آخر تحديث :الجمعة-26 أبريل 2024-02:57ص

تعليم الفتيات في اليمن بين مطرقة الحرب وسندان العادات والتقاليد

السبت - 23 أكتوبر 2021 - الساعة 02:05 م

سهير السمان
بقلم: سهير السمان
- ارشيف الكاتب


 

سهير السمان*:

تتوارى أحلام ومستقبل الملايين من اليمنيات، اللواتي وقعن تحت مقصلة الحرمان من التعليم؛ ومع الواقع المأساوي الذي تفاقم خلال السنوات الست الأخيرة بسبب استمرار الحرب، حيث طالت تداعياتها واقع التعليم الذي كان أشد في تأثيره على الفتيات، حيث توقفت الكثيرات عن إكمال مشوارهن التعليمي، كما منع الأغلب  ارتياد المدارس في ظاهرة عدم المساواة بين الجنسين على الرّغم من صدور القانون العام للتربية والتعليم رقم 45 لسنة 1992 والذي يساوي فيه حقوق الجنسين في الانتفاع بالفرص التعليمية؛ إلا أن الإحصائيات الصادرة عن وزارة التخطيط والتعاون الدولي اليمنية لعام 2017،تفيد أن نسبة الإناث في المرحلة الأساسية بلغت 42%، مقابل  16% في المرحلة الثانوية، وبالنسبة إلى التعليم الجامعي تقدّر نسبة الفتيات 7.5 %مقابل 18%  من الذكور، وتكشف هذه الأرقام تمييزاً على أساس الجنس في التعليم.

كما أنها تكشف نسبا مرعبة للتسرّب من التعليم لدى الجنسين سببه الأوضاع السياسية والأمنية المتردّية والحرب التي فتكت تداعياتها بالبشر قبل الحجر. يؤكد ذلك ما كشفه تقرير لمنظمة" اليونيسيف" من أن عشرات الآلاف من اليمنيات، اللواتي كن أصلاً ملتحقات في المدارس حرمن من حقهن في التعليم خلال العامين 2018 و2019، بسبب عجز أسرهن عن توفير أبسط احتياجاتهن المتمثلة في وجبة الإفطار، وعدم قدرتهم على توفير المستلزمات المدرسية. وفي العام 2019 وكشفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف"، في تقرير لها بشأن وضع التعليم، أن نحو 500  ألف طفل يمني انقطعوا عن الدراسة منذ تصاعد الصراع أخيراً، ليضافوا إلى مليوني طفل يمني أصبحوا خارج المنظومة التعليمية منذ بدء الحرب في البلاد عام2015.

ووفقاً للتقرير فإن أكثر من 2500 مدرسة لا تعمل في اليمن، إذ دُمر نحو 66  في المئة منها بسبب العنف المباشر، فيما أُغلق 27 في المئة، ويُستخدم 7 في المئة في أغراض عسكرية أو أماكن إيواء للنازحين.

وذكرت" اليونيسيف" أن المنظومة التعليمية في اليمن تأثرت بشكل كبير بسبب عوامل عدة، منها التوقف عن صرف رواتب الكوادر التعليمية العاملة في ثلاثة أرباع المدارس الحكومية، ما جعل تعليم قرابة 4.5 ملايين طالب على المحك.

كما أن  ارتفاع نسبة الأمية تتجاوز الـ 65% مقارنةً بـ 45% قبل اندلاعها، وفقًا لتصريحات حكومية بصنعاء، فيما أكدت مصادر غير حكومية صعوبة الحصول على مؤشرات دقيقة للأمية في اليمن في ظل الحرب، غير إنّ واقع الأمية بعد سبع سنوات حرب ربما يتجاوز ما يتم الإعلان عنه.

وترى الباحثة في جامعة عين شمس بالقاهرة، رحمة محمد، أن «الأمية كظاهرة لم تحضَ باهتمام الحكومات اليمنية السابقة، كما هو حال التعليم النظامي، ما أدى إلى قصوره، وبالتالي تزايد نسبة الأمية، التي ارتفعت مؤشراتها بشكل كبير خلال سِني الحرب».

معوقات تعليم الفتيات في اليمن
ثمة أسباب ومعوقات كثيرة تضافرت مع بعضها عملت على تدني نسبة التحاق الفتاة اليمنية بالتعليم، وخاصة في الريف، وفقاً لكثير من الدراسات واستنتاجات الخبراء والمهتمين بالحقل التعليمي، أشدها تأثيرا العامل الاقتصادي المتمثل في الفقر الذي أثقل كاهل رب الأسرة والذي يعول أسرة كبيرة في الغالب.

كما أن اليمن تعتبر من أكثر بلدان العالم في التشتت السكاني والذي يصل إلى حوالي 133 ألف تشتت سكاني، حيث تمثل مشكلة بعد المسافة عائقاً كبيراً في التحاق الفتيات بالتعليم، خاصة في المناطق الريفية، يرافقه نقص في إعداد المعلمات حيث تقدر وزارة التربية والتعليم العدد المطلوب لتقليص النقص الذي تعانيه المناطق الريفية من المعلمات بنحو 4500 معلمة.

وكما أشار تقرير" الظل"  للمنظمات غير الحكومية؛ أن هناك فجوات واضحة بين نسبة التحاق الفتيات في مراحل التعليم مقارنة بالذكور، فيبلغ التحاق الذكور 78 % بينما تمثل الإناث 69% وفي التعليم الأساسي بلغت النسبة 42.7 % إناث مقابل 57.3 % ذكور في عام 2010م ، وتبلغ نسبة التعليم الثانوي لنفس العام 36.8 % إناث مقابل 63.2 % ذكور، وفي الريف بلغت نسبة التعليم الأساسي، للفتيات 76 % والثانوي 41%  بلغت نسبة الاناث في التعليم الجامعي 30 % مقابل 69 % ذكو ر  خلال الفترة2016م - 2018 م .
وأشار أيضا أن نسبة التسرب 70 % للفتيات واكثر من 60 % من الفتيان في الفئة العمرية من 5 – 14 واكثر من 20 % للفئة العمرية من 15 - 24.

كما تظهر الفجوة في نسبة الأمية بين الإناث والذكور لتبلغ 40 % ذكور مقابل 60 % أناث،

وتوزعت بنسبة 40 % في الحضر و 74 % في الريف.
وتأتي جملة من الأسباب الأخرى كعامل اجتماعي مرتبط بالعادات والتقاليد. فقلة المدارس الخاصة بتعليم الفتاة في أغلب الريف اليمني والتي ما تكون غالبيها مدارس مختلطة، مما يضطر بعض الآباء إلى حرمان الفتاة من التعليم أو يقتصر تعليمها وحصولها على شهادة التعليم الأساسي، كما أن الزواج المبكر للفتاة الذي يتراوح بين سن ( 12 – 18) يؤدي إلى حرمان الفتاة من إكمال تعليمها لتصبح ربة بيت في سن مبكرة، فتتحمل أعباء المسؤولية للبيت وتربية الأبناء، الأمر الذي يبعدها عن الدراسة؛ وتنتشر هذه الظاهرة في أغلب الريف اليمني وما يزيد الطين بلة مستوى الوعي لدى كثير من أولياء الأمور بأهمية تعليم الفتاة ودورها الأهم في المجتمع وما يمثله التعليم من تحسين السلوكيات ومستوى الدخل فكل هذه الأشياء ترتبط أساسا بمستوى تعليم الأسرة.