تعددت التهديدات الحوثية بالعودة إلى الحرب منذ الهدنة في أبريل من السنة الماضية إلا أنه لم ينفذ أيا من ذلك، خصوصا بعد الزيارات المتبادلة لقادة حوثيين وسعوديين في الأشهر القليلة الماضية.في الآونة الأخيرة الماضية هدد سلسلة من القادة العسكريين الحوثيين بمعركة بحرية في البحر الأحمر، وزعموا إجراء تجارب بحرية لأسلحة جديدة في بعض الجزر قبالة سواحل الحديدة، ورفعوا وفق وسائل إعلامهم في الأيام القليلة الماضية من جاهزيتهم.غير أن عبد الملك الحوثي أعاد في خطابه أمس التهديد باستهداف السعودية ومصالحها الاستثمارية بما فيها مشروع نيوم الاستثماري، ومصالحها الاقتصادية. كما هدد أيضا الإمارات العربية المتحدة.التهديد الحوثي الذي أعلنه عبد الملك يختلف مع تهديدات المشاط والقادة العسكريين من حيث الهدف، ويختلف أيضا مع تصريحات محمد علي الحوثي قبل أيام بأن ميلشياته لن تعود إلى الحرب لأنها في حالة دفاعية منذ سنوات.ليس هناك أي متغير عسكري يدفع القادة الحوثيين إلى التهديد العسكري، بمعنى أن الحكومة والتحالف لم يتخذوا أي إجراءات تقلص من الهدنة، أو غارات أو نشر قوات، على العكس من ذلك تبدو السعودية والحكومة ملتزمة بالهدنة ومنحت ميزات إضافية للحوثي على حساب الحكومة في سبيل استمرار الهدنة. أكثر من ذلك، تتقدم عملية تبادل السفراء والزيارات بين السعودية وإيران، وتتقدم أكثر المفاوضات الأمريكية الإيرانية، رغم اشتداد التوتر في الخليج العربي، بالتزامن مع تقدم مفاوضات تبادل السجناء الأمريكيين في إيران بالأموال الإيرانية المجمدة.إذن، لم التهديد الحوثي؟ بالنسبة لكثير من المتابعين يأتي من محاولة حوثية لاحتواء الغضب الشعبي المتصاعد في مناطق سيطرتها، ينظم المعلمون إضرابا واسعا عن التعليم للمطالبة بصرف المرتبات في تحرك هائل ومصيري للطبقة الوسطى والقطاع المثقف الذي مازال في اليمن، وبدأ القطاع يواجه بالوسائل السلمية والقانونية والتظاهرات بخجل ولكن بتصاعد للدفاع عن مصالحه. بينما صارت الحروب القبلية ضد الحوثي شبه أسبوعية في عدة محافظات، وتفتك الاغتيالات والصراعات بين قادة المليشيا بعناصرها المهمة في المستوى الثاني، وصولا إلى المستوى الأول.كانت تصريحات القادة الحوثيين دقيقة في هذه النقطة من عبد الملك الحوثي، إلى مهدي المشاط ومحمد علي الحوثي، وقادته العسكريين، نحن في حالة حرب، وخفض التصعيد لا يعني وقفها، وقد تعود في أي لحظة. مفهوم "نحن في حالة حرب" مكن الحوثي بفعالية من قمع كل المطالبات والتحركات الشعبية بقوة وقسوة. التقط الشارع استمرار الهدنة منذ سنة ونصف وبدا له أن الطريق مفتوح له للتحرك لاستعادة حقوقه، وفعلا بدأ التحرك في عدة محافظات وفي عدة مستويات كما ذُكر سابقا.يدرك الحوثي عجزه عن احتواء الاحتجاجات، وتمنعه العقائد الأيديولوجية له من الاستجابة لأي نوع من المطالب الشعبية، ويدرك أيضا حجم النقمة الشعبية عليه، وانهيار خطابه، وضعف التحشيد مقارنة بما كان عليه قبل سنوات، وأمام هذا المأزق ينتهج الحوثي خطة خطرة، قد تؤدي إلى العودة إلى الحرب، عبر تهديد السعودية وابتزازها، ولكنه أيضا، يلمح إلى أن علاقاته بسلطنة عمان على المحك عند حديثه عن منح الفرصة الكاملة لوساطتها دون جدوى.ومع ذلك، حتى لو عاد إلى الحرب، فلا أفق جديد لديه بأي نصر له، من أي نوع، يمكنه من السيطرة على اليمن، بمعنى حتى محاولته للفرار من الاحتجاجات الاجتماعية والسياسية والحقوقية في مناطق سيطرته بالحرب، ليس لها أفق مضمون من النجاح.