آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-09:05م

هل تستحق تجربة حضرموت التعميم كما يقول البعض؟!

الأربعاء - 18 مايو 2022 - الساعة 12:00 ص

عبدالحكيم الجابري
بقلم: عبدالحكيم الجابري
- ارشيف الكاتب


يتفق العلماء على تعريف التجربة بأنها مجموعة الأفعال أو عمليات الرصد، التي تتم ضمن سياق حل مسألة معينة، أو تساؤل لدعم أو لتأكيد نظرية أو بحث علمي يتعلق بظاهرة ما غالبا طبيعية وأحيانا اجتماعية في حالة العلوم الاجتماعية، والتجربة أيضا يمكن أن تكون على المستوى الفردي، وهي تجارب شخصية للانسان، واما جماعية كتجارب المجتمعات البشرية.

وكون حياة البشرية تقوم على التجارب المتراكمة، فانه لا يعيب أن يستفيد شخص أو حتى شعب من الشعوب من تجارب غيره، ولكن مايتم الاستفادة منه والبناء عليه هي التجارب الناجحة، أما التجارب الفاشلة والمشوهة فانها لا تستحق نقلها أو التأسي بها، وفي حالنا اليوم في اليمن برزت تجارب عده، فرضتها الظروف الطارءة التي تمر بها البلاد، خاصة ان الحرب قد شتت ومزقت الأرض والنظام الى شطائر، وأضحت كل منطقة تعيش تجربة خاصة بها.

وأطلقت قيادة حضرموت مؤخرا دعوة لمجلس القيادة الرئاسي المشكل مؤخرا، بأن يستفيد من تجربة حضرموت، الأمر الذي يدعونا الى الوقوف أمام هذه التجربة، والنظر في ما اذا كانت تجربة جديرة بالاقتداء، أو انها تجربة تستحق أن يأخذ بها الغير ليطبقها، فان كانت تجربة فاشلة فهذا يعني انها لن تضيف شئ لمن سينقلها، بل انها ستعطل امكانية خروجه من أزماته، وستزيد معاناته وستقضي على أي أمل بالخلاص.

حضرموت على مدى سبع سنوات تحصلت على فرصة لم تحصل عليها أي منطقة أخرى في اليمن عامة، كونها كانت بعيدة عن النيران المباشرة للحرب، كما انها كانت خالية من الصراعات السياسية كما يحدث في باقي المحافظات والمناطق، والبعض يقول ان السبع السنوات الماضية، منحت من ادار حضرموت فرصة تاريخية لم تكن مثيل لها من قبل، اذ حظيت ادارتها، بسلطات وصلاحيات مطلقة، كما انها تحصلت على ايرادات ودخل مالي لم تحلم به ادارة قبلها، الا ان كل ذلك لم يغير شئ في أوضاعها، وكان المفروض أن تنهض حضرموت في مختلف المجالات، وكان جدير بها أن تكون نموذجا مغري لباقي المناطق، الا ان الحرمان من ابسط الخدمات ظل السائد، ولايمكن تصور نهوض أي منطقة في ظل غياب أبسط مقومات الحياة، فالخدمات مستواها في الحضيض، رغم انها عاصمة المال والثروة، الا ان مواطنوها يقضون اكثر من نصف يومهم بدون تيار كهربائي، ناهيك عن باقي الخدمات الأساسية، وجمود مؤسسات الدولة كون القائمين عليها منزوعين الصلاحيات، ولا نتحدث هنا عن التضييق على الحريات العامة، والقمع وانتهاك حقوق الانسان الذي يحتاج مجال أوسع للحديث عنه.

قبل دعوة الآخرين بنقل تجربة حضرموت الى مناطقهم، أو تعميمها على مستوى البلاد، يجب تقييم هذه التجربة من جميع النواحي، وأن تجرى في سبيل ذلك الاستبيانات والبحوث، لا أن نتعاطى مع المسألة من خلال وضعنا الشخصي، كون من يدعوا الى ذلك فهو يعيش في وضع خاص، ويظن ان جميع مواطني حضرموت يعيشون كمعيشته هو، أو ان مايقوم به هو الصح او انه يحظى برضا وقبول الناس، لا يا ساده، يجب فحص وتقييم هذه التجربة، ومن ثم الحديث عن تعميمها، أو الطلب من الأخرين الاستفادة منها، لا أن نخضع المسألة للمزاج والشعور الشخصي.