آخر تحديث :الأحد-01 سبتمبر 2024-06:41ص


قصة صديقي الدكتور مع العلاج المجاني

الجمعة - 26 مايو 2023 - الساعة 12:00 ص

د. أنور الصوفي
بقلم: د. أنور الصوفي
- ارشيف الكاتب


حدثني صديقي الدكتور عن قصته مع العلاج، وقال:  الحمد لله، الله يحفظ صهري، فأنا أتعالج على حسابه في أرقى مستشفيات عدن، سألته: ما شاء الله، يمكن صهرك وزير أو يمكن تاجر كبير؟ قال صديقي: والله لا هذا ولا ذاك، صهري لا يحمل أي مؤهل تخرج من الصف السابع، وليس له أي منصب، ولكنه يعمل موظف بسيط في أحد المرافق الإيرادية في عدن، ويتسلم راتبًا يعادل راتبي مرتين أو ثلاث، ويتسلم حافزًا شهريًا يفوق راتبي، وعلاج مجاني في الداخل والخارج، وتذاكر سفر، ودولارات.

  قلت لصديقي الدكتور: كما عندنا في الجامعة، والتفت إليَّ، وضحك، وقال: نحن معنا السمعة، وراتبنا بالكاد يكفي لأساسيات الحياة، أما العلاج فالله يحفظ صهري.

  قال صديقي الدكتور الفقير: تصدق عندما يذهب صهري للعلاج في الخارج، تسلم له تذاكر سفر، ولزوجته، ولأولاده، ويصله كل شهر ألف دولار، ويستمر راتبه وحوافزه مستمرة، هنا قلت لصاحبنا الدكتور: يا ليت نقابتنا تعلم أننا لا نمتلك قيمة الذهاب للوصول إلى مستشفى الجمهورية، وإذا تمكن الأستاذ الجامعي من الوصول إلى المستشفى الحكومي لم يجد قيمة العلاج الذي لا بد من شرائه من الصيدلية، قال صديقي: وأزيدك من الشعر بيتًا، قلت له: لا تزيدني، ولا أزيدك أما نحن في الجامعة قد معنا المعلقات العشر، وقدنا شبعانين من الشعر، قل لي شي زيادة في الراتب؟ شي تطبيب؟ شي تذاكر؟ أما الكلام قدنا شبعانين منه.

 قال صديقي: من قال لنا نروح الجامعة، قالها بحرقة وأسى، قالها وهو يردد، والله أصبحنا أضحوكة لكل الموظفين، معنا سمعة دكتور، آخر الشهر ترانا على أبواب البقالات نتسول راشن الشهر، وناقص نبكي لصاحب البقالة حتى يعطينا إلى نهاية الشهر.

 قلت له: مشكلتنا فيمن يمثلنا في النقابة، فلو شدوا على الحكومة لوصلنا لمستوى صهرك الموظف البسيط الذي يحمل مؤهل سابع ابتدائي، وقلت له: أساتذة الجامعة في كل بلاد العالم هم المستشارون، وهم من بيدهم التغيير، ولكن أساتذة الجامعة في وطننا للأسف الشديد مدعممين، لهذا لن ينصفهم أحد.

 قلت له: انتبه على أولادك يروحوا الجامعة، قل لهم يقعوا رجال، وينقبوا عن المرافق الإيرادية، قال لي: لا توصي حريصًا، قدني أنصحهم دائمًا، وأقول لهم: لا تودفوا مثلي وتدرسوا جامعة وماستر ودكتوراه، شوفوا هذا ضياع، انتبهوا على مستقبلكم، وعينكم على المرافق الإيرادية، أهم حاجة ابتعدوا عن الجامعة، فروا منها فراركم من المجذوم..

ليست قصة للتسلية، ولكنها حقيقة يعانيها كل أستاذ جامعي، وقد رواها لي صديق دكتور، وهي مهداة لكل نقابي في كل كلية من كليات الجامعات الحكومية، وكذلك هي مهداة لرؤساء النقابات في تلك الجامعات.