آخر تحديث :السبت-04 مايو 2024-01:35م

متى نرى قيادات ومسؤولين من أبين كالأشجار المثمرة؟

الأربعاء - 01 نوفمبر 2023 - الساعة 06:50 م

مدين مقباس
بقلم: مدين مقباس
- ارشيف الكاتب


لقيت اللفتة الكريمة التي حظي بها بعض الطلاب من مديريات المنطقة الوسطى بأبين من قبل سيادة نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي اللواء الركن فرج سالمين البحسني بتشجيعهم ودعمهم للالتحاق بالتعليم الجامعي التخصصي النوعي في جامعة عدن على نفقته الخاصة، ارتياحاً شعبياً من أبناء أبين وأسر الطلاب، لما تركته من أثر نفسي إيجابي في نفوسهم، ووصفوها بأنها لفته كريمة وانسانية مثمرة طال انتظارها، متمنين أن تصدر خطوة كهذه من أبناء جلدتهم، ووضع مصلحة أبين، وتنميتها كأولوية اهتماماتهم وأنشطتهم، باعتبار التنمية وبناء الإنسان أساس استعادة الاستقرار إليها، متسائلين: متى سنرى مسؤولين من أبين كالأشجار المثمرة يصل خيرها وثمارها واهتمامها إلى كل بيت في أبين؟

لم أكن أنوي الخوض في هذا الموضوع لقناعتي بصعوبة إصلاح الوضع في أبين في ظل القيادات الحالية، التي لم يأت مجيئها إلى السلطة المحلية والعسكرية والأمنية، بالجديد أو يغير شيئاً فيها، سوى تّحسن مداخيل أسرهم، ووضع حياتهم وحياة أبنائهم، وكثرة السفر والتنزه في العواصم العربية والأجنبية، فالوضع لايزال يصعب ترميمه، إلا بتشخيص المشكلة ووضع اليد على الوجع، لهذا ترددت في تناوله، لأن إحدى عوامله وأسبابه الرئيسية لا تزال قائمة، فمعظم القيادات الحالية لا تختلف عن أسلافها، وربما كانت السابقة أهون بكثير، وقد شبهتها في مقالاً سابق قبل سنوات "بالأشجار المشوكة اليابسة التي تملئ المزرعة، دون تنتج أي ثمار، ولا حتى الظل، غير الشوك والدمامل، والنفايات الضارة..." فوجود مثل هذه القيادات، هو المشكلة ذاتها، المعيقة أمام نجاح أي محاولات ومبادرات، لإخراج أبين من وضعها المأساوي، الذي تعيشه منذُ ما قبل 2011م.

 إن خطوات المعالجة تبدأ بإزالة الأسباب وعدم تكرار الخطأ، أو المحاصصة في اختيار العناصر والقيادات لإدارة السلطة المحلية والعسكرية والأمنية في أبين، لهذا يتطلب الوصول إلى مرحلة التعافي وإصلاح الوضع فيها، إيجاد قيادات شابة، نزيهة وحكيمة، تتمتع بسمعة طيبة وأخلاق عالية، تضع مصلحة أبين فوق الاعتبارات الحزبية، والتخلي عن حب الذات، والمصالح الشخصية، قادرة على العطاء وابتكار الحلول للمشكلات، واتخاذ القرار في الوقت المناسب، قيادات تستطيع صناعة واقعاً جديداً طال انتظاره في أبين.

للأسف أبين خُذلت من معظم أبنائها، منذ نحو عقدين، خذلها من كان باستطاعتهم أن يعملوا الكثير لها، رغم ما قدمه الرئيس هادي لهم من دعم، إلا أنهم خذلوه! ولا تختلف القيادات الحالية عن السابقة، بل أن اللوم الأكبر يقع عليها اليوم سوى كانت قيادات سياسية، مدنية، عسكرية، وأمنية، التي أصبحت مشغولة بنقاط الجبايات والنهب وسرقة الرواتب، وقوت المواطن، غير قادرة على إحداث تغيير لخدمة المواطن، واستعادة الاستقرار الدائم إليها، بل أسهمت بصمتها عن التطرف والفساد وانتشار الظواهر السلبية فيها، وتحويلها إلى ساحة للصراع المسلح المتجدد وتدمير الشباب والنسيج الاجتماعي، وخلق فيها أوضاع أكثر تعقيداً انعكست سلباً على كل الجوانب الحياتية للمواطن، مما أصبح مساهماً في تدمير مستقبله ومستقبل أولاده لعدم قيامه بالمبادرة أو إدراكه الخطر، لتصحيح هذه الاختلالات التي طالت كل جوانب الحياة والخدمات، وفي المقدمة التربية والتعليم وتنمية النشئ، هنا أتحدث عن غياب مساهمة ومشاركة من يُنظر اليهم على أنهم قادتها في أي عمل تنموي ينتشل أوضاعها، بل قد تكون مساهمتهم على النقيض من ذلك، فماذا قدموا في مجال التعليم وتشجيع الطلاب لمواصلة دراستهم الجامعية (غير المقربين لهم)؟ وماذا قدموا للأسر الأشد فقراً أو للمرضى (غير الاقارب وأفرادهم)؟

بالرغم من هذا الخذلان الذي ينظر إليه المواطن بألم وحسرة، إلا أنه لا يعني عدم وجود قيادات أخرى نزيهة، لكنها خارج دائرة القرار أو مهمله في منازلها، كذلك وجود أعمال الخير والمبادرات المجتمعية والعمل الإنساني من رجال أبين المخلصين والخيرين، ولكنها أعمال بحاجة إلى دعم وتشجيع، والاستفادة من تجاربها في البناء التنموي، وتوفير الخدمات والدعم الانساني لبعض الفئات الأشد فقراً، كشق بعض الطرقات في مديريات يافع بأبين، بمبادرات شخصية من رجال يافع، واسهامات جمعية يافع في دعم الطلاب من مديريات يافع، كما نفذت  قبل أيام  مبادرة (إشراقة أمل) أعمال رائعة لردم الحفر في الطريق من نقطة الفيض العين إلى قرن مرشد (تصور عزيزي القارئ أن هذا الطريق تمر به مئات السيارات والقواطر، التي تدفع يومياً مئات ملايين الريالات لنقاط الجباية المنتشرة في المحافظة، هذا هو حال أبين الذي يشفق عليه العدو قبل الصديق، فلا تنتظروا خيراً من هذه القيادات أو اهتماماً منها بمستقبل أبين وأبنائها.

أبين تحتاج إلى صحوة ضمير والاعتراف بالمشكلة وتشخيصها، وتحديد مكامن الخلل، وإخلاص أبنائها لها، وفي المقدمة القيادات والمسؤولين والنخب، وتحديد كيفية وضع خطط المعالجة لاستعادة الاستقرار اليها، ودورها الريادي للمشاركة في بناء الوطن، برأيي أن بناء الانسان والتنمية وتوفير الخدمات، ينبغي أن يحتل الأولوية في المرحلة الراهنة، لوضع الأسس السليمة للانطلاق لصناعة المستقبل في أبين، ختاماً نشكر سيادة نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي  اللواء الركن فرج سالمين البحسني على اللفتة الكريمة والدعم الذي قدمه سيادته لبعض طلاب مديريات المنطقة الوسطى وهي الأكثر تضرراً من آثار التطرف والإرهاب، لتشجيعهم للالتحاق بالتعليم الجامعي التخصصي على نفقته الخاصة، فمتى نتعلم من الآخرين ونرى قيادات ومسؤولين من أبين كالأشجار المثمرة؟