آخر تحديث :الإثنين-29 أبريل 2024-03:06م

قرون في سطور

الأحد - 20 نوفمبر 2022 - الساعة 11:15 ص

محمد سالم باحميش
بقلم: محمد سالم باحميش
- ارشيف الكاتب


من المتعارف عليه أن أقدم الحضارات في التاريخ قامت على وجه الأرض كانت في جنوب الجزيرة العربية وخير دليل على ذلك قصة النبي سليمان عليه السلام مع الملكة سبأ ( يلقمه بنت ايلي شرح ) 

وهذه الرقعة الممتدة على طول ساحل البحر العربي والبحر الأحمر والتي استطاعت اليمن أن تمتلك من خلالها كل مقومات العظمة والرقي والمجد واستطاعت ان تسيد العالم وأصبحت رقماً صعباً بفعل موقعها الجغرافي الفريد و الفطرة اليمنية الشرسة.

تنسب الى قحطان بن هود عليه السلام الذي بدوره تناسل و انجب العديد من الأبناء بلغ عددهم 10 ابرزهم ( يعرب بن قحطان ) الذي من نسله انحدر الملوك التبابعه ،، ثم توالت الأزمان و مضت الدهور و انطوت السنين ودار الزمان دورته وظهر ملك ( تُبّع ) من اعظم ملوك اليمن على الإطلاق حيث يعتبر اول من أستطاع ان يوحد اليمن ويحكمها من شمالها الى الجنوب بالعدل والحكمة انه الملك والتُبّع الذي لم تنكس له راية قط وهو (الحارث الرائش) وهو اول تبّع في التاريخ وبقية التبابعه هم احفاده وهم الوف مؤلفه.

وللعلم فإن لقب (تُبّع) كان يطلق قديما على ملوك اليمن حصرا دون غيرهم والذين حكموا من حضرموت الى تهامة اي حكموا اليمن كامله.

ولكن في واقع الحال والذي تعيشه اليمن اليوم كم نحن بحاجه الى ( تُبّع ) مثل الحارث كي يعلم اقزام السطلة كيف يُعزّون شعوبهم ، فاليمن اليوم حزين وليس ذلك السعيد ، بسبب حكامها الذين لم يراعوا ذممهم في تاريخ بلادهم العريق الذي اعتقد بل اجزم انهم لم يسمعوا من قبل بهذا الاسم العظيم ، إنها آفة الكراسي ياسادة

كما ذكرنا سابقاً ان التبّع الحارث الرائش حكم اليمن بكاملها وبعد ان توفي خلفه العديد من الملوك العظام الذين حافظوا على وحدة البلاد المركزية وظلت اليمن في ظل هذه الدولة الموحدة الى ان وصل الدور الى الملكة العظيمة ( يلقمه بنت ايلي شرح) المعروفة في مصادرنا باسم الملكة (سبأ) التي كانت لها من الحكمة ما إن وزع القليل منه على حكامنا اليوم لأصبح حالنا غير هذا الحال الذي نعيشه (ولكن لا حياة لمن تنادي) ، كان في عهد الملكة (يلقمة)  احداث عظيمة لاشك في ذلك ولكن اعظمها قصتها مع النبي سليمان عليه الصلاة والسلام المذكورة في القرآن الكريم ، ويذكر في كتب الإسرائيليات أن النبي سليمان كان في منتصف القرن الثالث عشر قبل الميلاد وهذا دليل على عراقة حضارة اليمن التي إمتدت عراقة تاريخها الى نبي الله صالح وهود الذين كانوا قبل النبي سليمان والعجب لاينتهي حيث تذكر بعض المصادر التاريخية ان ميناء عدن بناه الجن الذين سخرهم الله لخدمة النبي سليمان ، واستمرت الدولة موحدة يحكمها ابطال عظام نذكر بعض منهم (باران ذا رايش - افريقيس ذا المنار الذي سميت افريقيا باسمه - ابرهه ذو المنار - ذو الأدعر - السكساك بن عمروا) ، الى هنا انتهت المرحلة الأولى من دولة سال حقبة ركزية .

بعد هذا الشموخ وهذه العظمة ضعفت دولة سبأ وقد ذكر ابن خلدون قاعدة عامة للدول في مقدمته ( أن أي دولة تمر بثلاث مراحل نشؤ ثم ازدهار ثم انهيار) وهكذا يدور المثلث المستمر . 

فبعد ضعف الدولة المركزية ظهرت عدة دول مستقلة عن الدولة المركزية سبأ وهي (معين - سبأ - حضرموت - اوسان - حميــر) ولكل واحدة من هذه الدول تاريخ مختلف عن الأخرى ولكل واحدة منها عظمة وسيادة مطلقة على بلادها ، ومَثل اليمن كمثل مبنى عظيم البنيان بعد فتره انقسمت أجزاءه وانقسمت اعمدته من الطبيعي بأن يبدأ بالسقوط البطيء وهكذا هو حال اليمن فقد كانت الدولة المركزية هي المبنى العظيم ثم انقسمت بعد ذلك الى دويلات متحاربة فيما بينها تهزم كل منها الأخرى ومنذ تلك الفترة لم تتوحد اليمن سوى في عصرين وهما (العصر السبئي والعصر الحميري) وظهر في هذين العصرين الملوك العظام الذين اعادوا لنا تك الذكريات القديمة ومن هؤلاء الملوك ( كرب إيل وتر السبئي الذي وحد اليمن وصاحب نقش النصر - شمّر يهرعش السبئي - ابي كرب اسعد الحميري - سيف بن ذي يزن الحميري - ياسر يهنعم السبئي - تبان اسعد الحميري - ذو نواس الحميري) كل هؤلاء الملوك كانوا يصبون للعودة الى عهد الدولة الموحدة المركزية و يتشبهون بملوكها .. وكان هؤلاء الملوك يحلمون ان يصلون الى جزء بسيط من عظمة (الحارث الرائش) واحفاده في تلك الفترة ولكن ليس الى مرادهم من سبيل بعد الإنقسام..

وبعد هذه الأحداث تجرأت الدول على مقارعة التبابعه اليمنيين مثل الحبشة و ذلك بغزوهم اليمن مرتين ، حتى استطاع سيف بن ذي يزن ان يحرر اليمن بمعاونة كسرى فارس واستمر النفوذ الفارسي في اليمن الى بعثة اطهر خلق الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسالم النبي الأمي الذي غير خارطة العالم برمّتِها . 

الخلاصة:

إن وضع اليمن قديماً لايختلف عن وضعنا الحالي سوى بإختلاف الشخصيات و المسميات التي تتكرر وتتنوع بصور مختلفة ، فمن خلال السطور الماضية رأينا عظمة اليمن وعزتها اثناء وحدتها حيث غزت العالم برمّته واخضعت دولا وممالك عصيه على الغزو مثل الصين والهند والسند والترك وغيرهم وكل هذا في عهد الدولة المركزية الموحدة ، وفي عصر الدويلات المستقلة كانت اليمن هزيلة ممزقه أدى ذلك الى ان تجرأت عليها بعض القوى الخارجية مثل الحبشة التي كانت في يومٍ ما تحت النفوذ اليمني ، هاهي اليمن قد مرت  بمرحلتيها الموحدة والمنفصلة  امام اعينكم تقرأونها ، وهانحن ذا قد ذقنا الأمرين وذلك لإننا لم نتعلم من أخطاء اجدادنا واصبح في اليمن اكثر من عشرون فرقه وحزب متصارعين فيما بينهم ودمرت البلاد من أجل لا شيء . ولم نصل بعد الى الدولة السليمة والخالية من الجروح. 

ختاماً اخوتي في الدم والعرق والوطن ادعوكم وابدأ بنفسي بإن نعود لعصرنا الذهبي ونمقت الفرقة والمذهبية ونبني يمناً شامخاً ذلك الذي بنوه أسلافنا القدماء.

أخيراً.. للتاريخ سطور وقصص وعبر تؤكد ما حاولت التعبير عنه بطريقتي..