آخر تحديث :السبت-21 سبتمبر 2024-02:09ص

بقلم: إياد فؤاد المغيني
- ارشيف الكاتب

إياد فؤاد المغيني

القيادي البديل والصعود نحو القمة

السبت - 12 أغسطس 2023 - الساعة 12:00 ص


يعتقد كثير من القياديين أن صناعة قيادي بديل خطر محدق يتهددهم ويزيلهم عن مناصبهم
التي وصلوا إليها بعد كفاح مرير وجهد جهيد بذلوا في سبيل استحقاقه أوقات وعرقا ودموعا 
، في حين أنهم لا يتنبهون إلى الأمر الأشد خطورة على مستقبلهم الوظيفي هو عدم اصطناع 
القيادي البديل ،الذي يستطيع ملء الفراغ في حالة غيابهم عن المنصب بل إن الخطأ الفادح هو 
عدم وجود قيادي بديل وقوي يساندهم.
سئل السياسي الأمريكي الناجح والبارز (هنري كيسنجر) كيف استطاع أن يترقى ويتدرج في 
حياته الوظيفية والسلك السياسي والدبلوماسي وفي هذه المنظومة المعقدة التي تزخر بالعباقرة 
من أمثاله وبأصحاب الخبرات والكفاءات فأجاب إجابة لا تنبع إلا عن شخصية عبقرية فذة 
وداهية من دواهي العصر فقال: ( صعدت هذا الصعود لعدة أسباب لكن أهمها وأبرزها على
الإطلاق صناعتي الدائمة لقيادي بديل ذي كفاءة لا يقل عني التزاما يستطيع إدارة المنصب 
الذي أشغله مع إظهاري له أمام رؤسائي ..)   
إن هذا الداهية استطاع بهذه الطريقة أن يوحي إلى رؤسائه أنه متاح ومهيأ للترقية دائما لأن
المنصب الذي يشغله حاليا لن يتأثر أو يتدنى مستوى أدائه برحيله ، إذ أن هناك قياديا بديلا 
قادر على القيام بأعباء دوره بكفاءة وحينها لا يتردد رؤساؤه أصحاب القرار في ترقيته.
أما في اليمن خاصة والعرب عامة فيتفنن القياديون في تدمير أي شخص يمتلك الموهبة 
القيادية والجاهزية وكل صفات القيادي الناجح.
فتجد القياديون عندنا يضعون العراقيل التي لا تعد ولا تحصى لتدمير أي محاولة لصناعة
القيادي البديل بل قد لا يتورعون عن ارتكاب الجرائم غير الإنسانية و الأخلاقية في سبيل 
أن يبقوا هم فقط في الصورة لدى رؤسائهم أصحاب القرار. وهم بذلك لا يفقهون أنهم ضروا 
أنفسهم أولا فقد حرموا أنفسهم الصعود والانطلاق في السلم الوظيفي والترقي في مناصب 
الإدارية.
إلى جانب ذلك يصورون لأصحاب القرار من الرؤساء عدم وجود البديل عنهم ما يؤكد لهم
خشيتهم في هذه الحال من الفراغ الذي سيخلقه صعود هؤلاء القياديين المغفلين الذين لم 
يصنعوا القيادي البديل المكافئ لهم.
إن صناعة القيادي البديل وتهيئته لا يساعد القياديين على الترقي والتحليق في السلك الوظيفي
فحسب وإنما تساعدهم كذلك على توفير الدعم السخي لهم في أثناء عملهم كما توفر لهم
وتمدهم بالأفكار المدهشة والمبدعة وكذا تزيد تجاربهم إثارة وسحرا.
وأزعم أني أعرف زملاء كانوا يرأسون إدارات ولا زالوا فيها منذ 20 عاما إلى درجة أن 
هذه الإدارات قد سميت باسمهم وصاروا مسجونين فيها إذ أنهم لم يصنعوا بديلا لهم إلا من 
غير الموهوبين وأنصاف الكفاءات محافظة منهم فيما يظنون على مناصبهم .
إن قوة القيادي الحقيقة تنحصر في اصطناع قيادة بديلة تسانده وتهيئ الطريق له للصعود نحو 
القمة ، أيها القياديون لا تخشوا من وجود بديل توجدونه أنتم بديل قوي بجوارك لكن اخش من عدم وجوده .. انطلق بالآخرين تنطلق .. وطور مهاراتهم تتطور.