آخر تحديث :الأحد-01 سبتمبر 2024-02:34ص


الجامعات لاتقبل الفساد المؤسسي

الأحد - 19 نوفمبر 2023 - الساعة 06:46 م

د. عبدالعزيز صالح المحوري
بقلم: د. عبدالعزيز صالح المحوري
- ارشيف الكاتب


الجامعة، مؤسسة التعليم العالي والأبحاث، منارة التنوير، حاضنة المعرفة، راعية الحقوق وصانعة القانون وأهل القانون.
المؤسسة الأكاديمية الأسمى والأرقى "لرقي أهدافها وسمو رسالتها" وذلك مامنحها كل هذه المكانة في جميع بلدان العالم. كيف لا وهي معقل الفكر الإنساني في أرقى مستوياته ومنمية أهم وأغلى ثروة مجتمعية وهي الثروة البشرية، كما أنها نتاج المدارس والفلسفات العريقة بدءا بمثالية أفلاطون وواقعية أرسطو وانتهاءا بأخلاق ديوي البراغماتية.

إعداد الإنسان وبناؤه هو الهدف الرئيس لها؛ فهي مانح المجتمع ورافده بالصانع والخبير والمتخصص في شتى المجالات. ويجب أن تبقى الجامعات في منأى عن التيارات والهيئات السياسية والدينية وغيرها، مستقلة بعيدة عن كل تحزب، محايدة نافرة من كل تطرف؛ لتظل رسالتها تامة وأهدافها غير منقوصة.

الأخلاقيات الدخيلة والقوانين المعدلة التي شرعت في كثير من مؤسسات البلد في ظل ضعف الدولة كاستقطاعات رواتب الموظفين من قبل المؤسسة لرفد موازنتها، منح ومنع الحوافز بغير حق واستخدامها كوسيلة ثواب وعقاب، توظيف الأقارب، الوساطة، المحسوبية، الانتقاء والعنصرية وغيرها من السلوكيات التي تفشت في غالبية مرافق الدولة، يجب أن لا تصل إلى الجامعات باي صورة أو مسمى أو شكل.
فليس من الطبيعي ولا المعقول أن تعاث الحقوق وتنتهك القوانين وتختل الإدارة وتفسد التربية في مكمنها ومأمنها، في حصنها الحصين ودرعها المتين، في المؤسسة الأكاديمية التي شيدت صروحا علمية وبنت عقولا بشرية متخصصة في الحقوق وصونها والقانون وتشريفه والآداب وانتهاجها وعلوم الإدارة وتطبيقها.

الوضع السائب في بلادنا -وللأسف- أورث الاتكالية لدى بعض من رؤساء هذه المؤسسات فأضعف دورهم العملي المتمثل في التفقد والمتابعة المستمرة وأنساهم وظيفتهم التربوية في حماية منتسبي هذه المؤسسات وصيانة حقوقهم والذود عنهم، فأوعزوا أمر بعض الكليات والمراكز إلى عمدائها ومديريها الذين استفردوا بها وبقرارها؛ فصارت كمؤسسات مستقلة عن المؤسسة الأم.

قبل قرار وزير المالية المتعلق بنقل المرتبات إلى البنوك، كانت رواتب أعضاء الهيئة التعليمية تستقطع -تحت مبرر الغياب- داخل بعض الكليات عبر محاسبها بأمر من عميدها. فهل يعي هؤلاء أن رؤساء كل الجامعات على كوكب الأرض لا يستطيعون أنفسهم المساس برواتب الهيئة التعليمية تحت أي مبرر؟؛ فالخصميات المشروعة قد كفلها القانون وكفل مستقرها ومرجعها.
وهل يدركون أن ذلك تجاوز خطير لأخلاقيات قانون الجامعات اليمنية العام وتحد سافر يمس استقلالية الجامعة وقداستها؟

وهل يعلم رؤساء الجامعات أنه وبعد نقل المرتبات إلى البنوك، وصلت جرأة البعض إلى سحب رواتب الموظفين الإداريين من البنك وصرفها عبر محاسب الكلية بعد استقطاعها؟

وصلنا إلى وضع صارت فيه المخالفات مشروعة ومكفولة وصار كل نداء لإصلاح الأوضاع هو تجرؤ على شخصية مؤسسية وتحد لها.