آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-06:09م

عملتنا غارقة ومع ذلك تثير جدلا

الأربعاء - 04 أغسطس 2021 - الساعة 06:36 م

عبدالله ناصر العولقي
بقلم: عبدالله ناصر العولقي
- ارشيف الكاتب


لقد ذهبت يوم  الاثنين الماضي إلى فرع بنك الكريمي بكالتكس لأستلام راتبي الذي تأخر صرفه هذا الشهر عن الموعد المعتاد، وبعد أن تأكد الموظف من خلال شبكة حاسوبه بوجود راتبي، فاجأني بعرضه خيار جديد وعجيب، حيث قال إذا كنت تريد استلام راتبك بفئة الألف ريال القديمة، عليك الذهاب إلى المركز الرئيس، لعدم توفر الطبعة القديمة هنا، وإذا تريد استلامه الآن، نصرفه لك بالفئة الجديدة،  فالبنك المركزي قد حول رواتبكم بفئة الألف القديم، فماذا تريد؟، فقلت له وما هو الفرق بين القديم والجديد، فأجاب قد يرغب البعض تحويل الألف القديم إلى صنعاء، ويستفيد من فارق القيمة، فقلت له راتبي أسد به حاجتي الآن، وليس عندي وقت للمتاجرة به عبر صنعاء، وكنت أحدث  نفسي واقول وليته يسد الحاجة، بعد أن سُرق الجزء الكبير من قيمته خلال سنوات عبث الحرب!.

أستلمت راتبي بالفئة صغيرة الحجم والتي لم يكن حجم ورقها صغير فقط بل قد صغرت قيمتها وصارت أكثر ضآلة بعد أن فقد أقتصاد البلاد المتهالك قدرته على حمايتها والحفاظ على ثبات قيمتها.

لقد اعتقدت قبل أكثر من عامين، بأن عملتنا المحلية قد دخلت في منافسة مع شركات الملابس، حين طرأ على شكلها وحجمها تجديد، فقد طبعت الحكومة فئة الألف  وكذلك فئةالخمسمئة ريال بحجم صغير ومختلف عن الحجم السابق والشكل المتداول، وقد لامس التغيير الشكل فقط دون أي هدف آخر، وكأنها بذلك تواكب موضة البنطلون الذي ظهر في السوق حجم آخر له صغير واطلق عليه أسم (برمودا)!، وفي نفس الوقت تغير شكل ولون المئتي ريال، والتي تعتبر حديثة الظهور في التداول، وفئة المئة ريال تغير لونها، وقد أثار استغرابي ما يحدث لعملتنا من تغيير، بينما حالتها يرثى لها، وقلت في نفسي أي مفارقة محزنة حدثت لعملتنا، فأتضح لي بعدها أن البنك المركزي والحكومة غير مهتمة بشكل الريال الغارق في الوحل، ولكن كانت المسألة تخدم سلطة المليشيات الحوثية، وتعطيها الفرصة لسحب الفئات القديمة المختلفة الشكل، فتنفرد بها كعملة خاصة بها، تتيح لها تكوين نظام مالي مستقل وبريال مختلف وأقوى سعرا.

ويبدو أن ما يحصل اليوم يصب في نفس المنحى، فقد عرفت أن رواتب الموظفين الذي صرفت في الفرع الرئيس لمؤسسة بنك الكريمي بالفئة القديمة تم تحويلها لهم بالفئة الجديدة، عبر سماسرة عند البوابة الخارجية، بزيادة عشرين بالمئة، مما يعني أن بعض الموظفين كان لهم نصيب في ذلك الفارق الذي مثلته قيمة الألف الريال القديم، أما البقيةالذين استلموا من الفروع، فقد منحوا بنك الكريمي فرصة ابتلاع نسبة الفارق.

يقع على السلطة النظر في الأسباب العميقة الذي أدت إلى الانحدار المستمر لعملتنا حتى هبطت لهذا المستوى المخيف والذي ينذر بكارثة حقيقية، وتحارب العبث بالمال العام الذي هو أحد أهم الأسباب، فربما تقدر تتدارك هذا التدهور لعملتها المحلية، وتخرج البلاد والشعب من محنته الصعبة، فالشعب لن يصمت طويلا أمام غول الغلاء المهلك.