آخر تحديث :الخميس-16 مايو 2024-12:21م

كلمة الرئيس السابق

السبت - 16 يونيو 2018 - الساعة 11:03 م

نشوان العثماني
بقلم: نشوان العثماني
- ارشيف الكاتب


كلمة الرئيس السابق التي بُثت أول من أمس تضرب عميقًا في خاصرة الحوثيين إذ تعريهم من واقع تصرفاتهم المعهودة بالطبع, وقد تحصد المزيد من التعاطف مع الرجل الذي اختار نهايته على نحو مغاير في وداعه الأخير.
طيلة الفترة الماضية التي قضاها في الحكم وبعده, لم نعهد صالح على هذا النحو الذي ربما ساقته القدرة للتكفير عما سبق. (ولا أحد يستطيع أن يقفز على حقيقة أن صالح حفر حفرةً ووقع فيها..)
ومنذ مقتله, والحوثيون لا يملكون إلا أن يتراجعوا في كل الجبهات,
وهم اليوم لا يستطيعون الصمود لأي سبب أمام العتاد الهائل جوًا وبرًا وبحرًا. (على أنه لولا سلاح الجو هذا, لحدث العكس تمامًا..)
وتبقى المسألة محدودة الوقت, ومتعلقة أكثر ربما بأولئك الضاغطين باتجاه إطالة هذه الحرب, وباتجاه بقائهم.
مع أن الحقيقة المؤلمة أن كل الأطراف في سجلها ما يروع ويمزق القلب وجعًا إزاء ما يُرتكب بحق المدنيين. وهذا ما قالته سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش بأن "قوات التحالف والحوثيين التي تتقاتل الآن على الحُديدة لها سوابق فظيعة بعدم الالتزام بقوانين الحرب".
هذا على أننا حين الحديث عن الحروب, فإنه ما من حل عبرها يمكن للمرء أن يطمئن إليه باتجاه بناء وطن يستمر فيه السلام, فعمرها أداة العنف والقتل ما كانت لتفعل الصواب والخير بل الشر بحق الإنسان.
نحن نعيش في أوطان هندستها أدوات العنف منذ المهد البعيد, وهي ما كانت لتنتقل من مرحلة إلى أخرى (وهي تكرر مآسيها داخل الدائرة ذاتها ولا تنتقل) إلا عبر هذه العمليات الجراحية الصعبة التي ما تلبث أن تودي في أحيان كثيرة بحياة الجنين المنتظر منذ وقت مبكر لتظل الكلفة ثقيلة الأثر لعديد أجيال قادمة لا تخرج هي الأخرى في الأغلب عن ردة الفعل وتكرار الخطأ ذاته. وفي إطار هذا التاريخ المشحون بالعنف والمتشكل كله على هذا الإيقاع نُخدع حقًا عندما ننتصر فيه لطرف ضد آخر, في حين أن المعادلة واحدة أساسًا. (على الرغم من الفروق غير الكبيرة بين مستوى وآخر وسط هذه الغدرة..)
ليس هناك نصر, بل هناك غلبة مؤقتة ما تلبث أن تقع تحت وطأة ظروف أخرى ما كان لها أن تأتي إلا لتكرر النسق ذاته من المأساة.
تغلب اليوم فتُغلب غدًا فتمضي في طريق بين غالب ومغلوب لا نهاية له.
على المشهد اليمني حاليًا, الصورة الأبرز في كل المعارك من يشكلها؟
الحوثيون تحت أيدلوجيتهم المنتهية بولاية الفقيه, والسلفيون (في المعظم) تحت أيدلوجيتهم المنتهية بالخلافة.
أي أنهم أولئك الذين يقتلون بعضهم تحت علم واحد ومن أجل شعارات تُرفع ظاهرًا فقط, بينما هم يحملون فكرًا آخر يرتكز عليه الوعي, كل منهم يرى في الآخر نقيضه الذي يجب أن يبيده من الوجود تحقيقًا لإرادة الله. هي شعارات دينية في جملتها الواضحة. وهي نتيجة طبيعية للبلدان التي يحكمها هذا الوعي المدفون باستمرار والذي يستدعي أجزاءه المتشظية كل مرة وبالتكرار ذاته؛ على اعتبار أنه كلما أراد حل مشاكله يتقدم للوراء ظنًا منه أن هذا الوراء هو المستقبل.