آخر تحديث :الخميس-18 أبريل 2024-04:23م

الفارق بين خطاب الشرعية وخطاب الحوثي

الأربعاء - 18 مايو 2022 - الساعة 09:45 ص

منصور الصبيحي
بقلم: منصور الصبيحي
- ارشيف الكاتب


ومن بعد تراجع مشروع الحوثين من المناطق الجنوبية إلى البعض منها الشمالية ومن ذلك الزمن وإلى يومنا هذا لا يلمس في ثناء حديثهم بالمطلق أي شكل من أشكال المهادنة والمرونة نزولًا عند رغبة توقيف الحرب وإحلال السلام، فهو لا زال على عداء مستمر يفتقر لموضوعية الحل، كأنه يصر أولئك من خلاله على متابعة مطلب القوة كخيار أخير لا رجعة عنه، وليتعاملوا مع كل المبادرات من باب التعالي والغرور لا شأن لهم بما بلغت إليه معيشة الإنسان من حال تدني وتدهور.

 يقابله الطرف الأخر وهي الشرعية بحلّتها البالية إلى الطرية النشطة بخطاب لا نستطيع أن نقول إنه يتّسم بالضعف ولكنه يتميّز بكثير من الضبابية والبرودة...فعادة ما يبرز على كل مناسبة فضفاض يتسع لكل الاحتمالات الضيقة منها الواسعة، أقربها توصيفًا يظهر بنبرة خالية من الرغبة في كسر إرادة الأئمّة السلاليين وإزاحتهم من المشهد السياسي عسكريًا.

وهذا هو ما يقلق بأنّ ربما من وراء الأكمة يقع أمرًا جلل، فالحوثيون لا نراهم إلا يحاربون لهدف واضح وضوح الشمس وهو إحتكار السلطة كاملًة مكملة وفقًا لما يعتبروه تفويض ألاهي يمنحهم الأحقيّة في التفرّد بالحكم، والتنازل عنه يعني لهم جريمة كبرى أمام الله وإخلال بالمبادئ الرئيسية لتلك العقيدة، ولكن بإمكانهم تحت إي ظرف من الظروف الوصول مع خصمهم إلى تفاهمات وبناء جسر من العلاقات الأنية بهدف كسب مزيدًا من الوقت خصوصًا إذا ما شعروا بالضغط وللمعاودة متى ما رأوا الفرصة سانحة لذلك.

بهذا قد لا يعتري الشرعية أمام أنصارها خجلًا من الظهور بهذا المظهر الغير اللائق طوال السبع سنوات وصولًا إلى يوم وأد الفرقة ولمّ الشمل في ما بينها، وباتفاق أفضى أخيرًا إلى تنصيب المجلس الرئاسي الثمانية خلفًا لهادي، واللذين هم بدورهم لم يجرؤوا الخروج من ذات السياق وبدلًا ما يتقلّدوا خطاب مغاير عن أسلافهم يوازي في القوة خطاب الحوثين أنفسهم ليواجهوا المثل بالمثل ذهبوا في توصيف أنفسهم بمجلس السلام عداه "إلا إذا أستمر ذلك الطرف على موقفه السابق" إشارة لإستعمال القوة معه.

والمسألة ببعديها المختلفين لا تبدو مطمئنة للجميع، وذلك بأسلوب الخطابين المتناقضين من قبل الجانبين على حدٍ سوى. لتقع بين من يعتبر الآخر بأنه جزءًا لا يتجزأ من هذا المجتمع وشريك رئيسي يجب أن يلعب دوره في بناء هذا الوطن، ليوطّن نفسه على إستمالته، وبضرورة التخلّي عن ممارسة العنف والتحلّي بروح المدنية ضمانًا لحقوق الجميع المشروعة.. والأخر هذا ينفيه نفيًا قاطعًا جملة وتفصيلا ولايرى له وجه حق في المشاركة الفعلية في إدارة حكم هذا البلد، وليس هذا فحسب؛ بل وعليه أن يذعن لبيت الطاعة صاغرًا ذليلاً.

فتلك واحدة من المساوئ التي أعقمت الشرعية وأفقدتها مصداقيتها طوال هذه المدّة من الصراع، وهي من جعلتها عرضة للشك من قبل الشارع اليمني، وبأنّها قد ربما تكون هي العلة وهي السبب من الظاهرة، ولها اليد الطولى في زحمة وغطرسة الحوثين إلى يومنا هذا.