آخر تحديث :الأحد-01 سبتمبر 2024-07:14ص


الحكومة وقصة الحمار

الجمعة - 17 نوفمبر 2023 - الساعة 09:19 م

أنور الهلالي
بقلم: أنور الهلالي
- ارشيف الكاتب


  التاريخ المالي والإداري للبشرية منذ العصر الحجري إلى اليوم لم يحصل فيه أن تكلف أي حكومة البنوك التجارية الخاصة بمراقبة تدفق رواتب موظفيها، وتحديد المزدوج والوهمي منها، لكن حكومتنا فعلتها، وفي بالها قصة الحمار.

 أعترف وبكامل إرادتي أن حكومتنا ذكية وخبيثة ، حولت الراتب للبنوك التجارية وجعلت الموظف ينتظر نزول الراتب بترقب وخوف، ثم أخرت راتب الشهر الأول ثلاثة أيام، والشهر الثاني أسبوعًا، وشهر أكتوبر أخرته عشرة أيام، بالضبط نفس قصة الحمار.

 نسي الموظفون تمامًا العلاوات السنوية وعلاوة غلاء المعيشة والتسويات وفروقاتها، وكل حقوقهم الضائعة التي وعدت الحكومة أنها ستصرفها لهم في يناير الماضي، وبهذا تكون قد طبقت وبمكر شديد نظرية قصة الحمار بحذافيرها ونجحت فيها.

 الحوكمة والشفافية والحكم الرشيد، هذه الكلمات إذا سمعتها تتكرر من منظمة أو مؤسسة أو وزارة اعرف مباشرة أن خلفها كذبة كبيرة ستأتي بعدها مصيبة أكبر منها تسقط على رأس الموظف أبو ريال يمني غالبًا، وغصبًا عنه سيقع في مصيدة قصة الحمار.

لو كانت هناك نوايا صادقة لمحاربة الفساد لكلفت الحكومة وزارتي الخدمة والمالية مع هيئة مكافحة الفساد والجهاز المركزي بالنزول الميداني ومطابقة كشوفات الراتب بالواقع، شهر واحد وانتهى الموضوع، لكن القضية لادخل لها بالوهمي والمزدوج إنما هي قصة الحمار.

اشتكى رجل للحاكم من ضيق بيته فأدخل عليه شاة وبقرة وحمارًا ، زادت شكواه، فأخرج الشاة فارتاح الرجل، ثم أخرج البقرة فارتاح أكثر، وفي الأخير أخرج الحمار، فشكر الرجل الوالي وأثنى عليه فحاله الآن أفضل، تلك هي قصة الحمار باختصار.

 يتم استدراج الموظف وغير الموظف ليرضى بالدون والقليل ويستسلم للظلم ولا ينكره، ولا يطالب بحقوقه، بل ويثني على الحاكم ويشكره، لتتحول علاقة الموظف بالحكومة إلى ما يشبه السخرة والعبودية الطوعية باستخدام نظرية قصة الحمار.