آخر تحديث :السبت-04 مايو 2024-07:18م

صالح مقشم.. عاش مناضلاً جسوراً ورحل شامخاً عزيزاً

الخميس - 27 يوليه 2023 - الساعة 05:26 م

مدين مقباس
بقلم: مدين مقباس
- ارشيف الكاتب


ودعنا خلال سنوات الحرب كثير من  الأصدقاء والأحباب والاقارب الذين ترك رحيلهم ألماً وحزناً شديداً في قلوبنا، لما لهم من مكانة خاصة في حياتنا، فلا اعتراض على قضاء الله وقدره، ونحمد الله على كل حال، وكان آخرهم رحيل الشيخ العميد صالح احمد مقشم مستشار قائد محور الغيضة – شيخ قبيلة آل فجاح الفضلية محافظة أبين السبت الماضي، الذي ربطتني به علاقة متميزة، فضلاً عن صلة القرابة وجمعتني به ذكريات لا تنسى، ولا تزال محفورة في الذاكرة، أثناء ابتعاثي للدراسة إلى أوكرانيا، وحينها كان ضمن دورة دراسية في موسكو بروسيا، عام 1988م، وفي جبهة دوفس عام 1994م في حرب الدفاع عن عدن، إلى جانب عملنا في دائرة التوجيه المعنوي للقوات المسلحة وصحيفة (الراية) العسكرية، كان نعم الأب والقائد الشجاع والرفيق الصادق والشيخ الحكيم والمناضل الجسور، افنى حياته في خدمة الوطن مدافعاً عن ثورتي 26 سبتمبر1962م  و 14 أكتوبر 1963م، دون ضجيج أو أن يمّن بنضاله وتضحياته على أحد أو يتباهى بها في الإعلام، كما عودنا البعض، ورحل شامخاً عزيزاً عفيفاً حكيماً تأركاً سيرة عطرة في النضال والإخلاص والأخلاق الرفيعة والحكمة والإنسانية التي تتداولها ألسن كل من عرفه وعاش معه بفخر واعتزاز مترحماً عليه وموجوعاً على فراقه.

الفقيد المناضل العميد الركن صالح احمد مقشم من مواليد 2 مارس 1945م محافظة أبين، الوضيع، منطقة لبو، درس الابتدائية والمتوسطة في زنجبار، وكانت له مشاركات في المسيرات الطلابية ضد الاستعمار البريطاني، وانظم بعد انطلاق ثورة 26 سبتمر 1962م إلى مجاميع من المناضلين في المنطقة الوسطى الذين لبوا النداء الوطني للدفاع عن الجمهورية والثورة، حيث تدرب على يد أفضل الضباط المصريين في سلاح المظلات، تحت قيادة الشهيد الوحش، وشارك في عدد من المعارك ضد فلول الملكية، وبعد تأسيس الجبهة القومية وانطلاق ثورة 14أكتوبر 1963م عاد إلى الجنوب وشارك في مرحلة الكفاح المسلح في جبهة فحمان بأبين بقيادة المناضل علي ناصر محمد ومحمد علي هيثم رحمه الله، وكان مسؤولة المباشر عقيد الفقيد محمد ناصر الجعري رحمه الله.

وكان الفقيد احد المرافقين للصحفي المصري اكرم محمد احمد تحت إشراف مباشر من المناضل علي ناصر محمد ومحمد علي هيثم حيث رافق الصحفي المصري من منطقة السيلة البيضاء بأبين إلى منطقة جبال آل فضل، وتمت مرافقته من قرية غوث على متن حراثة زراعية إلى القشعة وبعدها استقلوا جمل لنقل الصحفي المصري من منطقة لفقاش إلى الجبل، وكان الهدف هو اختيار مكان مناسب لفتح جبهة ضد الاستعمار البريطاني، وكان هناك خيارين إما من جبل فحمان أو جبل آل فضل، ثم العودة إلى جبهة فحمان بمودية بعد إنجازهم المهمة.

التحق الفقيد بالقوات المسلحة في عام 66م بإيعاز من قيادة الجبهة القومية، وكانت له ادوار نضالية مشرفة مع رفاقه في كتيبة (3) ومنهم الرئيس عبدربه منصور هادي واللواء أحمد مساعد حسين واللواء علي منصور رشيد ورقي إلى رتبة ملازم ثاني عام 1970م ضمن مجموعة من الضباط المناضلين، الذي كان لهم دور كبير في تأسيس الجيش الجنوبي، ثم عين اركان حرب كتيبة في لواء الشهيد عبود أثناء قيادة مهدي باعزب للواء، وكان قائد الكتيبة الشهيد الجحماء وعام 1974م ارسل إلى الكلية العسكرية بصلاح الدين وهو برتبة ملازم أول وبعد تخرجه ارسل إلى الاتحاد السوفيتي دورة ثلاث سنوات، وكان من ضمن زملاءه في الدورة الشهيد عوض ناصر الجحماء وأحمد مساعد حسين وعوض محمد فريد وآخرين، وعين بعد ذلك نائب سياسي للواء عباس أثناء قيادة العميد محمد سعيد الكلفوت للواء حتى أحداث 13 يناير 1986م، ثم عين في الدائرة السياسية إلى عام 90م، وبعد الوحدة تم تنصيبه شيخاً لقبيلة آل فجاح الفضلية، لما يتمتع به الفقيد من حكمة وقبول على مستوى قبائل محافظة أبين وله كثير من المواقف والأعمال الاجتماعية الخيرية، والإسهام في إصلاح ذات البين، كما  همش الفقيد بعد الوحدة كغيره من الكوادر والقيادات الجنوبية، وشارك عام 1994م في الدفاع عن مدينة عدن في جبهة دوفس العلم، بقيادة الشهيد عبدالله علي شليل وبعدها أُبعد قسرياً من عمله، وأعيد إلى الخدمة بعد 2007م بقرار سياسي، وعين مستشاراً لقائد محور الغيضة في المنطقة العسكرية الثانية، حتى وافته المنية يوم السبت المواقف 22 يوليو 2023م أثر مرض عضال، في مستشفى الدكتور حطروم في المنصورة بعدن، رحم الله الفقيد الشيخ العميد صالح احمد مقشم واسكنه فسيح جنانه، فقد عاش مناضلاً جسوراً ورحل شامخاً عزيزاً وشيخاً حكيماً تأركاً سيرة حسنة وأثراً طيباً في المجتمع وفي نفوس محبيه وكل من عرفه، وللفقيد (12) من الأبناء والبنات.