ما هذه الملامح المرعبة التي ارتسمت على أرض العاصمة المؤقتة عدن والتي بعثت على الخوف والهلع من المصير القادم المجهول ملامحه القاسية بدايته .
ضنينا في بداية الأمر أن طرد الحكومة الشرعية من عدن والمحافظات الجنوبية ستكون بداية مستبشرة في استعادة الدولة الجنوبية كاملة السيادة تحفظ للمواطن حقه وتستعيد له كرامته .
ابتدت أول خطوات الدولة بعمليات إجرامية خبيثة تغطت بجميع الأفعال الشنيعة والتي يشيب لها الراس، فداهموا هذا واعتقلوا ذاك وشردوا الأخر وقتلوا العامل المسكين وهتكوا المحرمات ..
يحصل كل هذا وعلم الجنوب يرفرف فوق أطقمهم ومطبوع على أسلحتهم ويغطي صفحاتهم الرسمية والمزورة علم الجنوب، وجعلوا من قطعة القماش وسيلة بدائية للسرقة والنهب والقتل عدواناً وظلماً .
ملامح الدولة الجنوبية ارتسمت عندما يقوم قائد عسكري بضرب الرصاص على عامل بناء ظلماً ودون أي مبررات، وكل أسبابه أن هذا المسئول الأمني قد كان في حالة سكار وأراد أن يفرد عضلاته على هذا العامل المسكين .
العامل التهامي الذي اصيب على يد هذا القائد العسكري لم يكن يعرف ما سيحدث له وبدى صباحه في العمل على البناء إلا أن هذا السكران الذي يرى أن وجود والده أو شقيق والده يملك منصب كبير في السلك العسكري يبيح له أن يقتل أو يسرق أو يغتصب كيفما شاء وحي أراد .
لا شيء يوقف هذا القائد ولا ذاك المسئول الأمني الذي يقوم بسرقة أطقم وآليات عسكرية لألوية العمالقة، فالحكم حكمهم والسلطة لهم ولا شيء يعلوا فوق صوتهم .
تمنينا أن تكون شكل الدولة الجنوبية القادمة محبة وشاملة وتضمن للجميع الحقوق والأمن والأمان والعدل والمساواة، غير أن كل هذا لم نرى منه شيء، بل أنها زادت الأحقاد والكراهية وتم فيها تمييز جهة عن غيرها وسُمح لهذا أن يطغى على هذا بحسب منطقته وتوجهه .
تمنينا أن نرى الحكم الجنوبي يحمل في جعبته ملف التعليم والصحة ويعمل على تنشيطهما وتقويتهما والاهتمام بها، أن يصب تركيزه في توفير أبسط الخدمات الرئيسية مثل الكهرباء والماء وبسط الأمن، إلا أننا لم نشاهد هذه الأحلام التي حلمنا بها وظلت حبيسة الحلم الجميل الذي تم محوه بواقع مرير وأليم فاق كل التوقعات .
كان حلمنا أن نسير في أنصاص الليالي في الشوارع ونحنُ نشعر بالأمان ولا نخاف إلا من قلة النوم والذهاب صباحاً إلى العمل أو المدرسة بساعات قليلة من النوم، وأن تعود أيام ما قبل ثورة الربيع العربي التي كانت بداية رسم سيناريو تدميري لمدينة عدن ولليمن عامة.
اليوم لم يترك لنا مرتدو قناع (الدولة الجنوبية) واصحاب الشعارات الرنانة، أمل في أن نستبشر بعودة دولتنا الجنوبية بعد أن حصروها بين الأطماع الخارجية والمصالح القروية وجعلوها منتنة قذرة يتأفف منها الصغير قبل الكبير، وبينوها على أنها سباق لمن يمتلك أكثر ميزات العبودية .
(كفرنا) وكفرنا هذا نبعثه للأصنام التي عجزت في أن تمتلك قرار واحد لها وتنطق به ولو يوم تجعلنا نشعر بها بأنها قيادة تستحق أن نقف خلفها، وظلت حبيسة التبعية، وربطت تحركاتها وتصريحاته برسالة واتس آب .
حقيقة إلى هنا وكفى فلم نعد نحتمل هذا العذاب والألم وسنقولها لكم بعبارة كبيرة وبصوت عالي (لا نريد جنوبكم) فل تعد الحكومة، فلم تعطونا الأمن والأمان وتوفروا لنا مقومات الحياة، لم نعد نستحمل نعيمكم الذي تعيشونه وتسكنون أسركم أفخر المنازل وخارج اليمن وتأتون لتطلبوا مني أن اتحمل من أجل أوهامكم التي شبعنا منها .
لم يعد لنا اليوم مطلب غير عودة الدولة رؤية مؤسسات الدولة وعودة الحياة إلى المقرات الحكومية والخاصة، واستقطاب المستثمرين وانعاش عدن وبقية المحافظات بالتجارة والاستثمارات .
لا نريد اليوم سوى أن نرى الرئيس وحكومته وأبسط موظف في الدولة يعمل من أجل عودة الحياة وسنقف ضد كل من يعرقل عودة الدولة وأمن وسلامة المواطن الذي ضاق ذرعاً من الواقع الذي يعايشه يومياً .
عيشوا في صراعكم وأعرفوا كيف تتصارعون، أجعلوا صراعكم في من سيثبت للمواطن أنه أحق في أن يبقى من خلال توفير المرتبات والكهرباء والماء والأمن، وفي العمل على نشر المحبة السلام، لا تتصارعوا وتستعرضوا صراعكم في ضرب المواطن المسكين وجعل منه ضحية لأطماعكم .
عذراً جنوبنا فاليوم قد اصبح مطلبي عودة الحكومة الشرعية التي لا مناص من عودتها فهي من يرى المواطن فيها الأمل في أن تعيد له ما سلب منه، فليس هناك شيء يغطي مكان الدولة، عمر المليشيات ما صنعت دولة ولنا في ليبيا وسوريا والعراق أمثلة كثيرة ومؤلمة .. إلا هُنا وكفى .
#ناصر_عوض_لزرق
14 أكتوبر 2019م