آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-02:20م

اين الإرث الثقافي والفكري اليوم ؟!

الأحد - 05 فبراير 2023 - الساعة 11:57 ص

احمد ناصر حميدان
بقلم: احمد ناصر حميدان
- ارشيف الكاتب


حضرنا تابين فقيد الوطن والفكر والثقافة والفلسفة الدكتور أبوبكر السقاف في مقر حزب التجمع الوحدوي اليمني ( الحزب المدني حزب المثقفين والادباء , الذي لم يتلطخ بالعنف والفساد ) , كانت فرصة للقاء بالقوى الناعمة , قوى التنوير والفكر والثقافة , من الشعراء والكتاب والأدباء والصحفيين  ,الذين نعوا رفيقهم و سردوا مناقبه , و الحديث عن الإرث الفكري لحركة التنوير حديث شيق , في بيت الثقافة ومنبر فقيد الحركة التنويرية عمر الجاوي , هامة من هامات الحركة التنويرية , التي تصدت للاستبداد والطغيان , وكان لابد ان نشير ل محمد علي لقمان كرائد من رواد حركة التنوير العدنية  , ودور عدن كمنارة فكرية وثقافية , ناصرت حركات التحرر والاستقلال في المنطقة , فيها تخلقت فكرة الثورة , من 48م لثورتي سبتمبر وأكتوبر المجيدين , وطرح السؤال التالي :

ما الذي يحدث لعدن اليوم ؟ وأين دور القوى الناعمة ؟ هل نكتفي بإرث من رحلوا من الفكرين كتاريخ , نتذكره من  حين لأخر , و نندب حضنا بالحاضر والمستقبل ؟

 و لماذا غاب دور القوى الناعمة , غاب دور المثقفين والادباء والكتاب , الذين تحول بعضهم كمروجين لخدمة القوى التقليدية وزعيمها العسكري القادم من أغوار التخلف والعصبية , و مبررين لعنفه وفساده وانتهاكاته , وسجونه السرية .

مع العلم ان القوى الناعمة , قوى العقل والفكر والتنوير , هي اليوم موزعة بين الأحزاب السياسية , والمكونات الاجتماعية , و منظمات المجتمع المدني والنقابات , لكنها تابعه وليست رائدة , ومع أهمية تلك المكونات كأدوات للتنمية السياسية , تقودها قوى العنف والتخلف والجهل والرجعية , فأفسدت لتتحول لأدوات خراب وفساد , يخدم الاستبداد والطغيان , في معادلة نتائجها واقعنا اليوم الأسي .

وبالتالي فشل القوى السياسية وأدواتها وبرامجها , التي تتحدث عن الثورة والجمهورية والوحدة ,عن الديمقراطية والمواطنة والحكم الرشيد .

هل نعترف ان واقعنا اليوم  هو انتصار للنفوذ القبلي والعسكري , وفشل للفكر والثقافة والتنوير , وكل ما يسمى بالقوى الناعمة , التي فشلت في تحويل شعاراتها لواقع , وساهمت في تدمير منابرها , وعلى راس تلك المنابر هي عدن , ومقوماتها الثقافية والفكرية والسياسية والنقابية , التي صارت اليوم تحت قبضة النفوذ القبلي وحماية النفوذ العسكري الذي تشكل من رحم الحرب , واستورد من سوق الارتهان والتبعية للقوى الرجعية العربية في الإقليم وأدواته في الداخل , وهي اليوم من تدير مسار التحول لمشتهاها ورغباتها الجامحة في الصراع من اجل السلطة والثروة .

كثيرا هي الأسئلة التي تراودنا عن مؤشرات المستقبل , و الأدوات التي تنشأ اليوم ,وفقدان الامل والشعور بالخذلان , وهل مازلنا في واقع فكرة الثورة التي تخلقت من المنابر الفكرية , ام انتهى دور الفكر بعد ان تمكنت قوى العنف والنفوذ القبلي من اختطاف الثورة لتديرها كما يحلو لها , وهي تجرنا اليوم للعصبيات والنعرات , وتنفث روائح كريهة من الكراهية والعنصرية , واستدعاء ماضي عفن , وصراع دموي قاتل .

لا تخلو القوى السياسية  التي تتقاسم السلطة ,من القوى ناعمة , مازالت تحمل أفكار الثورة والحرية والمواطنة والعدالة الاجتماعية , وكلا يقدمها بما تشتهيه القيادة التي ينضوي تحت سلطتها , وهي قوى العنف القبلي والعسكري , التي لا تستوعب تلك الأفكار , بل تعتبرها مجرد بهارات ثقافية وصحفية للترويج فقط , هي ترى ان تثبيت الحكم بالقهر والقوة الغاشمة ضرورة مرحلية , وانتهاك اعراض الناس وممتلكاتهم وحقوقهم ضحايا مرحلة التحول , التي بدونها لا يمكن تثبيت السلطة , او بالأصح اختطاف السلطة , وهناك فرق .

رحم الله مفكرينا الأوائل الذي صاغوا أفكارهم في إرث ثقافي وفكري , قابع في كتب ومجلدات على رفوف المكتبات , لم يسمح له ان يكون واقعا في ظل مجتمع مثقل بالعصبية الجاهلية والتعصب والغلو , والاتهام والتخوين والتكفير , في ظل إرهاب فكري وثقافي لا يمكن ان يسمح لحوار العقل والفكر , لتبلور الأفكار , تنقية الاصلح منها والأفضل دون عنف وقهر واستبداد وتنمر .