آخر تحديث :السبت-11 مايو 2024-10:10م

الشياطين!

الخميس - 06 يوليه 2023 - الساعة 09:12 ص

نبيل محمد العمودي
بقلم: نبيل محمد العمودي
- ارشيف الكاتب


الشيطان لا يطل علينا بصورته القبيحة التي نرسمها في دفاتر الرسم....
و إلا فكيف سيغوي من يغوي إن لم يظهر بصورة ترغبهم و توعدهم و تمنيهم..
لا يطل علينا و هو يحمل رمحاً طويلاً ينتهي بثلاثة رؤوس حادة من جمر،
و لا يأتنا بذيله الطويل المتموج، الكثير الشوك،
و لن يخرج لنا لسانه الحادة الطويلة كلسان الثعبان السامة..
و لن نصادفه بقرنين ضخمين يخرجان من  ناصيته،
و لا بوجه كلون اللهب  و لا بعينين حمراوين و لا بأذنين كبيرتين كأذني الخفاش،
و لا بحاجبيه الكثيفين، اللذان  يمتدان أفقياً حتى يتجاوزان مساحة وجهه الشيطاني

بل إنه يأتينا بكل مايغوي من جمال و ما تملك النفس من رغبة..
يأتي إلينا مسالماً وديعاً شريفاً بل إنه يبالغ في إظهار كل ذلك..
يوعدنا بما تسيل له لعاب الغاويين،
يوعد و يقدم إيحاءات براحةٍ أبدية سرمدية لا نهاية لها و لا تقوم بعدها قيامة..

يعمل على تأجيج الرغبات و يطلق شهوات النفس من تحت سيطرة و تحكم ضعفاء الدين....

الشيطان يطمس على عقولنا يعطل نشاطها و قدرتها في تقدير الأخطار ويسلبنا التفكير بالعواقب...
يصور لنا الدنيا بألوان الفرح البمبية والوردية يغمسنا فيما يخيله لنا الملذات...

فليس إلا الشيطان الذي ينسي متعاطي المخدرات كل الأضرار التي سوف تصيبه،
و لا يبقي أمامه إلا صور للحظات النشوة المؤقتة..
ينسيه الخطر الصحي، ينسيه الموت، ينسيه أنه عرضه لأن يصبح معاقاً عصبياً و ذهنياً، ينسيه الإرهاق المادي و الضرر الذي يتسبب به لأهله و أحبابه..
ينسيه فراقهم و الآمهم و أحزانهم..
ينسيه غيرته و شرفه..
ينسيه أنه سيصبح حثالة مرمية بجانب برميل قمامة، يتبول على نفسه لا إراديا...

بل إنه يستطيع أن يطمس على عقول الغاويين الجدد وينسيهم كل الحالات التي سقطت في الحضيض و ما آل اليه من سبقهم من الأولين..

الشيطان لا يتوعدنا بالهلاك بل ينسينا الموت و يوم الحساب..
لا يضع أمامنا غير حياة مخادعة براقة في ظاهرها يكسوها بالبهجة و يملؤها بالنشاط و الفرح و الشعور بالراحة و يغيب عنا عواقبها القاتلة صحياً و إجتماعياً و أخلاقياً و روحانياً و دينياً..
يصنع منا كل الفاشلين والمجرمين..
يجعل منا المتعاطي و القاتل و اللص والبلطجي و الفاسد و الزاني و الكاذب و المنافق و الباسط على ارأضي الآخرين و قطاع الطرق..
ينزع منا الضمير والخوف من الله فيصنع منا تجار الأزمات وتجار السوق السوداء و أمراء الحروب..
يصنع الظالمين و المناصرين للظالمين..
يوظف من بيننا جيشاً من بعض حملة الأقلام المنافقة ضعفاء النفوس  ليشعلون الفتن و يعملون دوماً لتعميق الخلاف و الخصام..
ثم يقفون فوق الحرائق و الأطلال تعلو وجوههم ضحكة ليست ضحكته‍م ولا فرحتهم...بل هي فرحة الشيطان...
يشعرون فيها بالزهو ليس لنجاح حققوه فقط لأنهم إستطاعوا إشعال النار..
نكمل العام التاسع بهذا السقوط بواقع لم يكن ليتحقق لولا الشيطان و زبانيته من شياطين البشر..