آخر تحديث :الثلاثاء-16 أبريل 2024-05:40م

رواحل المجتمع (من وحي اجتماع بأولياء الأمور في ثانوية عدن النموذجية )

السبت - 30 أكتوبر 2021 - الساعة 08:22 م

د. عارف الكلدي
بقلم: د. عارف الكلدي
- ارشيف الكاتب


حضرت اليوم اجتماعا دعت إدارة ثانوية عدن النموذجية إليه أولياء الأمور. 
من وحي هذه الدعوة خطر ببالي حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (الناس كإبل مائة لا تكا د تجد فيهم راحلة) ومعنى الحديث أن المجتمع فيه رواحل يحملونه، ولكن لا تكاد تبلغ نسبتهم ١% من الناس، شبههم رسول الله بالإبل، عددها كثير لكن بالكاد تجد فيها راحلة، والراحلة هو الجمل أو الناقة التي ترحل في الصحاري وتتحمل المشاق، ونسبتها إلى عموم الإبل لا تكاد تصل ١%.

كل مجتمع وفيه رواحله، وهذا الحديث موجه إليهم، فهم يعرفون بعضهم بعضا، وينقذ بعضهم بعضا، وهم وإن كانوا قلة إلا أنهم متواجدون في كل زوايا المجتمع.

إن الثانويات النموذجية من هذه الرواحل، إدارة ومعلمين وطلابا، فإنه كان وراء فكرة هذه الثانويات رواحل يبحثون عن رواحل، يبحثون عن نوابغ الوطن ليسلموهم أعباء الحمل الثقيل.

في هذا الاجتماع شعرت بشعورين قد يبدوان متناقضين ولكن لا تناقض. 
شعرت بالأمل والقلق.

أما الأمل فقد بعثه صمود هذه الثانويات في هذه المشاق، فلا زالت قائمة على قدم وساق في زمن أجبر الكثير على الجثو على ركبهم، وما كان ليحصل هذا الصبر والمصابرة والصمود لولا أن الله جمع في هذه الثانويات عددا منسجما من الرواحل، إدارة ومعلمين وطلابا.

وأما القلق فقد تمثل في تقدير حجم العاصفة التي تكابدها الرواحل.
إدارة الثانوية يبدون كالقادة الجرحى المتحاملين على جراحهم لكيلا تسقط جبهتهم، وينهار جنودهم،  وبالتالي ينهار المجتمع من الثغرة التي يحرسونها.

المعلمون لا زالوا صامدين ولكنهم أيضا يتحاملون على آلامهم...منهم معلمون بالكاد يغطي ما يتحصلون عليه تكلفة المواصلات إلى الثانوية، فقط شيء ما يدفعهم للصمود، هو أنهم يستشعرون خطر التخلي عن حمل الأمانة.

قلق على الطلاب بعد تخرجهم من هذا المجتمع الراقي عندما يواجهون العاصفة... بينما هم يحلمون بأن يقودا مجتمعهم نحو الرقي والتقدم  ستكون صدمتهم كبيرة -لا قدر الله- حينما يجدون الطعن في الظهر. 
حدثني أحد خريجي هذه الثانوية أن زميلا لهم عبقريا قد استحق منحة بكل ما يعنيه الاستحقاق لكنه صدم بأن منحته أخذها ابن مسؤول في الدولة طفيلي منعدم الضمير.

يا رواحل المجتمع
هذا نداء لكم أين ما كنتم
في إدارة الدولة، وخاصة وزارتي التربية والتعليم العالي، أو في المنظمات والجمعيات، أو في القطاع الخاص... فأنتم -إن كنتم موجودين- سيعرف بعضكم بعضا.