آخر تحديث :الأحد-01 سبتمبر 2024-08:15ص


غرفة خالد !!

الإثنين - 28 أغسطس 2023 - الساعة 12:20 م

فهمي عمير
بقلم: فهمي عمير
- ارشيف الكاتب


إرتفعت الأصوات وبحّت الحناجر من طيلة نقاش مثير داخل غرفة خالد البالغ من العمر السادسة عشر . غرفة خالد قليلة التهوية ضعيفة الإضاءة ركيكة الاثاث والترتيب ، علا صوت أبي خالد من داخل هذه الغرفة قائلاً : إما أن تقنعني في تلك القضية وإما أن أقنعك قال خالد : يا أبتي سنترك هذا النقاش حتى نصلي صلاة العشاء في المسجد ، كانت الأم مشغولة بإعداد وجبة العشاء وكانت أخت خالد في نفس الغرفة تحمل شهادة الدكتوراة في علم النفس التربوي تقرأ كتاب ( هكذا هزموا اليأس ) للمؤلفة سلوى العضيدان ، تسمع بكلتا أذنيها صاغية بقلبها لنقاش أبيها المتقاعد الذي كان معلم ثم موجه ثم رئيس قسم تربوي متمنية أن ينتهي هذا النقاش الطويل على خير  .

بعد صلاة العشاء عادوا من المسجد إلى البيت وبعد الانتهاء من العشاء في غرفة خالد التي تعتبر البيت كله فيها أكلهم واستمتاعهم ونقاشهم لايجدون راحتهم إلا فيها . بعد أن قامت الام برفع وتنظيف أواني ومتخلفات العشاء ماعدا أكواب الشاي الأحمر الذي كانوا يرتشفون منها أثناء هذا النقاش ، متجهة إلى المطبخ الصغير ثم عادت مسرعة إلى غرفة خالد متلهفة بشدة كيف ستكون نهاية هذا النقاش وهي تقول : يا أبا خالد انظر إلى حالتنا نحمد الله تعالى لكن بيتنا ليس متسع إذا تزوج خالد في هذه الغرفة انتهى علينا البيت باسره ، ظروفنا المعيشية ايضاً تغيرت عن الماضي اختفت أشياء إجبارياً من موائدنا و أغراضنا وملابسنا لكن نقول ما يرضي ربنا الحمد لله على كل حال .

أمعن النظر أبو خالد في زوجته المسكينة وهي ترفع إليه معاناة أسرة معلم في هذا المجتمع الذي لا يعطي للمعلم قدره ومكانته . تدخلت الدكتورة في هذا النقاش المحتدم قائلة : كيف يا أبي تريدون المجتمع أن يرتقي ويتطور وتسوده النهضة العلمية والخدماتية ونحن نهضم ونقلل من مكانة مغذي الرقي والتطور ذلك المعلم المغلوب على أمره  ، ألم تعلم يا أبي بأن راتب المعلم سابقاً كان ما يعادل ألف ومائتات سعودي أما الآن فهو ما يقارب المائتات السعودي ثم توقفت عن الكلام لاقية ببصرها إلى كتابها الثمين تاركة هذا النقاش وراء ظهرها  .

أما خالد كان لا يتكلم رافع رأسه وبصره إلى أعلى منتصر بكلام أمه المسكينة واخته الدكتورة فقال الأب لخالد أوافقك بمعاناة زملائي واخواني المعلمين لكن هل تلاحظون التقصير من قبلهم في واجباتهم وعملهم وتلك العبثية التي ليس لها حدود في مدارسهم ، فقال خالد بعد أن رأى والده تبدو عليه ملامح الاقتناع : يا أبتي كل هذا سيتلاشى شيئاً فشيئاً ثم سينتهي إذا عادت للمعلم مكانته الأولى .

فقال الأب لأسرته الكريمة الذي استند على أحداث الماضي في نقاشه ، مخاطباً ولده خالد : أشكرك يا بني لقد أقنعتني فمن سيقنع مجتمعي ؟ ... من سيقنع مجتمعي ؟  .