آخر تحديث :الأربعاء-24 أبريل 2024-12:56م

مهرب شحنة المسيرات

الإثنين - 05 يونيو 2023 - الساعة 12:00 ص

ياسين الرضوان
بقلم: ياسين الرضوان
- ارشيف الكاتب


بتصرف: "إن كنتم كشفتم شحنة المسيرات فتلك مصيبة ويا ليتكم تركتموها تمر للحوثي وقده متخم بالمسيرات أساساً، وإن كنتم لم تكشفوها إلا بنقطة مصنع الحديد وعلى مشارف تعز فالمصيبة أعظم"، بصراحة لا أدري ما أسمي تمكن القوات الأمنية من إيقاف شحنة معدات وطائرات مسيرة، هل أسميه نجاحاً أم أسميه إخفاقا عميقاً للأجهزة الأمنية في خطوط الاستيراد الأولى للبلد، فإذا كانت جاءت من الخارج وعبر ميناء عدن فهذه تمثل رصاصات موت رحيم وبطيء للميناء، فوق ما هو يعانيه من سكرات الموت هذه الأيام، إذ كيف خرجت من الميناء ومرّت من كل هذه النقاط، هذا يجعل الانتقالي في مأزق كبيرٍ وخطر جداً، هذا يجعل قواتهم مثل الطرشان في الزفة، بحكم أنها من تسيطر على الأرض ولا تمر شاردة أو واردة من دون أذن قواته، ورجالاته الأفذاذ كما يُفترض طبعاً..

أظن إن الشحنة لم يكن هدفها الرئيس إطلاقاً تهريب أسلحة أو قطع غيار للمسيرات الحوثية، بقدر ما هو ضرب لهذا الميناء المهجور والمظلوم منذ عقود، لذلك يجب التوقف عند الأمر مليا من أعلى سلطة في الانتقالي، والتحقيق من أين أتت وكيف أتت ومن أي النقاط مرت، وبالتفصيل الممل جدا، وبعد ذلك معاقبة وتغيير جميع المسؤولين الذين مرت فوقهم هذه الشحنة، و"مش كل مرة تسلم الجرة"، وحتى يعرفوا الشغل الأمني وأهميته وآثار نتائجه المدمرة، وهو أعظم النضال بدل الهدرة الفارغة والزعبقة الكاذبة هنا وهناك..

إن الوطن في هذه المرحلة يحتاج لأفعال مش صور ورسومات على الجدران، الوطن سيمر على متن مثل هذه الشاحنات، ولابد من تصحيح المؤسسة الأمنية وإعادة تنظيمها لتصبح ذا فعالية وبشكل عاجل، مش كل واحد معه معسكر كأنه المرحوم الحي ورّثه له، وأصبح كل معسكر مثل الزريبة لا نظام ولا انتظام وعاده ملك خاص، لابد من العمل بعيداً عن التكسب والصحوبية، والا نرجع نفتح حضانة ونتعلم من أغاني "نانسي عجرم" اللي غنتها للأطفال، "شخبط شخابيط..لخبط لخابيط، مسك الألوان ورسم ع الحيط، أعمل إيه وياك يا حمادة؟! اللي عملته ده أسوأ عاده"، وطالبت نانسي حمادة أن يترك عادة الشخبطة على الجدران، وينتبه على الميناء ويرسم على السبورة عشان يتعلم ويضمن المستقبل حتى ما يضيع ويضيعنا معاه.

الوطن بيصير بعيد جدا لأنه ما رح يجي والدنيا هكذا، سدح مدح، الآن بناء مؤسسات وكل واحد حسب تخصصه وكفاءته ولابد من منتوج ورؤية وعدم ترك الحبل على القارب فالرياح تهب وهذه السنين مواسمها، ويجب ألا نترك مؤسساتنا الحيوية تحت سيطرة الغربان حتى لا يصبح مهجورا أكثر، وغير كذا فنحن نضحك على بعضنا البعض، ولم نستوعب المرحلة ولا التنظيم والإدارة. مع ذلك اتركونا من أغنية "شخبط شخابيط" وخلونا نشتغل على أغنية نانسي الأخيرة التي غنتها في دبي، وأول مرة بالمناسبة نستفيد من فن نانسي الناعم، ويا الله نسمع ونغني: "حبك منجا وتفاح.. حبك سفاح.. مجرم وماسك لي سلاح"، خلو بالكو إنها بتتكلم عن شحنة مسيرات وحب بالغصب تحت تهديد السلاح، معليش اتحملونا ونحنا نطبّل للست نانسي..!

المهم لنعد الآن لتساؤلنا: لماذا نقول إن هكذا شحنة في هكذا وقت خطرها على الميناء؛ لأن الحوثي حالياً يقرأ الواقع جيدا ولم يعد بحاجة كبيرة إلى "الطائرات المسيرة" بقدر احتياجه إلى إعادة تنشيط ميناء الحديدة، وهذا كله يترافق مع إيقاف أكثر من 300 شاحنة من الحبوب والدقيق القادمة عبر ميناء عدن في تعز، وهدفه من ذلك اقتصادي وتحويل التجار إلى ميناء الحديدة مع التخفيضات والمزايا التي وضعتها حكومة الحوثي، ومع عمله على الاستيلاء على القطاع الخاص وتركيع التجار.

هنالك أحداث تتغير شمالاً، وتثبت إن هذا الحوثي - على خطئه - لا يكل ولا يمل، ويخوض حروبا متتالية دون يأس أو توقف، ومنها إيقافه تصدير مقطورات غاز مأرب إلى صنعاء والمناطق الواقعة تحت سيطرته، ليؤدب سلطات مأرب، وينشط ميناء الحديدة، وربما يشتري الغاز الإيراني، يعني خدمة بخدمة وتجاوزا للعقوبات الدولية على صادرات إيران، التي تعرف بالتأكيد كيف تهرب صادراتها النفطية فهي خبيرة انتحالات بحرية، ولديها مسلسل طويل في تهريب السلاح والمخدرات وأخيرا الوقود بكل أنواعه..

وفي كل حالة، إذا نجح تهريب قطع المسيرات عبر مناطق الجنوب وميناء عدن، فهذا يعطي انطباعا سيئا جداً للحلفاء قبل الأعداء، بأنه لا يمكن الاعتماد عليكم ولا الثقة بكم، وإن نجحت ومرت أجزاء المسيرات إلى صنعاء، فهذا تحصيل حاصل بالنسبة للحوثيين، وإن اكتشف أمرها، فهذا أيضاً جيد بالنسبة له، وسيخدمهم لضرب خصومهم "الانتقالي" ومناطق سيطرتهم، ويعطل ميناءهم، وفي النهاية عندما سينجح الحوثيون في جعل التجار يتحولون إلى ميناء الحديدة بدلًا عن ميناء عدن ورسومه الجمركية الباهظة، وكذلك محاولته السيطرة على القطاع الخاص، حينها سيهربون عبر مينائهم "الحديدة" صواريخ.