آخر تحديث :الأربعاء-01 مايو 2024-10:37ص

قراءة في سيرة ورؤية الاستاذ عبدالحميد الحدي

السبت - 02 يوليه 2022 - الساعة 12:00 ص

عبدالفتاح الصناعي
بقلم: عبدالفتاح الصناعي
- ارشيف الكاتب


الحلقة 2

الحدي في عمق التجربة الجمهورية والوحدوية برأي مميز .

الاستاذ رمزية لتجربة جيل كامل هي تجربة الجمهورية بكل مالها وعليها..فالاستاذ كما ينحاز للجمهورية ومثاليتها الوطنية التي قامت عليها..فانه يعترف بكل تجرد وشفافية بالاخطاء التي أدت للانهيار.. فكثير من الانفجارات التي حدثت سبق وان كان له موقف سابق للمراجعات والمعالجات قبل الانفجار .

وكما كانت  بدايتة الاولى مع السلال- كما تقدم الإشارة لذلك- فقد كان أن أنتقد أمامه بعض الأخطاء والتصرفات التي كانت بأسم الثورة.

وكانت المفاجأة بأن رد السلال كان إعجابا وتفاعلا مع هذا الموقف بحيث نادى أحد الظباط وأمره بتحرير مذكرة أبتعاث للدراسة بالخارج وكان طلب الإستاذ إضافة أخوة كذلك فوافق السلال على الفور-لاحقا سنقف عند هذه التفاصيل.

وبالتالي كانت مرحلة السلال هي المرحلة التي  انتقل فيها الإستاذ الى العمل الوطني الثوري والسياسي ثم إلى التأهل العلمي بأفضل جامعات العالم.حتى عاد الإستاذ إلى صنعاء يتقلد مناصب رسمية كرجل دولة لاسيما في الجانب الأمني.

وعرف الإستاذ كصاحب رؤية غير تلقيدية للمسألة الأمنية  ..فحين توفي الزعيم الخالد جمال عبدالناصر ،وكان الاستاذ أقل الشخصيات رتبة ومنصب في اجتماع أمني رفيع لمناقشة الترتيبات والاجراءت الأمنية في مواجهة أي فوضى شعبية مستغلة موت عبدالناصر لاسيما أن نهج الحكومة في تلك المرحلة كانت التوازنات والمصالحات بدلا عن الإيدلوجيات..

نعود إلى الاجتماع الأمني الذي كان قد طرح فكرة الانتشار الأمني المبكر استباقا للحدث ..فطرح الاستاذ رأيه بأن هذه الطريقة من شأنها أن تثير الناس وتفقام الأمر بدلا من التهدئه وطرح رأيه بأن تتجهز الدوله رسميا مع قوات أمنية محددة تكون في ميدان التحرير لمشاركة الاحتشاد الشعبي مسيرته وتظاهرته والتحرك معهم إلى مكان إلقى خطاب رسمي للحكومة تشارك فيه المواطنين مشاعرهم.  

وبالفعل تم تنفيذ الفكرة وكان أن ألقى المرحوم الاستاذ محمد أحمد النعمان كلمة الحكومة لانه كان في ذلك الوقت رئيس الوزاء.
كانت هذه مرحلة القاضي الإرياني التي كانت مرحلة الاتزان والتوازن والدولة الوطنية.. وفي هذه المرحلة أيضا تم تعيين الاستاذ الحدي في مجلس الشورى بقرار شخصي من القاضي الإرياني وذلك بسبب مواقف شخصية دارت بينه وبين القاضي الإرياني كان الاخير معجبا بفكر ورأي الاستاذ الحدي.

جأت بعد ذلك مرحلة الحمدي هي المرحلة الأستثنائية فقربه الحمدي منه وكان أن تقلد الاستاذ أهم المناصب الإدارية والتنفيذية والسياسية في عهد الحمدي..فكانت المرحلة الوحيدة في حياته التي عين فيها وزيرا أو بدرجة وزير .

وظل الاستاذ يعايش عن كثب التجارب من بعد الحمدي رحمه الله..عمل في كل هذه المراحل المعقدة كرجل دولة وسياسة لإصلاح مايمكن إصلاحه..فعايش التجربة القصيرة للغشمي..كما عايش التجربة الطويلة لصالح بكل مافيها من المنحنيات الأخطر وكذلك التقدمات بطبيعة الحال وكان الاستاذ صاحب رأي وسطي وصريح بكل القضايا وعاملا مؤثرا غالبا بالأحداث والمواقف الإيجابية ..
من الميثاق الوطني وتأسيس المؤتمر الشعبي العام..ولجان الوحدة..كما كان في كل ذلك صاحب رأي وتوجه وطني لحل مشاكل وتأزم المسار العملي لاتفاق الوحدة قبل انفجار الوضع كما استمر الاستاذ بهذه المواقف التي تستدعي الحلول والمعالجات بدلا عن التأزيم والتطرفات..

أتفق مع صالح وكان قريبا منه وناصحا له وحمل رسائله لقادة ورؤسا دول .. فقد كان أن ربطته معرفة قديمه بصالح من قبل صعوده للرئاسة ..
كما كان الاستاذ أقرب للقضية الوطنية وللراي الوسطي الحريص على مصلحة البلد بغض النظر عن الاتفاق والاختلاف الشخصي مع شخص الرئيس ايا كان.. فقد أتفق مع صالح بدون نفاق وتطبيل كمااختلف معه بدون عداء او تطرف او مزايدة..

ففي كل مرحلة أظطربت اليمن وشبت حرائق الفتن وتأججت الصراعات وساد الهرج والمرج وتجلت التطرفات المختلفة كان الاستاذ يظهر بحكمة عالية وتوازن أكبر..
بداية من الدور الذي لعبه في مسألة إعادة تحقيق وحدة فحين طلب الرئيس الرأي من أعضاء مجلس الشورى في مسألة زيارته لعدن من أساسها وكان الجميع يردد مخاطر هذه الزيارة التي قد تؤدي بحياة الرئيس صالح..كان للأستاذ موقفا ورأيامختلفا-كعادته غالبا-..فقد أمتلك الجرأة والشجاعة والحكمة أن بدا بسؤال الرئيس هل وجهت لك دعوة رسمية؟ فرد الرئيس صالح  "نعم" فقال: له الاستاذ "توكل على الله وأطرح موضوع الوحدة.." ..
وبالغعل تنفذت الفكرة وكان اللقاء التاريخي وحفاوة الاستقبال الكبير بعدن والاتفاق على الوحدة.
ثم كان دور الاستاذ في لجان الوحدة..ومواقفه ومحاولاته وآرائه في فتح أفق لحل أزمة الاختلاف بعد الوحدة وكان ينحاز إلى الرئيس علي سالم البيض ويقدر موقفه البطولي والشجاع والوطني قي تقديم الدولة والثروة.. فطرح الرأي صريحا وواضحا أمام صالح حيث قال انه يجب إعلان إن علي سالم نائبا بطريقة منصفه له تحفظ له جميلة ومكانته وماقدم في سبيل الوحدة واقترح على الرئيس صالح إعداد مهرجانا خطابيا يعلن فيه علي سالم صاحب الفضل بالوحدة والنائب للجمهورية بكل مايستحق من تكريم واحترام للدور التأريخي الذي قام به.. لاقى رأي الاستاذ بصمت مطبق من الجميع وساد الهدوء والتأمل وانتهت الجسلة بوقع هذا الصمت حتى والجميع يغادر قال احدهم للاستاذ كم انت حكيم.لم يكن الاستاذ يحتاج مدح أوثناء كان يحتاج من يعزز موقفه الساعي لوضع حل قبل أنفجار الأزمة ..يعتقد الاستاذ لو أن هذه العبارة قيلت في اللحظات السابقة -في وقت وضعه الفكرة أمام صالح-لكان الامر تغير ..

في عام2011 بداية الانفجار المعقد -باتشباكه وتعدد أسبابه واختلاط أوراقه - بين صراع اجتماعي وسياسي  وثورة شبابية جزء كبير منها عفوي على الأقل..وحين سادت في هذه المرحلة التحولات والتطرفات أمتلك الاستاذ الشجاعة والجرأة والمسؤولية بتقديم  مبادرته المتوازنة للرئيس شخصيا مطالبا له بالإستقاله وفق طريقة لائقه لإخراج البلد من أزمته..وقد كان الاستاذ سباقا جدا في تقديم هذه المبادرة فكان أن قدمها للرئيس صالح 20 فبراير 20011م ..قبل مجيء المبادرة الخيلجية والتي طرحت نفس الافكار ولاعتبارات أقل..

ومع ذلك ظل الاستاذ متوازنا مع الرئيس صالح فلم يهاجمه يوما ولم يسعى ليعلن إنضمامه للساحه كما عمل البعض ..فلم يتاجر بموقفه الوطني والإخلاقي بين الأطراف السياسية في مرحلة كانت هذه هي بضاعة السياسيين الأقل شأنا وخبرة وتجربه ..

يتبع..
عبدالفتاح الصناعي