تتسم أجواء كثير من دول العالم ، بمناخ معتدل الحرارة ، لا سيما البلدان التي تحتل موقع جغرافي يبعد عن خط الاستواء بقدر مناسب لمصاحبة حرارة منخفضة وجو لطيف ورائع ، ولهذا يستمتع سكان تلك الأراضي والبقاع بما حباهم الله من نعمة المناخ الطيب والطبيعة الخلابة ، ويضفي تفاوت الجو بين فصول السنة الأربعة ، لون من ألوان التجديد ، فكل فصل يقبِل بجوه الخاص فيمنح الطبيعة والحياة لون وطعم ساحر .
وعلى هذا يمضي العام ، بعد أن يبث في نفوسهم شيئا من البهجة والمتعة ، وربما تفرض عليهم بعض فصول السنة أعباء جديدة ، كإجراء تعدًيل في الملبس وفي تكييف ًًًحرارة المسكن ، ومع ذلك ، تعتبر تلك الأمور غير شاقة ، في ظل حكومات تو فر لشعوبها الكهرباء والطاقة .
وبلادنا تتميز بموقع إستراتيجي هام ، ولكنها تحتل موقعا قريبا من خط الاستواء ، وهذا الأخير عزلها عن كثير من محاسن الطقس كما عزل قائمة طويلة من البلدان في العالم ، لهذا يواجه شعبنا وبالذات في المدن والمناطق الساحلية والصحرواية في فصل الصيف جو خانق شديد الحرارة ، وقد تستثنى من ذلك بعض المدن والمناطق الجبلية وذلك بحكم عامل الارتفاع الذي يفضي إلى حدوث انخفاض في مستوى الحرارة ، وعلى ذلك تقتنص تلك المرتفعات بعضا من مزايا برودة الجو وجمال الطبيعة .
وها هنا عدن المدينة الساحلية التي تشرف بشواطئها الجميلة على البحر العربي ، ومع ذلك لا يلامس جوها روعة برودة الجو على الإطلاق ، ولا تعرف مكان ولا زمان لتقلب الفصول الأربعة على مدار العام ، فلا يزورها فصل تفتح الأزهار ، ولا يدخل عليها فصل سقوط أوراق الأشجار ، حتى الأمطار فيها نادرة الحدوث وقليلة الهطول ، فطقس عدن يغلب عليه لونان فقط في العام ، لون شديد الحرارة وعالي الرطوبة ، وهو الصيف والآخر الشتاء وهو حار ولكن حرارته أقل وأرحم من ذي قبله .
ولسوء حظ سكان عدن ، فقد ترافق جوها الحار منذ سنوات طويلة مع عجز كبير في إمدادات الطاقة الكهربائية ، وكل سنة تمر تكشف عن مدى عجز الحكومة وفقدها للنوايا المخلصة في سد عجز الطاقة الكهربائية ، فهي لا تكرس جهودها في وضع معالجات سليمة لجوهر المعضلة ، بقدر ما تبحث عنه في بعض الاحيان هو المتاجرة بهذا العجز ، فالطاقة المشتراة ، لا تضمن استمرارية ولا تفصح عن حل جذري .
ونعطي مثالا واحدا من الواقع لخيار سليم انتهجته السلطة ، يؤكد بأن هناك محطة جديدة تنفذها شركة بترومسيلة في الحسوة ، وحسب التقديرات السابقة يفترض اليوم أن تكون هذه المحطة قد دخلت في الخدمة بطاقتها الكاملة التي تقدر بخمسمائة ميجا وات تقريبا ، وذلك بناء على ترتيبات نسقت ومخطط رسم منذ بضعة سنوات ، ولكن لم يكتمل هذا المشروع ، ولم يدخل إلا جزء بسيط من طاقته في الخدمة ، وهنا السؤال ، لماذا هذا ؟!، ربما لسلوكه السبيل الصحيح ! .
بالرغم من أن الكهرباء تمثل الدرع الواقي من هجمة لهيب الحر ، ولكن السلطة وبقسوتها الواضحة ، أسهمت في تدمير جزء كبير من هذا الدرع ، الذي لا يكشفها للحر بقدر ما يكشف شعبها ويحرق جسده بسعير صيف عدن الحارق ، أما هي فمحصنة بدرع آخر يحميها من الحر ، وليس هذا فحسب بل لديها أيضا الكثير من المدرعات التي تعتقد بأنها ستحميها من غضب شعبها ! .