آخر تحديث :الخميس-16 مايو 2024-09:52ص

عن واقعة إقتحام مقر نقابة الصحفيين

الخميس - 02 مارس 2023 - الساعة 05:22 ص

نشوان العثماني
بقلم: نشوان العثماني
- ارشيف الكاتب


نقابة الصحفيين اليمنيين ليست مؤسسة حكومية ومقرها ليس ملكًا للدولة.
الأمر لا يشبه مقر وكالة سبأ أو تلفزيون عدن، حتى نقول إنه كان ملكًا لـ جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية فجرى استعادته.

من المحرج الحديث عن هذه "الاستعادة"، وفي هذه الواقعة بالذات.

النقابة منظمة مجتمع مدني، ومقرها مثل أي منظمة مدنية في البلاد لا بد أن يكون خاصًا بها.

اقتحام مقر النقابة في عدن خطأ فادح، وتصرف منفعل له أن يظهر نقابة الصحافيين الجنوبيين بما لا يُشبه أي عمل نقابي.
نتفق أو نختلف مع نقابة الصحافيين اليمنيين، لكن هذا المقر يظل خاصًا بها كأي مؤسسة مدنية نقابية في أي مكان. تعمل ما تعمل، هذا شيء يخصها.

هذا التصرف سيجعل النقابة الجنوبية الوليدة محل إدانة واستنكار مختلف النقابات والاتحادات الصحفية الدولية، وقد رأينا ذلك في بياني اتحاد الصحفيين العرب والاتحاد الدولي للصحفيين، الـ كنا بحاجة إلى اعترافهم، أو على الأقل لتواصل مثمر معهم.

فبعد هذا الذي حدث، هل ستكون لنقابة الصحافيين والإعلاميين الجنوبيين أي شراكة مع نقابات واتحادات ومنظمات إعلامية عربية ودولية؟

الجواب: قطعًا لن يكون.

إذن، لمَ يحدث كل هذا؟ لصالح من؟
أنت على الأرض قويًا وصاحب سلطة الأمر الواقع، وقد أصبحت شريكًا فاعلًا في الحكومة المعترف بها دوليًا وقطعت شوطًا عظيمًا في مسارك السياسي، فعلامَ القيام بحركات غريبة عجيبة من هذا النوع؟

يمكن لأي أحد أن يبرر، وما أسهل التبريرات، وما أسهل الانجرار مع الموجة، لكن هذا في النهاية لا يصح أن نجامل هذه الأخطاء؛ لأنها أخطاء.

أعرف أننا بأمس الحاجة لخطاب آخر، فاعلًا أكثر، لكنك تؤذي نفسك يا صاحبي، وتهدم - في مثل هذه الجزئيات القاتلة - مسار مشروعك - ومظلوميتك التي بالأمس - أمام المجتمع الإقليمي والدولي.
متى ستكون ذكيًا؟
ومتى ستخرج من دائرة هذا التفكير الضيق؟

لا يخدعك أحد بالإشارة لمليشيا الحوثي ونظام طالبان؛ أنهم فرضوا أمرًا واقعًا فافرضه كما يفرضون. هؤلاء منظمات ومليشيات إرهابية، لن يعترف بها أحد وسيظلون معزولين عن العالم أجمع، لكنك لست إرهابيًا مثلهم، ولن تكون؛ بالنظر إلى مشروعية قضيتك العادلة. فلمَ كل مرة تخدش جمالك بأظفارك الطويلة هذه؟

أعرف أنك ستغضب يا صاحبي.
فلتغضب. لا بأس.
يهمني أن تكون أذكى من هذه الأدوات السهلة والكارثية.
يهمني أن تكون أذكى؛ لأن قادمك هو قادم هذه القضية العادلة.
أنت الآن الممثل الأبرز لمسار تراكمي عمره ثلاثة عقود على الأقل. فلمَ بعد كل هذا الذي حققته، تعود لأفعال من هذا النوع الذي لن يضر أحدًا قدر أن يضرك؟

هذا المقر، ما أهميته؟ هل شحت الإمكانات لحتى لم تجد غيره؟
أنت تعرف - أو يفترض أن تعرف - أنك في غنى عن كل هذا.
فكلما كان المنتظر شيئًا أكبر، يتمخض الجبل....
لماذا؟
ولماذا؟ ولماذا؟

لتنقد نقابة الصحافيين اليمنيين كما يحلو لك، وفي كثير مما يعتريها يجب أن تُنقد، لكن لمَ تتعدى عليها؟
ماذا لو أتى أحدهم في الغد، وتعدى عليك؟ ماذا سيكون الموقف؟
الحقوق والحريات أبدًا لم تتجزأ. إنها دائمًا متكاملة، ويجب أن تكون كذلك.

كان بالإمكان أن يكون للنقابة الجنوبية مقر أفضل وأكبر وأن تلعب دورها المهني كما يجب. فيأتي أحدهم ويحرك البوصلة نحو هذا المربع الـ أنت في كل الغنى عن دخوله.

يا ليت.. إنها أمنيات أن تكون عند مستوى الإدراك الـ يمكّنك من أن تعرف ما هو لك وما هو عليك.
وأن تناور في تلك المساحات الـ تستحق المناورة.
وأن تكون كل مرة أقرب للهدف، لا أن تظن أنك أقرب وأنت بعيد.

مرحلة صعبة والقضية عظيمة وعادلة، لكن المهم من كل هذا أن يكون المحامي ناجحًا.

كل مرة نقول، بكل هذا الحرص، وكل مرة لا تسمع.