آخر تحديث :الخميس-02 مايو 2024-08:27م

هل وصل اليمنيون لمرحلة القبول والتعايش..ام الى الذهاب للجحيم دون عودة؟!

الثلاثاء - 05 سبتمبر 2023 - الساعة 10:44 م

منى صفوان
بقلم: منى صفوان
- ارشيف الكاتب




السلام الذي لا يترجم لارقام، يبقى خالياً من معناه الحقيقي ، السلام ليس فتح الطرق والحصار وصرف الرواتب فقط، بل هو الحد من البطالة، وزيادة الايادي العاملة، ومشاريع الاعمار ، والبنية التحتية ، وتعافي الريال اليمني، زيادة الانتاج والقدرة الشرائية ، وعودة رؤوس الاموال من الخارج، وزيادة نسبة المتعلمين، والنهضة الاقتصادية والتحالفات السياسية .
من حق اصوات السلام ان تُسمع، وأن تاخذ حقها، فالمرحلة الان هي مرحلة التقارب، هذا ان لم تكن هذه الاصوات خرساء.
فالخطاب المنتظر "عجل الله فرجه" ،  هو خطاب التعاون والتعايش، فالسلام خطة وفريق عمل، ارقام وخطط اقتصادية،  واستراتيجية بعيدة المدى، ومراحل متعددة، وليس شعارات وكلام بلا معنى.

التقارب وشرب القهوة معاً 
انها كلمة مرعبة والعياذ بالله، انها تقصد ان يتلقي من يصوبون البنادق باتجاه بعضهم، لمرحلة شرب القهوة  او يمضغون القات معاً، ان يكفرون بالحرب، ويعتنقون ادوات جديدة للمنافسة والصراع. 
لدينا حديث اعلامي وفير عن التقارب بين حكومة صنعاء ممثلة بحركة انصار الله الحوثية، والمملكة العربية السعودية، بلا شك لو صدق فهو  سيمهد لمرحلة جديدة اكثر استقراراً في المنطقة. 
ولكن كلما بدأ هذا التقارب  ، ولو كان شبح تقارب، فسيظهر  خطاب التحريض،  والتخوين ، والتخويف من هذا الشبح ، وستكثر  الالغام التي توضع في الطريق، من قبل انصار الحرب والمتربحين منها من كل الاطراف في صنعاء وضواحيها وبقية اليمن ومن داخل الرياض .
فهم الخاسر الاكبر للوصول لحل منطقي وعادل ومنصف ، حلٌ لن ينهي الحرب فقط ، بل مصالحهم ومراكزهم ونفوذهم. 
يحتاج السلام ان يترجم لارقام، في البناء والاعمار، والتنمية ، وتوفير فرص العمل، ليلمس المواطن التغيير، ويكون جزء منه.
عزيزي القارئ ، تأكد ان هناك  محاولات اعلامية وسياسية لافشال  اي تقارب بين اطراف الحل والحرب، ومساعي لافشال  الوساطات، التي من شأنها خلق المناخ السياسي للتقارب اليمني السعودي، واليمني اليمني الداخلي بين كل الاطراف اليمنية.
انهم يردون ارسال اليمن الى الجحيم ، وليس فقط السعودية والحوثيين، وكل هذا بدافع الحفاظ على الوطن، مع ان الوطن بنفسه يقول تعبت من هذا العبث.. تخيل ان الوطن بات يفكر بالهجرة مثلاً!  

السلام المخيف 
السلام يُقاس بعدد محاولات النجاح والفشل، في انهاء الحرب، وبدء خطوات السلام ، وتخيل ان هناك من يريد للزمن التوقف حتى لا يسير باتجاه الحل! وهي معادلة صعبة فيزيائياً. 
فالحرب فعلياً انتهت، لكن السلام لم يصل بعد، فالصراع مازال مشتعلاً، وكأن هناك من يجد ان في السلام والتقارب، والحلول السياسية، ازمة يجب وقفها، وامكانية للعودة للوراء لايام القصف والضرب، والدماء! 
" دراكولا " المتربحين والمستفيدين  من الحرب، ينظرون للسلام كأزمة يجب حلها فوراً، ويظهرون كمتربصين اشرار بأي خطوة تقارب، من شأنها انهاء مأساة وازمة اليمن، التي يدفع ثمنها الناس وحدهم .
في هذه المرحلة نحن بأمس الحاجة  "للارادة السياسية "  لدى كل الاطراف الخارجية والداخلية، وان لا ننسى ان اليمن هو "الرابح الاكبر"  من السلام وبدء الاستقرار ، ومن اي تقارب بين اطراف الحرب.
ان لم تظهر الحكمة اليمنية الان، في هذه المرحلة الحرجة، فمتى عساها ان تتجلى، الحكمة اليمنية ليست مجرد نصب تذكاري امام جامعة صنعاء يا سادة ، انها طريقة تفكير ، وذكاء سياسي، وقليل من الثقافة الاقتصادية. 
اتمنى ان تظهر الحكمة الغائبة، بعد الوعكة الصحية التي المت بها، قبل ان نسمع رثاء لها في تلفزيونات محلي ينعيها للجمهور بوصفها قد افنت عمرها في خدمة اليمن! 
فنحن لا نرى  من حلفاء المملكة المخلصين ، الا الابتزاز للمملكة، لمنع تقاربها باتجاه الحل، وكأن دورها ان تحارب الحوثي  بدلاً عنهم، وتترك كل مشاريعها وخططها ومستقبلها،  وتتفرغ لحل ازمتهم الوجودية مع الحوثة!
الى جانب مهارة التحريض  التي تتقنها كل الاطراف في صنعاء وعدن وتعز والمخا ومارب .. انه تحريض الاطراف  على الاطراف فلا يوجد مركز لليمن  تحريض الهدف الجماهيري والجماعي منه كسب  المزيد من الوقت والنقود واللايكات.  
فجميع الاطراف اليمنية من صعده الى المهرة،  تدرك  انهم معاً  يشكلون الوطن ، هذا ان كانوا اذكياء ، وان لم يكونوا فهاهم قد عرفوا.
هذا  اليمن بحسب طريقة استعماله ، ليس طرفاً دون الاخر، ولن يستمر على الخارطة  باستمرار الصراع،  الصراع الذي لم يعد في صالح احد،  كما تقول العرافة الحكيمة، فاليمنيون يؤمنون بالطالع وشغل العرافين والمنجمين ، واي عراف سيعرف ان مستقبل اليمن  سيكون في الجحيم  ان استمر على هذا المنوال.
وان التوجه الى الحوار والسلام ، هو الطريق الانسب للوصول الى الحلول الصحيحة ، كما يقول المنجمون والعرافين ان كنتم لا تؤمنون بقول وكلام المنطق والعقل، هذا فقط هو الضمان لاستمراركم ، دعمكم  للعيش المشترك بينكم  بكل  سرور، وامن وسلام ومودة، ومصالح مشتركة.

السؤال: لماذا يقمع الاعلام اي خطاب للتعايش
لدينا دائماً المزيد  من التحريض المناطقي والطائفي الداخلي ، لاطالة عمر الصراع، والمزيد من الاغتيالات المعنوية لاصوات العقل والحكمة، وتقوية اجنحة الصقور في كل جماعة، ان لدينا وفرة في كل ادوات الحرب والصراع،  وابداع لا نظير لها بابتكار اسباب جديدة للعنف الدموي. 
كل هذا يزيد جحيم ومعانأة الناس بصفتهم ادوات ضغط يستخدمها محرضوا الحرب، فيستغلون معاناتهم للنيل من خصومهم، ولا صوت حقيفي للناس، الذين يتألمون بصمت. 
عزيزي القارئ ، بلا شك ان تقارب الحوثيين والسعودية، وتوصلهم لحلول مشتركة، ورؤية عادلة للازمة اليمنية، يليق بسنوات المعانآة.
وبناء علاقة تكامل وحسن جوار، يقلق من استفاد من تدمير اليمن ، خلال ٩ سنوات من الحرب، التي لها عمر ونفس طويل ويمكنها الاستمرار للانهاية.

ايقاف الحرب والخلاف الاماراتي السعودي 
ان اوقف التحالف حربه ، واتجه لاعلان وقف شامل لعملياته في اليمن،  ورفع كامل للحصار، ستصدح دائماً ابواق وطبول الحرب من كل الاطراف حتى من داخل الحوثيين انفسهم، الذي سيرى فريق منهم ان في السلام مؤامرة كبرى، واعصار كالطوفان!
والكل سيعتنق دين  "الحسم العسكري هو الحل" مع انه دين زائف بلا نبي ولا اله ولا كتاب تعليمات ، والا لكان نجح وانتصر، وانتهينا.  
هناك من سيقول أن الحوثي اصلا  ليس مكوناً يمنياً، وان التعايش معه مستحيل،  وهناك حوثيون سيقولون ذات الشيء على خصومهم، ولن تستطيع حل الاحجية ، فهذا دليل كاف انه كلهم بالفعل  يمنيون.
مع ان استمرار حرب وحصار اليمن، لن يؤثر على الحوثيين، فنحن نراهم زادوا قوة ونفوذاً ومالاً وسطوة خلال سنوات الحرب، فالمتضرر الحقيقي هو المواطن الاعزل، كما ان استمرار الحرب في الجوار سيعطل مشاريع السعودية وطموحها الاقتصادي والتنموي وتحقيق رؤيتها 2030
ان السلام الحقيقي يبدأ من الداخل ، من اقتناع كل اطراف الحرب، ان لهم مصلحة في السلام، والتقارب واستقرار اليمن والجوار والمنطقة، وان التعايش والمشاركة وقبول الاخر هو الحل.
فالمصلحة من السلام تعني الاستفادة من الاستقرار، السلام شيك على بياض، لكنهم لا يعرفون هذا السر، لذلك  يجب  دعمه  لخلق بيئة استثمار ناجحة، وانقاذه من الاشرار.
السلام سيكون ببدء  المشاريع التنموية والاعمار ، لتعويض سنوات التخلف عن قطار التنمية، هذا هو ما يفيد الوطن والمواطن، والحاكم على حد سواء .
ما يحتاجه السلام الحقيقي ، اكبر من مفهوم وقف اطلاق النار، وتمديد الهدنة، ما يحتاجه السلام ان يترجم لارقام، في البناء والاعمار، والتنمية ، وتوفير فرص العمل، ليلمس المواطن التغيير، ويكون جزء منه
فيتم استيعاب ملايين الشباب اليمنيين في مشاريع انمائية ضخمة، بدلاً من الزج بهم في نار الفتنة والصراع والحروب، لذا فالخطاب التحريضي يقضي على مستقبل اليمن، ويهدد استقرار المنطقة.
فكيف بمن يقول ويدعي انه حليف للمملكة ان يعمل ضد مصلحتها، ويريدها ان تغرق اكثر بحرب اليمن، ويزعجه اي تقارب محتمل مع الاطراف في صنعاء !
ان الامر ليس متعلق فقط برفض اليمنيين لبعضهم ، بل برفض اي فرصة لليمن ان ينجو من هذه الحرب العبثية ، وكأن خطابهم يقول ، ان اوقفت السعودية حربها ضد الحوثيين، فان حربنا معهم لن تتوقف ابداً ابداً ، فلماذا ؟
الا ترون الاعداء يتصافحون، والخصوم يتحالفون، وان المنطقة ذاهبة لتصفير المشاكل وتبريد الازمات، وان كنت لا ترى فلابد انك تسمع، وان كنت لا ترى ولا تسمع ،.. فهذه مشكلة اكبر من الحرب! 
هاهي المملكة في الجوار قد دعت كل دول المنطقة بمن فيها ايران وقطر ليكونوا جزء من رؤيتها الاقتصادية ، بتحويل المنطقة والشرق الاوسط لاوروبا الجديدة، وانهت مقاطعة قطر، وتصالحت مع ايران! فأين هي رؤية اليمن التي ستدعوا اليها كل الجوار! 
فلماذا تريدون اليمن ان يبقى خارج خارطة المصالح، والتنمية ، والنهضة ، وكل هذا يتم بدعوى الدفاع عن حقوق الناس ومظلوميتهم! الناس الذين تحولوا من عمال ومزارعين وموظفين الى متسولين لدى منظمات الاغاثة، ورهائن حرب .
اننا بحاجة لسماع صوت العقل، والمنطق، وتغليب مصلحة اليمن اولاً، فالحوثيين، وأي فصيل سياسي هو أمر واقع، وخلال عشرون عاماً فشلت كل الحروب بهدم الجماعة او استئصالها، بل زادت قوة ونفوذاً وحكماً وتوسعاً، منذ حروب صعده الست ٢٠٠٤ والى السيطرة على صنعاء ٢٠١٤
فان كان خصومهم قادرين على هزيمتهم لفعلوها، ولكن هذا هو اليمن، لايمكن لطرف ان يلغي الطرف الاخر، فلا يقدر الحوثيون على الغاء خصوهم، ولا يستطيع خصومهم الغاء حركة الحوثي.
فليس من صالح القوى اليمنية كسر بعضهم بعضاً، لان اليمن هو بلد التنوع والتوازن والتعايش، والالوان المختلفة. 
وحتى شيطنة كل طرف للاخر ما عادت تجدي، وكما يتقارب الحوثيون مع السعودية عليهم التقارب مع اخوتهم في الداخل ، وهذا الهوس اليمني بالحرب  والخراب والهدم، حان الوقت ان يعتزل ويتقاعد، ويعتنق اليمنيون ثقافة البناء والنهضة وقبول الاخر .
يتمنى اليمني ان تقبل جماعات الحروب هذه الثقافة، وتتخلى عن المكابرة، اننا نضيع الوقت، ونستنزف طاقتنا فيما يدمر ما تبقى من بلدنا المهدد اصلاً، وكلما زاد الشقاق الداخلي كما زادت الاطماع الخارجية .
فلولا الشقوق في الجدار ، لما تسلل الفئران، وهنا لا تستبعد وجود قوى اقليمية ضد اي تقارب سعودي حوثي، وضد انهاء حرب اليمن ، او خروج السعودية منها، وخاصة في تنامي الحديث عن الخلاف الاماراتي السعودي، والغضب الامريكي من سياسة السعودية الاقتصاديه الاخيرة وتقاربها مع الصين ، والتربص الاسرائيلي بعد رفض السعودية للتطبيع الان وتقاربها مع ايران.
كل هذا يعني تكالب اعداء الامة التقليديون ، وشعورهم بالخطر امام اي تهدئة او تقارب او مصالحة، فما بالك بانهاء الحرب، ان اعلان انهاء حرب اليمن هي صفعة لامريكا وحلفائها، وعلى الحوثيين المشاركة بهذه الصفعة، باتمام صفقة السلام ، بما يعني الخروج بحل عادل يليق بتضحيات اليمنيين وصبرهم وصمودهم.
واخيراً بالعودة لسؤال عنوان المقال.. اتمنى ان لانكون في طريقنا للجحيم ،. لانها رحلة مكلفة.. ولا يوجد هناك رحلات عودة. 
سلام