آخر تحديث :الأحد-19 مايو 2024-01:11ص

"اتّباع المنهج (المحمدي) هو الطريق الأسمى للتّخلص من أزمة المجتمعات العربية والإسلامية"

الخميس - 26 مايو 2022 - الساعة 09:32 م

محمد عادل العمري
بقلم: محمد عادل العمري
- ارشيف الكاتب


{قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}

قرأتُ الكثير من الكتب التي تحكي وتتحدث عن أعظم الفلاسفة والمفكرين والشخصيات التاريخية والعالمية التي أثّرت بالعالم البشري وكان لها دور كبير وبارز في الإرتقاء بالمستوى الفكري والثقافي والاجتماعي للبشرية .. لكنني لم أجد شخصية أفضل من شخصية الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، شخصية غيّرت مجرى التاريخ وأخرجت النّاس من الظلمات إلى النور، وخلقت واقع جديد ومضيء فيه عرف النّاس قيمتهم الإنسانية وغايتهم من وجودهم على هذه الأرض .. تجلّت فيها معاني الرقي والتميز والتقدم والازدهار والنجاح، لم يسبقه في نجاحاته نبيٌ أو مَلَك ولم يلحقه من بعده أحد، شخصية فذّة مكتملة الأركان، جمعت كل مقومات الإبداع والعظمة، طهّرت البشرية من جميع مظاهر التخلف والجهل والقيود الوضعية والوضيعة والتحجر والتزمت والظلام، وفتحت آفاقاً واسعة للتفكر والتدبر والانفتاح والسلام.
ولأكون منصفاً غير منحازٍ أو متعصب، نذكر أبرز من اعترفوا بعظمة النبي محمد وتأثيره على العالم من غير المسلمين ومنهم المفكر الغربي "مايكل هارد" ، قال عنه " محمد هو الرجل الوحيد في التاريخ كله الذي نجح أعلى نجاح على المستويين الديني والدنيوي".. ألّف مايكل هارد كتاب "الخالدون المئة" ووضع على رأسهم سيدنا محمد قبل إسحاق نيوتن والمسيح عيسى(مع أن الكاتب مسيحي!) 
فقد وضع النبي محمد أُسساً للحياة البشرية وشرائع تتناسب مع حاجة وعقلية المجتمع ونفسيته، نظّم من خلالها سير العملية القانونية والإجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية والفكرية والفنية، ونجح نجاحاً لافتاً في الإرتقاء بالمجتمع على مختلف المستويات والأصعدة في فترة وجيزة، حقّق من خلالها نقلة نوعية في حياة البشرية استمرّت لقرون عديدة.
ويؤكد المفكر الفرنسي "لامارتين" كمالية النبي محمد وسعة علمه وعقله وروعة فلسفته وأدبه وشمولية أفكاره وعبقريته بقوله: "محمد هو النبي الفيلسوف الخطيب المشرع المحارب قاهر الأهواء وتساءل هل هناك من هو أعظم من النبي محمد!"

إن مجتمعنا العربي والإسلامي اليوم وما يمرّ به من تخلف ورجعية وانحدار لفي حاجةٍ ماسة وضرورية إلى اعتناق أفكار الرسول والإلتزام بتعاليمه وهديه وإنه لهو السبيل الوحيد للخروج من هذا التخبط والأزمة التي أصبحت كابوساً مظلماً تؤرق حاضر ومستقبل المجتمع العربي والإسلامي.

إن ابتعادنا عن منهج النبي محمد اليوم هو ما أوصلنا إلى هذه المرحلة الحرجة والمخزية ، وسبّب لنا المشاكل والتفرقة، وأعادنا إلى الزمن المظلم زمن الجاهلية!
قدّسنا فيه العادات والتقاليد والإرث الجاهلي والمعتقدات الدنيئة،  المستمدة من العقليات المنغلقة فكراً وعلماً!
وكما قال الأديب الإنجليزي الشهير "جورج برنارد شو" متحدثاً عن الحل للخروج من الأزمات والمشاكل العالمية: "إن العالم أحوج ما يكون إلى رجل في تفكير محمد حيث لو تولى محمد أمر العالم اليوم لوفق في حل مشكلاتنا بما يُؤمّن السلام والسعادة التي يرنو السلام إليها"
فما أحوجنا اليوم إلى ترك مانحن فيه والالتزام بتعاليم النبي محمد في جميع تعاملاتنا وسلوكياتنا.

لو نظرنا إلى حال الدول الأوروبية اليوم وماهم فيه من رقي وتميّز وبحثنا عن الأسباب الحقيقية وراء هذا التقدم والنجاح في حياتهم الاجتماعية والفكرية لوجدنا أن فلسفتهم الحياتية استُمدت من تأثرهم _بقصد أو بدون قصد _ بأخلاق المسلمين إبان الفتوحات الإسلامية التي مُنيت بها الدول الأوروبية في القرون الوسطى.

استطاع المستشرقون والمستبشرون وبمساعدة من بعض الشخصيات العربية والاسلامية اختراق النظام الإسلامي والمنهج المحمدي بعد ما أحسه الغرب من خطر الإسلام وفكر النبي محمد أو ما أسماه بعضهم بـ "المصيبة الإسلامية" وأحسوا معها أن الغزو العسكري لن يجدي نفعاً مع منهج النبي وانتهى تفكيرهم إلى أنه لابد للشجرة من أن يقطعها أحد أبنائها!
وبهذا الصدد يقول المستشرق"شاتلي" : "إذا أردتم أن تغزو الإسلام وتخمدوا شوكته وتقضوا على هذه العقيدة التي قضت على كل العقائد السابقة واللاحقة لها والتي كانت السبب الأول والرئيسي لاعتزاز المسلمين وشموخهم وسبب سيادتهم وغزوهم للعالم، عليكم أن توجهوا جهود هدمكم إلى نفوس الشباب المسلم والأمة الإسلامية بإماتة روح الاعتزاز بماضيهم_ وكتابهم القرآن وتحويلهم عن كل ذلك بواسطة نشر ثقافتكم وتاريخكم ونشر روح الإباحية وتوفير عوامل الهدم المعنوي، وحتى لو لم نجد إلا المغفلين منهم والسذّج والبسطاء لكفانا ذلك لأن الشجرة يجب أن يتسبب لها في القطع أحد أغصانها!
إننا اليوم نرى تبعات ذلك الغزو الفكري والثقافي والاجتماعي للمسلمين والمسلمات ونشاهد المظاهر الخارجة عن فلسفة ومنهج النبي قد بدأت بالتغلغل والانصهار في واقعنا المجتمعي دون ردة فعل أو صحوة إسلامية!
لقد اكتفى البعض ممن نحسبهم من حاملي لواء الإسلام وروّاده بالمشاهدة والترقب بل أصبح بعضهم خنجر بيد الأعداء يحركهم كيف شاء وينهاهم كيف يشاء، ولذلك تجد الكثير ممن يُسمّون أنفسهم علماء (دين) قد تسببوا في ضياع الإسلام وتشرذم شعبيته، بسبب استخدامهم المنهج الإسلامي لغرض الاسترزاق أو لمصلحة حزبية أو جهوية؛ متناسين الغاية الأسمى التي بُني عليها هذا المنهج المحمدي!

إننا في المجتمعات العربية والإسلامية نعاني من داء الغطرسة وجنون العظمة! ونعتقد بأننا على حق وعلى الصراط المستقيم ونستصغر ممن هم حولنا من الأديان الأخرى، بينما في الحقيقة أننا بعيدون كل البُعد عن منهج نبينا محمد وأن جميع تعاملاتنا لا تمت بصلة إلى الإسلام بل الإسلام بريءٌ منّا ومن أفعالنا وأستطيع أن أجزم يقيناً بأن الشعوب الأوروبية والآسيوية والأمريكية تطبق المنهج المحمدي حرفياً وعملياً فتجد عندهم العدالة والنزاهة والشفافية والصدق والإخلاص والمعاملة الحسنة واحترام حقوق الإنسان والنظام والقانون، وكل هذه الخصال لاتجدها في الدول التي تدّعي الإسلام كذباً وزرا!

إننا بحاجة إلى صحوة إسلامية تستمد دعوتها من سيرة النبي محمد بعيداً عن التبعية الحزبية المفرطة والمذاهب والأحزاب الضالة، رسالة الإسلام ومنهج النبي محمد يجب أن تكون رسالة عامة لجميع الناس والشعوب وليست حكراً على دول وشعوب معينة، النبي محمد لم يُرسل لحزيرة العرب فقط بل للناس جميعاً بمختلف توجهاتهم وأفكارهم (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين).

محمد عادل العمري
 26مايو2022