نسمع هذه الأيام عن دعوات لتأسيس حلف قبلي في أبين ونحن لسنا ضد أي عمل قبلي مجتمعي (أداة بناء) هدفه توحيد الناس وجمع كلمتهم من أجل محافظتهم وتحديد مستقبلها، لكن زاد الحديث عن حده من السياسيين المنتمين للأحزاب حول هذا الموضوع في مواقع التواصل الاجتماعي وبالذات (منسقية أبناء وكوادر أبين) بالتزامن مع مرور الذكرى الثامنة لتحرير(عدن ولحج وأبين) عسكرياً من سيطرة قوى الانقلاب على الشرعية، مما يثير الفضول لطرح تساؤلات ملحة: هل تندرج أهداف هذه الدعوات في إطار استكمال بقية جوانب التحرير؟ وهل تحرر دعاتها من التبعية السياسية لكي ينجحوا في تأسيس كيان قبلي مجتمعي مستقل وفاعل، قادر على إحداث التغيير المأمول في واقع حياة المجتمع الأبيني؟
للأسف يجهل بعض أبناء أبين أسباب وخلفيات تدمير محافظتهم منذُ الاستقلال إلى اليوم فأبين لم تُدمر إلا بأيدي أبنائها أولاً، وهم من خذلها وتسبب في ويلاتها وجراحها، عبر استخدامهم كأدوات هدم (حزبية) فلن يأتي من أصحاب الأحزاب التي دمرت أبين أي خير لها ولأهلها، كما هو الحال في بقية المحافظات، لأن أي أداة أو رافعة لأجل البناء ولملمة جراح الحرب، ينبغي أن تكون مستقلة ومجردة من الولاءات السياسة والحزبية والتيارات الدينية المتناحرة في الحرب، ويستحيل أن يتحول المتصارعون (أدوات الهدم) بين ليلة وضحاها إلى (أدوات بناء)، فما نراه هي محاولة ارتداء جلباب (قبلي مجتمعي) لإقناع المواطنين وكل من يهتم بوضع أبين في الداخل والخارج، بإن الحرب أحدثت تغيير في الواقع، انتج قوى مجتمعية وتيارات سياسية حديثة، قادرة على مواكبة واستيعاب التحولات السياسية الراهنة كرافعة تتبنى قيادة المتغيرات السياسية في الواقع للمشاركة في صناعة القادم.
أثبتت التجارب والوقائع أن أي جديد لا بد أن يُبنى على أنقاض القديم، كما هو الحال لا يُبنى البيت الجديد بالحجارة القديمة، وطالما نتائج الحرب لم تخلق في أبين واقعاً تتشكل فيه قوى مجتمعية وسياسية جديدة، فلا تفسير لذلك، إلا أن الواقع لا يزال في طور يسهل للقوى السياسية (الحزبية) القديمة من إعادة إنتاج نفسها في جلباب جديد لتجديد الرهن السياسي لأبين، ولو حتى في (كيان مجتمعي قبلي) وهذا ما نخشاه، وسبق وأكدنا في مقالات سابقة قبل أعوام أن الأشجار اليابسة لن تنتج أي ثمار نافعة لأبين، فلا تنتظروا اليوم منها خيراً، بعكس الأشجار المثمرة القادرة على العطاء والإنتاج النافع.
أبين لا تحتاج اليوم إلى جلباب جديد لتغطية معاول الهدم المعروفة بتاريخها السياسي والحزبي، بقدر ما تحتاج إلى أدوات بناء قادرة على القيام بواجباتها، والإيفاء بالتزاماتها الوطنية والأخلاقية والإنسانية تجاه المجتمع وأبناء أبين، ومواكبة متطلبات المرحلة القادمة، والحفاظ على العلاقة التاريخية والإيجابية المتوارثة مع محيط أبين الجغرافي، فنصيحة لا تجعلوا أبين رهينة للأجندات الحزبية، وتذكروا جيداً أن البيت الجديد لا يبنى بالحجارة القديمة.