آخر تحديث :الخميس-18 أبريل 2024-06:44م

الحراك الجنوبي والانتقالي محطة في البناء التنظيمي

الثلاثاء - 27 يوليه 2021 - الساعة 10:49 م

خالد عمر العبد
بقلم: خالد عمر العبد
- ارشيف الكاتب



المجلس الانتقالي الجنوبي هو محطة من محطات الحراك الجنوبي في البناء التنظيمي الذي كانت أولى مراحله وأولى خطواته التنظيمية اشهار عدد من الجمعيات أبرزها جمعيات المتقاعدين، وجمعيات الشباب والعاطلين عن العمل، وجمعيات المناضلين وأسر الشهداء، وجمعية الدبلوماسيين الجنوبيين، وغيرها من منظمات المجتمع المدني التي عملت جنبا إلى جنب في ظل الهامش القانوني لسلطات 7يوليو الاحتلالية التي منعت الجنوب من تاسيس حزبا سياسيا ليكون حاملا سياسيا لقضية الجنوب التي خذلها الحزب الاشتراكي اليمني الذي وقع كطرف جنوبي على وثيقة الوحدة اليمنية المغدور بها من قبل الطرف الشمالي الذي عمد مباشرة بعد حرب صيف 94 الظالمة إلى تعديل قانون الأحزاب حيث اشترط التعديل أن يكون للحزب السياسي قواعد في مالا يقل عن عشر محافظات وبالتالي أصبح محرما على الجنوب ذي الست المحافظات تاسيس حزب سياسي   .. وظلت قيادة تلك الجمعيات تقود دفة الثورة الجنوبية التحررية مدة من الزمن، ثم انتقلت إلى إعلان الخطوة اللاحقة في البناء التنظيمي للحامل السياسي على مستوى المديريات (وبدأ العمل في حينها في المديريات المشتعلة فيها ثورة الحراك الجنوبي) واصطلح على تسمية الإطار التنظيمي في حينها اسم "مجلس تنسيق الفعاليات السياسية والمدنية" ولا يستطيع أحد أن ينكر أن الأمر كان مقتصرا على مديريات المناطق التي كانت تشهد قيام الفعاليات الاحتجاجية فقط .. سارت العملية الثورية تحت قيادة "مجالس تنسيق الفعاليات السياسية والمدنية" فترة معينة كانت كفيلة باضطرام نار الثورة في جسد الاحتلال اليمني الشمالي للجنوب وقويت معها شوكة الحركة الثورية؛ فتم الانتقال عمليا إلى الخطوة التالية من خطوات البناء التنظيمي للحراك السلمي كقائد للثورة الجنوبية التحررية، فتداعت قيادات العمل الثوري في كل محافظة من محافظات الجنوب واتفقت تلك القيادات على عقد المؤتمرات التنظيمية للمحافظة على أن تتمثل كل مديريات كل محافظة بنسب متساوية لتشكل الإطار التنظيمي على مستوى المحافظة .
 اصطلح  على تسمية الإطار التنظيمي الذي تشكل في حينها على مستوى المحافظات اسم "هيئة حركة النضال السلمي" ولا ننكر أنه تم اشهار ذلك في عدد من محافظات الجنوب، وتعثر الاشهار في محافظات أخرى لفترة زمنية ساهمت في ظهور الانقسامات التي حدثت في جسد الحراك الجنوبي لينتج عنها الأربعة المكونات التي اندمجت بموجب اعلان زنجبار في 9 مايو 2009م فيما سمي حينها "مجلس قيادة الثورة" الذي أوكل إلى قيادته مهمة قيادة المرحلة نحو انعقاد مؤتمر جنوبي عام تتمخض عنه قيادة سياسية موحدة تضم قيادات الداخل والخارج ويتم فيه أيضا - أي المؤتمر - إعلان البرنامج السياسي وإقرار الهياكل التنظيمية للإطار السياسي الحامل لقضية الجنوب .. الا أن الأنانية الطاغية على كثير من القيادات والعقلية التسلطية لدى البعض من القيادات حالت دون انعقاد المؤتمر .. وظلت قواعد وجماهير الحراك الجنوبي مستمرة في حركتها الثورية دون قيادة موحدة حتى جاءت ما سميت بثورة الربيع العربي في مطلع العام 2011 حينها تداعى عدد من قيادات العمل الوطني الجنوبية في الداخل والخارج إلى لقاء تشاوري عقد في القاهرة في مايو 2011م وخرج فيه المجتمعون بقرارات وتوصيات أكدت في مجملها على ضرورة عقد مؤتمر وطني جنوبي يضم قيادات العمل الوطني إلى جانب قيادات الحراك الجنوبي وتم التحضير له في العاصمة المصرية القاهرة وكان من المأمل أن تحضره كل قيادات العمل الوطني الجنوبي من الداخل ومن الخارج، الا انه وبذات النزعة الأنانية والتسلطية قاطع الحضور الكثير من القيادات البارزة التي كان يعول عليها من قيادات الداخل وقيادات الخارج ومع ذلك عقد المؤتمر في الفترة من 20-22 نوفمبر 2011م وللأمانة أن الحضور كان نوعي إلى حد ما حيث حضره زعماء وقيادات تاريخية، وضم ما لا يقل عن 645 مندوبا مثلوا جميع المحافظات وحتى المديريات، ولا اتذكر أنها غابت عنه أو غيبت مديرية واحدة رغم تخلف قيادات كبيرة كان يعول على حضورها .
وعند اختتام المؤتمر في موعده المحدد والذي كانت تراهن قوى داخلية وأخرى خارجية على فشله خرج بقرارات وتوصيات كان أهمها مواصلة النضال والعمل في الداخل والتحضير لعقد مؤتمر عام يضم كل القوى الجنوبية تمثل جميع قوى وفئات المجتمع الجنوبي من السلاطين الى المساكين كما كان يردد ذلك السياسي الجنوبي الكبير الدكتور مسدوس، وكان من المقرر أن تدخل جميع القيادات المشاركة في مؤتمر القاهرة إلى الداخل لتمارس العمل النضالي ميدانيا من الداخل إلى جانب القيادات الميدانية في الداخل ويتم استكمال عمليات التشاور لعقد مؤتمر في الداخل تنفيذا لمقررات مؤتمر القاهرة ولضمان الخروج بأكبر صيغة تشاركية جنوبية إلا أن الظروف حالت دون تمكن قيادات الخارج من العودة إلى الداخل - وكلا له ظروفه - ما عدا المناضل الجسور محمد علي احمد الذي غامر بالدخول في مارس من العام 2012م وبدأ بالمشاورات والجلوس مع جميع القيادات والقوى الجنوبية في الداخل بكل فئاتها بشأن ضرورة وحدة الصف الجنوبي وعقد مؤتمر يضم اكبر تحالف وطني يجمع اكبر قدر ممكن من القوى والفئات والقيادات الجنوبية .. وعقد بعدها مؤتمر حضره قيادات جنوبية من قيادات الحراك الجنوبي من جميع محافظات الجنوب إلى جانب قيادات من فئات وتيارات وطنية جنوبية أخرى، وتخلفت عن الحضور قيادات حراكية كان يعول على حضورها وللاسف كانت لذات النزعة الأنانية والتسلطية وتحت حجج وقناعات (نحترمها) الا أن الكثير من تلك القيادات اعترف لاحقا بأن المقاطعة كانت خطوة خاطئة .. المهم أنه عقد المؤتمر واصطلح على تسميته بالمؤتمر الوطني لشعب الجنوب بقيادة أحمد الصريحة - الذي توفي لاحقا الله يرحمه - ومحمد علي احمد حفظه الله ومتعة بالصحة، حيث قررت قيادة المؤتمر الوطني لشعب الجنوب لاحقا المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني في صنعاء الذي عقد في الفترة من 19مارس 2013م إلى 25 يناير 2014م برعاية دولية وإقليمية وبرعاية مباشرة من الدول العشر (الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن ودول مجلس التعاون الخليجي عدا قطر) . وأثناء المشاركة الجنوبية باسم (الحراك الجنوبي المشارك) ممثلا بالمؤتمر الوطني لشعب الجنوب إلى جانب قوى جنوبية اخرى تم وضع القضية الجنوبية على الطاولة في خطوة مثلت نجاحا في تدويل "قضية الجنوب" واستمرت الحوارات في مؤتمر الحوار الوطني بشأن قضية الجنوب حتى اخذت شكل المفاوضات حين تم التوصل إلى صيغة للفريق تمثلت في 8 جنوبيين+8 شماليين إلا أن انسحاب المناضل محمد علي احمد وبقاء فريقه ضمن المشاركة في باقي جلسات مؤتمر الحوار الوطني مهد لمحاولات دفن القضية الجنوبية عبر مشروع اليمن الاتحادي من سته اقاليم بدلا من إقليمين شمالي وجنوبي حسب طرح ممثلي "الحراك الجنوبي المشارك" .. وبعد إعلان الرئيس هادي الأقاليم الستة - الذي جاء عقب اختتام مؤتمر الحوار الوطني، كحل للأزمة اليمنية جاءت حرب 2015 كنتاج طبيعي تعبر عن رفض مشروع الاقاليم الستة شمالا وجنوبا؛ فأما الشماليون فحريصون على نتائج الضم والالحاق التي تحققت لهم بمشروع الوحدة اليمنية (الغبي جنوبيا)، وباعلانهم الحرب على الجنوب في سنة 94م، وأما الجنوبيون فكانوا يرون الحل بالاقليمين طريقا لاستعادة الجنوب مستقلا بالاستفتاء الشعبي لابناء الجنوب بعد فترة انتقالية طرحوها ضمن الحلول المقدمة لمؤتمر الحوار الوطني، فكان من الطبيعي كما أشرنا آنفا رفض مشروع الاقاليم الستة جنوبا وشمالا.
 ولما جاءت حرب 2015م توحدت كل القوى الجنوبية في جبهة وطنية واحدة مثلت تلاحما شعبيا لم يشهد له تاريخ الجنوب نظيرا ضد تحالف مليشيات الحوثي وعفاش، وبعد أن وضعت الحرب أوزارها وتحررت معظم أراضي الجنوب وبرزت قوى جنوبية أخرى فاعلة إلى جانب قوى الحراك الجنوبي تمثلت في قوى "المقاومة الجنوبية" و"جنوبيي الشرعية" أصبح لزاما على تلك القوى الجنوبية التي تؤمن بعدالة قضية الجنوب أن تندمج في بوتقة وطنية واحدة لتشكل إطارا سياسيا واحدا يكون حاملا سياسيا لقضية الجنوب؛ فجاءت خطوة اعلان المجلس الانتقالي الجنوبي كخطوة ضرورية متقدمة في البناء التنظيمي للحراك السلمي الجنوبي كحامل سياسي يتحمل مسئولية حمل قضية الجنوب وتمثيلها في المحافل الدولية والإقليمية . 
  وها هو اليوم المجلس الانتقالي الجنوبي يقيادة الرئيس القائد اللواء عيدروس قاسم الزبيدي يسير بخطى ثابتة، لا نقول في تمثيل الجنوب، وانما نقول في تمثيل قضية الجنوب رافعا رايتها خفاقة في مختلف المحافل الدولية والإقليمية، وقد تحققت في ظل قيادته الانجازات الكبيرة والمكتسبات العظيمة وما على القوى الجنوبية المتأخرة عن الالتحاق بالركب الا التخلي عن الذات واللحاق بموكب الثورة التحررية التي يحمل رايتها - حاليا - المجلس الانتقالي الجنوبي وقائده الجنوبي ذي الصفحة البيضاء النظيفة من ادران الماضي ومئاسيه، ومؤازرته لضمان الوصول في وقت اقصر ومجهود أقل والا فإن التاريخ لن يرحم كل من تخاذل أو وقف عائقا أمام نيل الاستحقاقات المطروحة أمام ثورة شعبنا الجنوبي التواق إلى الحرية والانعتاق من ربقة الاحتلال الزيدي المتخلف .. حفظ الله الجنوب

بقلم/ خالد عمر العبد