آخر تحديث :الأحد-05 مايو 2024-05:42م

"بس غور عن وجهي!"

الأربعاء - 29 أغسطس 2018 - الساعة 01:41 م

مروان الجوبعي
بقلم: مروان الجوبعي
- ارشيف الكاتب


سمعت شاب يصرخ "انتم كلاب" وعندما التفتت باتجاه الصوت وجدت شابين سعوديين على وشك الاشتباك بالأيدي وحولهم مجموعة هنود ومصريين يتفرجوا ولم يتدخل أحد منهم. أنا الذي وصلت للتو إلى فرع العميل تعجبت أن احد ممن حولهم لم يتدخل فوضعت الأوراق التي كانت بحوزتي وقررت أن أتدخل الأجنبهم مشكلة.
من خلال لهجة الشابين أدركت أن أحدهما ينتمي إلى القطيف والآخر إلى منطقة سعودية أخرى، وأدركت معها أن القطيفي 100% شيعي والآخر سني وأن المعركة أيضا لن تكون بعيدة عن هذه الحساسية التاريخية.
طبعا عندما شاهدت القطيفي أكثر أندفاعا، بحسن نية توجهت إليه، حاولت أن أمسك به حتى لا يصل الأمر إلى حد الأشتباك، وهذا ما أثار غضبه والتفت إلي قائلا "أبعد عني لا تلمسني" كان صوته مستفزا ورغم ذلك تحملت وبقيت أحاول إلى أن دفعني بعنف، ولو لم أتصرف بحكمة لتحولت المعركة بيني وبينه.
حينها انسحبت خطوتين إلى الخلف وبقيت اتفرج مع المتفرجين، أنسحبت وأنا أحدث نفسي "يكفي اليمن تكسرت أضلعها بسبب هذه المعركة التاريخية على الأقل أنا أكون عاقل وأحافظ على سلامة أضلعي"
استمرت الشتائم ومد الأيدي بين الطرفين ولكن اتضح لي فيما بعد أن مد الأيدي كان مجرد استعراض دون أن يلمس أحدهم الآخر، ما حدث لي من دفع هو أبرز ما بهذه المعركة الكلامية.
دخلت إلى إدارة العميل وأنجزت المهام التي ذهبت من أجلها، وخرجت بعدها إلى صالة العرض "السوبر ماركت" وجدت امامي الشاب "السني" وأول ما شاهدني ابتسم ثم سلم علي واعتذر وشكرني على موقفي وأخذ يشرح لي عن "الشيعة" ويصفهم بأقبح الأوصاف، هو أعتقد أني اشاركه الحقد والضغينة للشيعي الذي دفعني بعنف ولكني اعترضت على بذاءة ألفاظه وقلت له "انتم أبناء بلد واحد مهما اختلفتم" ردي هذا أثار امتعاضه فصرخ "لا .. هؤلاء عيال الكلب، مجوس" وعندما لم اتفاعل معه بهذا الكلام رمقني بنظرات حاقدة ربما أعتقد أنني "زيدي، حوثي، مجوسي" حينها انسحبت للمرة الثانية حفاظا على سلامة أضلاعي!
مع خروجي من باب السوبر ماركت الخلفي، الذي دخلت منه، وجدت الشاب القطيفي يقف هناك، فكرت أن الرجل كان بلحظة غضب ولم يفهم أنني تدخلت بحسن نية، حينها سلمت عليه فمد يده بتثاقل ولم يلتفت إلي، قلت له "افتهم لك غلط حاولت أن اجنبكم مشكلة"
رد علي دون أن يلتفت:
"أنا عارف أنكم قلوبكم على بعض"
أجبت:
"من نحن؟"
أجاب هو بغضب:
"بس غور عن وجهي!"
لم أجد ما أرد عليه وقررت الانسحاب للمرة الثالثة حفاظا على سلامة أضلعي، أنسحبت وأنا أقول مع نفسي "الداخل بين قريش خسران!"