غلاء فاحش. إنهيار للعملة. بطالة . رواتب ومعاشات لا تأتي في وقتها ولاتكفي ولا تغيث او تسد حتى رمق مواطن جائع . فساد إداري ومالي و إنهيار اخلاقي وقيمي في كل مفاصل ومؤسسات ومرافق الدولة وبدون إستثناء من القمة للقاعدة . وعيون معصوبة لا ترى ما يحصل وما يعانيه المواطن في مدينة عدن . وأيادٍ مغلولة إلى الأعناق . والسنة خراصة ساكتة عن قول الحق . ودماء باردة . ومشاعر واحاسيس خاملة مثلجة. وضمائر ميته . سيغضبهم كلامي هذا وسيتربصون بي في كل زاوية ومكان وهم يعلمون علم اليقين بأن كل ماقتله جزء يسير من اصل الحقيقة المرة. ولايهمني ذلك الأمر فقد عشنا طول اعمارنا احرار شرفاء مخلصين لهذا الوطن ونحن من الناس وإليهم ونسير على دروب اباءنا واجدادنا من ابناء هذه المدينة الحرة الباسلة البطلة التي احتضنت كل الناس بمختلف مساقيهم ومشاربهم والذين ردوا لها خيرها لهم بالجحود والنكران وساموا اهلها وابناءها سوء العذاب.
كل شيء ارتفع سعره بدون حسيب او رقيب وبشكلاً جنوني من المواد الغذائية والإستهلاكية والوقود والخضار والفواكه والدواجن واللحوم والأسماك ومشتقاتها حتى الصيد الباغة الصيد الباغة يا ناااااس الصيد الباغة يانااااس الذي كان يعتبر صديق الضباحى والبسطاء وحبيب الشعب من الفقراء والكادحين لم يعد المواطن المسكين وموظف الدولة والعامل البسيط والعامل باليومية ان يستطيع شرائها والذي يسرح على باب الله باحثاً عن عمل يدر عليه بدخل يومه المضني الذي من خلاله يمكن له ان يقضي بعض حوائجه ويغيث اسرته الملهوفة بما تيسر له من عمل.الذي جعلني اليوم اكتب هذا المقال هو ما وصل إليه حال الناس في مدينة عدن وضواحيها وانا واحد منهم من تدمر وبؤس وشقاء وفقر وجوع وعوز واحباط شديد لا يراه من هم في ابراج عالية وبعيدين كل البعد عن معاناة الناس واوجاعهم وآلامهم وما آلت إليه احوالهم واوضاعهم المعيشية والأقتصادية والإجتماعية المتردية بسبب الغرباء ومن تولوا السلطة والمواقع القيادية والتي جاؤوها إليها على حين غرة.
ناس نفعية وصولية انتهازية استغلالية عايشه على حسابنا تنططت وتسلقت على اكتاف ناس. جاءت تتبلطج وتعبث ولا زاجر لها وتأكل مما لذّ وطاب وتسرح وتمرح على هوائها من اموال هذا الشعب من اموال وثروات وخيرات هذا الوطن المستباح . وناس تكابد شغف العيش وقساوة الحياة وهم ممن صبروا وضحوا وبدلوا الغالي والنفيس من اجل هذا الوطن.انهم ابناء عدن الشرفاء بمختلف اعراقهم واجناسهم ودياناتهم ومعتقداتهم وانتمائتهم الذين كروا وفروا في كل وقت وحين وفي كل معتركات الحياة وصالوا وجالوا في كل ميادين الكفاح والنضال والعمل وهم من ارسو قواعد ومداميك العمل الوطني والسياسي والعلمي والإجتماعي وهم رواد النهضة والثقافة والعلم والأدب والقوانين والتراث الإنساني وفي كل مجالات الحياة وهم من جعلوا من عدن زهرة المدائن وقبلة العالم العربي والأجنبي.
التقيت بشخصية مناضلة من قيادات جبهة التحرير والذين خاضوا الكفاح المسلح ضد الإستعمار البريطاني في عدن عامة وفي مدينة الشيخ عثمان خاصة -المدينة التي اطلق عليها قائد الجيش البريطاني ترفلين فيتنام العرب-
وهو خارج من مسجد الهاشمي بعد صلاة العشاء وهو يمشي ويتعثر باحثاً عن حذائه وكاد يسقط على الأرض فمسكت به وساعدته على ايجاد حذائه والتفت إليّ وهو يقول لي مافيش عاد لقمة نتواسى بها ونسند بها عظامنا وظهورنا وقال لي لم اذق طعم الصيد حتى الباغة من اكثر من شهر لأن معاشي لايساوي خمسة واربعون الف ريال يمني لايكفي لشراء الدواء واحتياجات البيت. شكراً لك يأبن عبدالله مريسي كان والدك وعمك احمد زملائي وهم من خيرة المناضلين في التنظيم الشعبي جبهة التحرير وشوف اليوم كيف اصبحنا نعاني نحن واولادنا وجاؤوا من يأكلون الأخضر واليابس ودمروا عدن واهانوا اهلها الذين فتحوا لهم القلوب قبل البيوت واعتبروهم منهم واليهم وعلموهم ولكن صدق القول فيهم علمته الرماية فلما اشتدّ ساعده رماني.
#المريسي.
