آخر تحديث :السبت-04 مايو 2024-02:48ص

جِيلُنَا لَمْ يَعْرُفُ الرَّاحَةُ

الأربعاء - 15 أبريل 2020 - الساعة 12:19 م

فيصل الشميري
بقلم: فيصل الشميري
- ارشيف الكاتب


جيلنا لم يعرف الراحة سوى لحظات استراحة، كنا نقول زمن جميل، لكن تخلله الكثير من المآسي والدموع، اتحدث عن جيل السبعينات الذي عاش وعاصر الاحداث، وصراع الأحقاد والاغتيالات والأضغاث، وتقاسم الأراضي والميراث، والنكوث بالمواثيق والعهود والتصالح والاحناث، وغاب فيه العلم والبحث والأبحاث.

جيل ولد باكياً منذ الولهة الأولى فالطفولة ونعومة الاظافر، رضع الجوع والدموع والحرب والقهر والهجر والصراعات الحزبية والمناطقية والطبقية، الشيخ والفرد، حروب الجبهات الوسطى، الزمرة والطغمة، الوحدة والانفصال، حتى الانتخابات كانت معارك لما فيها من ابتذال، وكذب بلا حدود وفي كل مجال، وسنوات القضاء على الحركات والكيانات والتنظيمات، فظهر الربيع الذي كنا نظن أنه الخلاص، ولكنه كان الخريف للاقتناص والاقتصاص، وظهر للسطح احقاد وأنجاس واوباش الخواص، سلالة تجيد صناعة الشعارات والأزمات والخباص، وبائعي الأوهام ومتقلبي الشخصيات تجيد الرقص دون اختصاص. فلم نجد المخلص الخالص ذو الإخلاص.

إنه صراع الايدولوجيات بين الافراد، من الروضة حتى الجامعة، صراع يقتل فيه الأب ابنه، ويصلب الأخ اخاه، وصارت الصداقات مصالح، والقيم مواسم، فتقسمنا رغم قربنا، وتباعدنا فكرياً وعقلياً ومنطقياً، فأصبح البعيد يتحكم فينا ويفرض اجنداته علينا...!

كل تلك الاحداث صنعت من جيلنا إنسان متألم متخوف متربص متوحش حساس لا يرحم الضعفاء ويطأطئ للأقوياء ويستغل الفرص بدهاء بغض النظر عن أصلها حلالها وحرامها. فتوالت علينا الازمات ومعها استمر مسلسل الحزن والنكبات.

وحتى لا نفقد آخر ذرة من انسانيتنا حتى ولو ظللنا بائسين جائعين ونحن على قيد الحياة آمنين مطمئنين. أقولها صراحة، اتفقوا ترفعوا أيها الراحلون، ارفعوا الحصار، واتركوا القمار بنا، يكفينا فمنذ طفولتنا ونحن نتجرع قساوتكم واحقادكم وحروبكم وتحالفاتكم، صرنا مسخرة بين الأمم، وملعباً لأرذل الأمم، ومدفناً لأسوا ما تنفثه الأمم...!

كل بلد يشتهر بشيء، فهناك بلاد المليون شهيد، وهنا بلاد المليون سدّ، لكننا اليوم وبعدما كنا بلاد السعيدة، بلاد المعابد والسدود والجنات، وبلاد البن والعتب والزراعات، بلاد القمم والسهول والمدرجات، بلاد اللبان والبخور والعطور، بلاد السيوف والشروب والبرود، فصرنا اليوم فتات ليطلقون علينا بلاد الأزمات والحروب والمآسي والمجاعات...!

أهذا يرضيكم يا قادة اليمن، أليس فيكم رجل رشيد، يحمل نخوة وعزة اليمني الشديد، ذو البأس والحكمة والإيمان السديد، أليس فيكم من يقول للخطأ لا، وللتفرق لا، وللعنجهية لا، للقتل لا للسلب لا، لأموال الخارج لا، للأيديولوجيات المتنافرة لا...لا وألف لا..!

من القائد الذي سيقول نعم للبناء، نعم للتنمية، نعم للزراعة والاكتفاء، نعم للصناعة والارتقاء، نعم لحرية الرأي والمذهب والمعتقد، نعم للتبادل السلمي الشريف نعم لبناء اليمن الجديد افعالاً لا اقوالاً، كفانا شعارات ومهاترات ومناكفات، اعلام متنقل حسب المنافع الذاتية، وقادة ذوي كروش ومصالح، وقبيلة تطغي على حكم القوانين وتسافح، وسلالة تريد حكم اليمن الكبير العاصف، وهارب ينادي من فوق الوسائد الخالية والمعاطف، ومقاتل يقاتل لا يدري مع من وما سيكون مصيره الزاحف، ارتقوا ارتفعوا وترفعوا عن الصغائر والضغائن، كفى جيلنا دموعاً وألماً ومغبة، قسوة وهجرة، متى سأري وطني آمناً سالماً منعماً...بين الأمم!؟