آخر تحديث :السبت-04 مايو 2024-09:24م

هل ينجح الداعري بقطع الحبل السري للجنين الضابط؟

الثلاثاء - 27 يونيو 2023 - الساعة 07:18 م

مدين مقباس
بقلم: مدين مقباس
- ارشيف الكاتب


لم يعرف الجنوب  ظاهرة الطفل الذي يولد ضابطاً، إلا بعد الوحدة، حتى يومنا هذا حيث انتشرت كثير من الظواهر السلبية الدخيلة على المجتمع وعلى القوات المسلحة التي تعد واجهة الدولة، ومن مستوى انضباطها يمكن لأي إنسان الحكم على الدولة، هل هي متماسكة أم هشة أو ينخر فيها الفساد؟ حتى طغت هذه الظواهر بكل سلبياتها على العمل في المؤسسة العسكرية بل شوهت الصورة الجميلة التي كنا نتباهى بها عن النظام العسكري الحديدي في القوات المسلحة، كما قاد كثير منا إلى تفضيل الجلوس في المنازل رفضاً للتعايش مع هذا الوضع، بعد أن فقدنا الأمل في إصلاحه، إلا أننا لمسنا  مؤخراً منذُ تولى الفريق الركن محسن الداعري وزيراً للدفاع، نوايا صادقة لجهود يقوم بها لاستعادة الصورة المضيئة للمؤسسة العسكرية وتنقيتها من الظواهر السلبية، التي تبدأ بإعداد الضابط في الكليات والمدارس العسكرية المتخصصة وانهاء ظاهرة المجيئ من القطاع الخاص ، (بناشر وورش الحدادة أو أن يولد لطفل ضابطا)، لأنه أبن هذا القائد أو ذلك المسئول، فهل ينجح الداعري بقطع الحبل السري للجنين الضابط؟!

اثمرت مؤخراً جهوده الحثيثة يبذلها منذُ أكثر من عام وبدأت تبرز ثمارها على الواقع ، لنقل القوات المسلحة من وضع الركود والفساد والعشوائية إلى وضع يبشر بالأمل لاستعادة تفعيل الإجراءات والضوابط لتنظيم العمل فيها وبناءها على أسس وطنية سليمة، ونالت هذه الجهود إعجاب منتسبيها لا سيما الأفراد وبعض القاده المرحبين بعملية الإصلاحات الهيكلية والتنظيمية للقضاء على العشوائية والفساد وتفعيل مبدأ الضبط والربط العسكري، وتؤكد الجهود المتواصلة  لوزير الدفاع سعيه الصادق لحلحلة المشكلات والتركة الموروثة من الحكومات السابقة والتي بدأها بتأهيل أكثر من مائة طبيب وطبيبة من منتسبي الخدمات الطبية والوحدات الأخرى، بالإضافة إلى إستئناف نشاط وعمل الكلية العسكرية بعدن واستقبالها الدفعة ال52 مطلع شهر يونيو 2023م بعد توقفها منذُ 2018م.

سأكون مجافياً للحقيقة إذا قلت إن كل شيء يسير بشكل أفضل ووفق ما يتطلع إليه المواطن، لكن الحقيقة أن هناك نجاح  رسم نقطة مضيئة للانطلاق نحو الأفضل، يمكن توسيعها وتعزيزها بتعاون الجميع، فمثلاً لم نتوقع نجاح عملية استقبال القبول للالتحاق بالكلية العسكرية عدن، لكن بفضل الله ثم جهود وزير الدفاع الفريق الركن محسن الداعري ورئيس لجنة القبول اللواء الركن احمد سالم المرزوقي ومدير الكلية العسكرية عدن اللواء ركن عبدالكريم الزومحي الذي بدورهم استطاعوا الانتقال بها إلى وضع أفضل، مما كان عليه، مما يبشر بإمكانية إصلاح وتحديث آليات القبول لتلافي القصور الخارجة عن عمل (لجنة القبول أو الكلية)، وانهاء التجاوزات من قبل قادة الوحدات والالوية كترشيح اقاربهم، بالإضافة إلى غياب العدالة في توزيع قادة الوحدات بين المحافظات فبعض المحافظات لاوجود لأي قيادات منها، فلم نسمع عن أي قائد لواء من سقطرى أو المهرة في عدن، لكن هناك ستجد قاده من مختلف المحافظات الجنوبية فيها فبالرغم من أن آليه توزيع المقاعد على الوحدات تبدُ في ظاهرها منصفه، ومرحب بها إلا أن عند التنفيذ لم تحقق العدل المرجو، بسبب غياب التوازن في توزيع الوحدات، وعدم تنفيذ آلية المفاضلة في الوحدات نفسها لإتاحة الفرصة أمام جميع الراغبين للتنافس لفوز الأفضلية، من حيث اللياقة والتحصيل العلمي، واقتناع الجميع  بالنتائج، فينبغي تحديث هذه الآلية وإلزام الوحدات والقادة بالتقيد بتنفيذها وتطويرها وجعلها سلسة ومقنعة للجميع يصاحبها تطبيق إجراءات رقابية لمحاسبة قادة الوحدات، حتى لا تتكرر هفواتهم وأخطاء اختيارهم للمرشحين الذين زاد ظلمهم للجنود وتعدى سرقة مرتباتهم إلى سرقة مستقبلهم واقصائهم من الدورات التأهيلية أو الالتحاق في الكليات العسكرية.

التركة كبيرة ويصعب حلحلتها بين ليلة وضحاها، لكن للأمانة هناك جهود تبذل ونجاحات محققه يمكن مضاعفتها، وتتطلب تضافر جهود الجميع، قادة ومجتمع ووزارة ومساندة خطوات الوزير المبشرة بالخير والأمل بإصلاح ما يمكن إصلاحه ليكتمل النجاح، والوصول إلى المستوى المأمول، وقطع الحبل السري للجنين الضابط، وإتاحة فرصة التأهيل للجميع واستعادة هيبة القوات المسلحة وانضباطها.