وعند الضرورة مقدام  محسن رجل خصه الله بخصال فريدة، وكثيراً ما يحسن الظن بالناس لمن يعرض عليه الشراكة خاصة في الجانب التجاري وهذا كان يسبب له الكثير من المواقف الصعبة والحرجة وعانى كثيراً من تبعاته.

 

ومن أعجب ما كان يمتاز به -رحمه الله – الرحمة والإحسان بالفقراء وحب المساكين خاصة ممن لا يوجد لهم عائل أو كافل وقدم الدعم للعديد من المناطق الفقيرة ومدهم بمشاريع المياه وشق الطرقات وبناء المساجد وكذلك في جانب التعليم إضافة إلى مشاريع كسوة الأيتام وكذلك توزيع السلال الغذائية

 

- موقف مشرف في دعم الكفاح المسلح للثورة الجنوبية2007

نعلم جميعاً أن الشعب هو الداعم الأساسي لأي ثورة تحررية ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يحقق الجانب العسكري شيئاً من الانتصارات بعيداً عن الدعم الشعبي فهم الوقود لاستمرار الثورة وتحقيق النصر على الأعداء.

 عند قيام الثورة الجنوبية عام 2007 للمطالبة في استعادة دولة الجنوب العربي كان لصاحبنا محسن الرشيدي موقف بطولي تجلى من خلال مساهمات متعددة للثوار فكان له نشاط كبير في دعم الثوار حيث كان يمدهم باحتياجاتهم الضرورية لاستمرار نضالهم السلمي.

 

انشاء سوق المحمل وحب الشيخ محسن لأبناء يافع

ظلت مديريات يافع بمحافظة لحج مسقط رأس الشيخ/ محسن الرشيدي محرومة من الخدمات التسويقية والفندقية والطبية، وتكبد المواطن اليافعي خلال تلك الفترات الكثير من العناء والمشقة في سبيل الحصول عليها تمثلت تلك المعاناة بالسير وقطع المسافات الطويلة الى العاصمة عدن، وكذلك تكبد شراءها بأسعار خيالية تفوق قدرة المواطنين الشرائية خصوصاً بعد أن ألقت الحرب بظلالها على حياتهم المعيشية، وتسببت بمعاناتهم أكثر، وبفضل من الله ثم بفضل الشهيد الشيخ محسن صالح الرشيدي الذي قام بإنشاء سوق المحمل التجاري الدولي كسوق متكامل يوفر كافة الخدمات لأبناء المنطقة، مثل الخدمات الطبية والفندقية والتسويقية.

 

- اليوم المشئوم في تاريخ يافع

وبعد كل ما قدم الشهيد الشيخ/ محسن صالح الرشيدي للوطن تعرض لكمين مسلح غادر أودى بحياته هو ونجله علي محسن واثنين آخرين في سوق المحمل وكان المخطط القضاء على الشرفاء والمناضلين في الوطن، وكذلك ضرب الحركة التجارية والاستثمارية في الوطن الجنوبي كون الرشيدي أنشأ أكبر سوق تجاري داخل الجنوب سوق المحمل التجاري في مديرية يافع بلحج.

 

لقد كانت لتلك الجريمة الخبيثة أثرها على قلوب أبناء الوطن لهول الصدمة، وباستشهاده طويت صفحة مليئة بالكد والاجتهاد والبذل والعطاء من حياة رجل عرف بالشجاعة والإقدام، قال تعالى “كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون.

 

وهكذا كان الشيخ محسن الرشيدي يضحي بماله ونفسه للوطن دعماً لثورته وتنميته من أجل أن يشرق نور الحرية والاستقلال والانعتاق للوطن منذ عام 1994م، ومهر الوطن غالٍ ونفيس، ولا تأت الحرية على طبق من ذهب

 

 لذا يجب علينا أن نضع للرجال قدرهم ومكانتهم ولا يسقط ذلك بالتقادم، بل نجتر ذكراهم في كل زمان ومكان عبر الأجيال.

 

 وأخيراً نسأل الله للشهيد الرحمة والمغفرة وحسن الجزاء بما قدم من تضحيات جسام لأهله ووطنه ولا نامت أعين الغدر والخيانة.