آخر تحديث :الخميس-02 مايو 2024-01:17م

في عدن الحبيبة.. حبٌ وحربٌ وسلام وأشياء لا تُقرأ..!

السبت - 10 يونيو 2023 - الساعة 04:48 م

ياسين الرضوان
بقلم: ياسين الرضوان
- ارشيف الكاتب


قال لها دون معرفةٍ سابقة أو مقدّمات أو أسباب أو حتى دون أن يعرف لمَ يجب أن يقول لها ذلك..؟

 سوى أنه تعوّد على البوح عن الظواهر الميتافيزيقية الخفيّة التي قد يُصطدم بها فجأةً..ودون أن يفهمها أحد!

ثم ما برح يكتب في كرّاسته عن ألوان قوس قزح الزاهية وهي مطوية بشكل معاطف وأحذية وإكسسوارات دومًا ما ترتديها!

هذا على سبيل المثال والذوق ليس إلا..  وبشكل صادم ومفاجئ قال لها:  إنّكِ أنيقةٌ جداً.. إنّكِ تُشبهين عدن أيام "الاستعمار البريطاني" إنك دُرّة لآلئ التّاج الملكي وأنا أُشبه تلك المرأة العدنيّة المسنّة المسكينة..

المنتصبة قُبالة رصيف "السوق الدولي" والناس ينتابُها الفضول وأعينهم تزوغ من خلف نوافذ السيارات والمارّة يُحدّقون بها مستغربين منها وهي ترفع لوحة الملكة "إلزابيت" منذ سنين دون يأس!

ترى..لِمَ تفعل ذلك دائماً؟!! ولم أكتب أنا ما أكتبه الآن..؟! أتمنّى عودة "إلزابيث" خاصتي لزيارة عدن مجدّداً

وافتتاح "مستشفى" و"حديقة" و"فندقا" للمدينة ومنع تجوال الغربان يأصواتها الصاخبة وكلما يراها يبتسم ويُطمئنُ نفسه قائلاً:

الحمد لله.. الحمد لله لا تزال عدن بخير لفرط أناقتها..! لقد نسيت ماذا بعد أيضًا.. إنّني مستغرقّ في حالة التِّيه..

ومُشتّت التفكير دومًا كثيرون حولي ومزحوم جدا بهم ومع ذلك..

أقبع وحيدًا في "عزلةٍ قاتلة" أقسمت في آخر مرّة لحبيبتي ألّا أُلاطف أنثى بعدها أبدًا

لكنني فعلت الآن ذلك! الساعة الآن تشير للثالثة والنصف صباحاً.. سأذهب الآن لتناول السحور للبدء بالصوم من هذا اليوم

ترى هل يمكن أن يكفّر صوم ثلاثة أيام وسخ يمين "الخيانة" ولو بالكلمات؟!

"إني نذرت للرحمن صومًا فلن أكلّم عنها اليوم إنسيًّا"..! ركلتني المجنونة بقدميها الحادتين كشِفرة حلاقة

إنها أحلامٌ مختلطة ومشتّتة:

المجنونة تنهال علي باللكمات: لِمَ تبتسم وأنت نائم وخداك متوردين

بماذا تحلم أيها الوغد..؟! حلمت بـ"أمنية" تُشبه مريم العذراء

مصلوبةً على بوابة معبدٍ عظيم أحسستني حينها الكاهن الأعظم "ألخماهو"

وتحوّلت في الوقت ذاته وبشكل متناقض وعجيب إلى"يوزرزيف"مردّدًا: "كلا إنه ربي أحسن مثواي"

قالت ثم ماذا؟! قلت ثم دقّت أجراس كنيسة "التواهي" وأفقت ضاحكًا ومستغربًا من أحلامي

أظنني قلت لها الحقيقة الآن على عكس تأويل منامي بالضبط كما في "الأفلام الأجنبية" ذي النهايات غير المتوقّعة

أعرف إنه لو كان بإمكان حبيبتي التنصُّط على أحلامي وعلى هزّات حركات صفائح ضربات قلبي "التكتونية" لفعلت!

إنها تُشبه خبير الزلازل الهولندي

الذي لم يخبرنا بالهزات الأرضوبحرية التي ضربت سواحل خليج عدن لكنّ معالي الوزير لملس يوم أمس السبت: حلّ بدلًا عنه وطمأننا بشدّة: "عدن لم تتضرّر بهزة الزلزال يبدو أن قلبي كان الوحيد المتأثر بها. لتستمرّ مسيرة تنمية الجولات"..! إنه منامٌ مشتّت ومختلط

وجدتني معه على بوابات "ديوان المحافظة" أبحث معه لساعات مع جندي من "محافظتي" إمكانية الدخول لإتمام "معاملة روتينية" بسيطة عارضًا عليه "سيرتي الذاتية" و"شهادة حسن سيرة وسلوك وخلو سجلّي الجنائي من أي تهم.."

كما لو أنني أطلب وظيفةً في مؤسسة أمريكية عريقة "تطلب حتى بصمات أصابع أرجلي العشر كل واحدة منها في خانة" وأسماء أفراد أسرتي ومواعيد دخولي الحمام وخروجي منه إنه النظام يا سادة النظام لا سواه الذي نفتقره  لو طلب حينها ذلك الجندي بصمات إصابعي

لفعلت ليطمئن أنني لست مجرمًا خطيراً ولا قاتلاً متسلسلاً حتى ندخل من بوابات الحضائر المتزايدة في المدينة مثل بوابات "المجلس الانتقالي" هل من الضروري أن نشعر بالإذلال قبل الدخول مثلاً أو الاعتراف بالعرق السادي المميّز

أؤكد للحرس عن صولاتي وجولاتي وأنني الجندي "رامبو" وخدمت في الجيش الأمريكي في الحرب الفيتنامية ولكنهم مساكين..

 عسكر لا يتعلمون لا يقرؤون  ولا يفهمون ولا يشاهدون تراجيديا السينما العدنية المنبعثة من تحت الركام ويرددون "القانون كالسيف إن لم تقطعه قطعك" ضحكت وانصرفت لتفاهتي أنا أيضاً لأنني هنا أساسًا هنا هذه تشير إلى أنه لا أحد يتفرغ للهذيان  كما أفعل الآن الجميع منشغلون بالأفعال فقط  كل شيء على الواقع وبشكل عملي ولكن أيضا بشكل خاطئ جدًا

"الفعل الذي يسقط على الأرض دون أن يسقط على ورق هو بناء عشوائي سيُهدم في أي لحظة ممكنة"

أتمنّى أن يصلوا وجهتهم دون أن يخرقوا "السفينة" التي تمخر عُباب البحر ونحن جميعاً على متنها

"السلام على أهل السلام في عدن الحبيبة.. وأما الحرب فنحن رجالاتها" قُبلةٌ على جبين طفلي "سلام" النائم بقربي أبتسم عندما أراه ساكنًا ووديعًا في نومته وواضعاً قدمه على الأخرى كأنه يجلس على مصيف في سواحل البحر الأحمر.. ثم أتذكر أنه كزوبعة عندما يستيقظ عنيد ومجنون وذكي لا يقبل اللغة الآمرة عندما نريد شيئاً منه نتودد إليه بلطف تام فيفعل كل شيء حرفياً أما بالصراخ سيتجاهلك كما لو أنه لا يعرفك ولا تقرب له يعضّني ثم يأتي معتذرًا بلغته الطفولية اللذيذة: هلاص يا بابا.. حبيبي يا بابا

وعلى طريقة "هيفاء وهبي" في أغنيتها السمجة "ليك الواوا.. بوس الواوا.. خلي الواوا يصح..لما بست الواوا شلته.. صار الواوا بح" دائما ما يستغفلني بهذه الطريقة أت أبّه واوح (جيب ابوس الجرح) ثم ما يلبث أن يعود لعضّي مجددا يحسب الحب لعبة ألم وبنلعبها..! وأنا بدوري أرد عليه كالفتيات المراهقات اللاتي لم يجرّبن الحب إلا لمرة واحدة  ومن بعدها يصبحن محترفات  بعد أن يقعن ضحية حبّ غادر أو لا يخضع لمعيار "التناسب العقلي" نتيجة عدم خبرتهن وقلة وعيهن وتهوّرهن  وتأثرهن الطويل بالموجات البنفسجية "والتيكتوكية" للمسلسلات التركية  فيبدأن بكتابة بيانات الوجع على وسائل التواصل باستجداء المساكين: ماذا لو عاد معتذرا؟! ونفسهن تقول: سأبوسه مرة أخرى وأطلب خازوقًا آخر لأنه كما يقولون عندنا في البلاد "العُسني" يحب خنّاقه!