آخر تحديث :الجمعة-17 مايو 2024-08:41ص

المانيا و منطقتنا و عالمنا العربي : هل ستظل ( المانيا الاتحادية ) ام ستتحول الى ( مملكة متحدة ) أخرى ؟!!

السبت - 08 يوليه 2017 - الساعة 04:44 م

عبدالوهاب الشرفي
بقلم: عبدالوهاب الشرفي
- ارشيف الكاتب


المانيا حاضرة اوروبا و رائدة سياسة الاتحاد الاوربي الداخلية سابقا و رائدة  السياستين الداخلية و الخارجية له حاليا و منذ خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الاوربي ، و اوروبيا تكون المانيا و هي الان في وضع المملكة المتحدة ذات ثقل لمواقفها الخارجية اكثر ثقلا حتى من المملكة المتحدة قبل مغادرتها للاتحاد لان الاخيرة لم تكن تجمع ريادة السياستين الداخلية و الخارجية حينها و التي تجمعهما المانيا الاتحادية الان .

 

نحن في العالم العربي و في منطقة الشرق الاوسط معنيين بالمواقف الالمانية تجاه ملفات عالمنا و منطقتنا بصورة مباشرة ، فالموقف الالماني لم يعد موقف المانيا منفردة - على ماله من اهمية -  لكنه بات موقفا يمثل اوربا تجاه ملفاتنا المختلفة ، وبات الموقف الالماني احد المواقف الحاسمة في التغيرات التي تتم في ملفاتنا واثارها تنعكس علينا بشكل مباشر .

 

كان وزير خارجية المانيا في السعودية  قبل ايام و بالطبع فالحدث الاهم الذي طار على خلفيته الى منطقتنا هو الازمة الخليجية ، وبنهاية اجتماعاته عقد مع وزير خارجية السعودية مؤتمرا صحفيا كان ملفت للنظر منذ بدايته ان الوزير الالماني ليس راض عن النتيجة التي خرج بها ، وكان واضح ان تباين المواقف بين خصوم قطر وبين المانيا لم يتم تجاوزه ، فحديث الجبير ذهب الى ملفات اخرى ولم يتحدث عن الملف الاهم و الذي قدم الوزير  الالماني على خلفيته الا في اخر الحديث .

 

ليس هذا هو فقط الملفت في ذلك المؤتمر الصحفي للوزيرين فعبارة " نحن متفقون على ضرورة العمل على وقف تمويل الارهاب " التي جرت على لسان الوزير السعودي  كانت تعني ان موقف خصوم قطر لم يتأثر بعد المباحثات التي قام بها الوزير الالماني ، و كذلك الموقف الالماني لم يتأثر هو الاخر .

 

لا تقف الامور هنا فسؤال احد الصحفيين الحاضرين للمؤتمر الوزير الالماني  عن ماهو الموقف الالماني من الازمة الخليجية  تدخل الوزير السعودي من فوره و فرض نفسه - عمليا -  للاجابة على هذا السؤال الذي هو اساسا موجه للوزير الالماني من جهة و عن الموقف الالماني من الازمة الخليجية  - وليس الموقف السعودي او موقف خصوم قطر - من جهة ثانية ، و هذا التصرف يعني ان الوزير السعودي لم يكن يريد للموقف الالماني ان يخرج للاعلام الذي كان يقوم بالنقل المباشر ويتابعه الملايين بلسان الوزير الالماني لانه يعرف ان الرد الذي سيقوله الوزير الالماني ليس كما يريده خصوم قطر ، وبالطبع لا يمكننا وصف تمرير الوزير الالماني للتطفل السعودي انه نوع من " السذاجة " بل كان تصرفا بمقتضيات اللياقة الدبلوماسية ، ولكنه سيكون موقفا ساذجا للغاية اذا لم تتلافى الخارجية الالمانية هذا التطفل المخل للوزير السعودي بتوضيح الموقف الالماني بلسانها لا بلسان غيرها و الذي بالطبع لم يطرح جوهر الموقف الالماني من الازمة الخليجية .

 

كان من الملفت كذلك  في مؤتمر الوزيران الالماني و السعودي و كذلك في  المؤتمر الذي تبعه للوزير الالماني و الوزير الاماراتي ان الترجمة لحديث الوزير الالماني كان يتم " تشذيبها " لتبدو منسجمة باكبر قدر ممكن مع موقف خصوم قطر و لدرجة اهمال ترجمة فقرات من ردود الوزير الالماني وهذا الامر ايضا يعزز النتيجة السابقة ان هناك عمل مصمم عند الخروج على الاعلام للتلاعب على الموقف الالماني واضهاره على غير حقيقته او لنقل عدم اضهاره بكامل حقيقته ، ومن ذلك الفقرات التي تحدث بها الوزير الالماني بحق الجميع و لكنها قدّمت لملايين المتابعين للمؤتمرين انها فقط بحق قطر .

 

بصورة غالبة  يمكن القول ان الوزير الالماني خرج بعد جولته الخليجية كما دخل وليس هناك مستجد مهم ترتب على هذه الجوله و في كلا الاتجاهين الالماني و خصوم قطر ، لكن الامر ليس كذلك بالنسبة للموقف الالماني ابتداء فقد كان احد اهم الادوار التي حدّت من الاندفاعات المفرطة التي ابداها خصوم قطر تجاهها بداية تفجير الازمة . وهو امر يعني ان التعاطي مع جولة الوزير الالماني الخليجية كان هادف للاحتيال على الموقف الالماني الغير مرض لخصوم قطر لاخراجه للرأي العام بما يتناسب مع توجهات خصوم قطر او بما لا يبدو تعارض مع توجهاتهم على الاقل   .

 

الوزير الالماني عند حديثه في مؤتمر جدة قال ان هذه الزيارة كانت فرصة جديدة للتعرف اكثر على تاريخ المنطقة ، وجريان هذه العبارة على لسانه تعكس قدرا كبير من المسئولية التي يتحلى بها الرجل وبالطبع هي انعكاس للمسئولية التي كانت و لا زالت تتحلى بها الدبلوماسية الالمانية ككل ، فهذا البلد هو اكثر بلد يقدّر ماهي تبعات الخصومات و النزاعات و الحروب على الشعوب ، وهو  يبذل كل جهوده لتعزيز الاستقرار و الامن اوروبيا و  دوليا وعلى الاقل كي لا يكون هو طرفا في اي نزاعات او حروب جديدة ، فالتضحيات التي تحملها نتيجة للحروب التي خاضها كانت باهضة للغاية وليس اغلاها ما تخرب و انما خسارته للعقول الالمانية كانت هي اغلاها لانها ما استخدم من  اخرين لفرض سيطرة عالمية واوروبية واسعة لازال يعاني منها حتى الان ، ويكفي لادراك ذلك ان نعرف ان  الصواريخ الالمانية كانت اول الصواريخ و ان  القنبلة النووية الالمانية كانت اول القنابل النووية و ان القمر الصناعي الالماني كان اول الاقمار الصناعية  وغير ذلك ولهجرة العقول الالمانية او لاختطافها برزت دول غيره و على حسابه  .

 

نشاط ملحوظ للدبلوماسية و للادارة الالمانية في منطقة الشرق الاوسط وهو تطور في الاداء الخارجي الالماني طبيعي بعد مغادرة بريطانيا للاتحاد الاوربي و تحمل المانيا لدورها الخارجي فيما يتعلق بمواقف  " الاتحاد الاوربي " ، ومع ان اتسام هذا النشاط بالمسئولية البادية الا انه يعتريه في بعض المواقف عدم الايجابية او محدوديتها .

 

كنا نحن كشعوب في منطقة الشرق الاوسط وفي العالم العربي تحديدا من اكثر المستبشرين بتطور الدور الالماني في ملفاتنا وانحسار الدور البريطاني او على الاقل وجود دور الماني يضاف للادوار المحورية في منطقتنا و عالمنا العربي ولهذا يكون من الجيد ان نطرح للالمانيين وجهة نظرنا بصراحه كي يكون دورها في ملفاتنا حاملا للايجابية الكاملة التي توقعناها من الدور الالماني عند البداية ،  فنحن نقدر عاليا سمة المسئولية البادية على الاداء الالماني خلال الفترة الماضية كما اننا نتفهم حالات مجانبة الايجابية الذي يحصل في بعض المواقف ، وبالطبع المسئولية لا تعني قطعا الايجابية و لكن المسئولية تجعل من فقد الايجابية اذا ما حصل امر قابل للنقاش و من ثم للاصلاح في حال الاقتناع بالملاحضات المطروحة .

 

حديث الوزير الالماني الذي يحمل معنى الحاجة لزيادة المعرفة بالتاريخ في المنطقة قد يكون هو احد الاسباب التي تتسبب في عدم ايجابية بعض المواقف الالمانية ، لكن يضل تسلم المانيا لملفات شديدة التعقيد و مصممة لتحقيق اهداف " لا مسؤلة " ورثتها المانيا عن الادارة البريطانية هو السبب الاهم  للوقوع في عدم الايجابية احيانا  وهو سبب اخطر و اكثر اثرا على الاداء الالماني من الحاجة التاريخية او اي سبب اخر  .

 

سيرا على الصراحة مع الالمان يمكن القول ان اهم ميزتين تحملهما المانيا بالمقارنة بالادارة البريطانية هما " المزاج السياسي " الالماني الراسخ باتجاه العمل على الاستقرار و رفض المجازفة بالشعوب لفرض نتائج سياسية ،  و الاخرى هي ان المانيا ليست مصابة " بجدري الصهيونية " كما كانت المملكة المتحدة و مثلها الولايات المتحدة و حتى فرنسا كذلك ولو بدرجة اقل  ، و هو مرض طالما فرض على هذه الدول ان تجازف بمصلحة شعوبها و تعمل ضد مصالحها المفترضة عندما تفرض مصلحة " الصهيونية " ذلك عن طريق لوبياتها العميقة في هذه الدول .

 

ما يستخدم لتغطية التأزيم مع قطر من قبل خصومها هو " دعم و توضيف الارهاب " و بالطبع الموقف الالماني لم يفته ان هذه الأفة هي أفة مشتركة بين طرفي الازمة - اذا استثنينا مصر بالطبع - وكان الموقف الالماني ايجابيا و عبر ان  هذا المطلب محق و يجب ان يكون بحق قطر و بحق خصومها كذلك وليس بحقها فقط . و  الارهاب ليس عنوان الازمة الخليجية فقط وانما بات هو ديدن الجميع و اوروبا ككل التي تحل المانيا في ريادتها  و المانيا ذاتها ، الكل يعاني من افة الارهاب بشكل خطير ومهدد جدي للحياة اينما و جد ، و تبعاته باتت واضحة بانها تجر العالم بأسرة لصدام كبير و تقويض العالم على روؤس شعوبه جميعها  .

 

بقدر حجم تهديد هذا الخطر لالمانيا ولاوروبا و لمنطقتنا و عالمنا العربي بدرجة اكثر قسوة بالطبع  و للعالم باسره كذلك يجب ان تكون جدية نظرة المانيا الى الملفات التي تتعاطى معها في منطقتنا وعالمنا العربي ، و يجب ان ينطلق الاداء الالماني من " قطيعة كاملة "  مع استخدام الارهاب لصالح فرض نتائج سياسية اي كانت واي كان المستفيد منها واي كان الذي يعمل عليها .

 

الارهاب الذي بداء العمل على صناعته في منطقتنا  و لكنه استشرى ولازال يستشري في كل العالم ولالمانيا ولبلجيكا و حتى لفرنسا و بريطانيا وامريكا وروسيا ليس راديكالية و ليس حواث عنف و ليس وقائع دموية ، انه قبل كل ذلك اداة سياسية ، وهناك دول هي من تقف كقرار سياسي واداء استخباري وراء توضيف وتنظيم الراديكالية و تنمية العنف و الدموية و استخراج كل ما يمكن توضيفه لانتاج " جماعات ارهاب "  من مدافن التاريخ او من مدافن " المجتمعات المحكومة بدول مستقرة لتعيده للواجهة الحاضرة والهدف هو تفريخ جماعات تؤدي ادوارا في مخططات موصلة لفرض النتائج السياسية المطلوبة لهذه الدول  و المطلوبة  " للصهيونية "  بدرجة رئيسية عن طريق ارتكاب المجازر الفظيعة و الحوادث العنفية المختلفة  ، اي ان الراديكالية و العنف و حتى الدموية  بالنسبة للارهاب هي تماما كاليورانيوم الذي لا يفعل كثيرا لكن المفاعلات هي من تحوله الى قوة رهيبة التدمير وهذه المفاعلات هي سياسات لدول متبعة في منطقتنا وعالمنا العربي  .

 

الموقف الالماني تجاه الازمة الخليجية المطالب للجميع بالعمل على التوقف عن دعم الارهاب هو كاف لرسم حقيقة ان الارهاب هو اداة سياسية اولا وقبل كل ما يروج من اسلام راديكالي و تطرف و عنف و دموية ، لكن لندعم النتيجة هذه بشواهد للقطع بصحتها ، فمن تصريح كوندليزا رايس وزيرة خارجية الولايات المتحدة الاسبق بان الولايات المتحدة هي من صنعت " القاعدة " ضمن الصراع مع الاتحاد السوفياتي وقصة " الافغان العرب " لم تعد خافية ، و حديث الرئيس ترامب قبل وصوله للبيت الابيض ان ادارة اوباما مسئولة عن صناعة داعش ، و  عشرات الالاف من الارهابيين الاجانب الذين دخلوا الى سوريا وهي بلد محاط بدول مستقرة يصعب مرور معارض سياسي فرد عبر حدودها فكيف بعشرات الالاف من الارهابيين ، و اعتراف فرنسا بالفي مواطن  فرنسي توجهوا الى سوريا عبر تركيا تذرعت - قبل ان يضرب الارهاب عاصمتها - بانه ليس من حقها ان تسائل المواطنين عن وجهاتهم ، و فتح " اسرائيل " مستشفياتها لعلاج عناصر من الجماعات الارهابية المقاتلة في سوريا علنا ، "  و تهرب الولايات المتحدة من التوصل لتصنيف دولي للجماعات المقاتلة في سوريا ومن منها ارهابية ومن منها معارضة سياسية " ، وغير ذلك كثير ويحتاج فقط شي من التأمل الذي يسبقه الصدق في تحديد طبيعة المشكلة المسماة " الارهاب "  ، واكثر منه واوضح منه و ما هو موثق من الاستخدام السياسي للارهاب هو ما يمكن ان تحصل عليه المانيا بمجرد طلبه من روسيا التي لها اعتناء مباشر " بالارهاب "  لاستخدامه ضدها بشكل تاريخي و كبير . 

 

وصول هذه الحقيقة  ورسوخها لدى الادارة و الدبلوماسية الالمانية  وان العامل الاكثر اهمية وجدوى في مواجهة الارهاب هو العمل على احداث تغيير في السياسات المتبعة في منطقتنا وعالمنا العربي والامريكية منها و الاوروبية - تحديدا البريطانية و الفرنسية - بدرجة رئيسية كون سياسات حكوماتنا الفاعلة هي اخراج لتلك السياسات الامريكية و الاوربية - ومن الجميل هنا  ان نضع امام عين الالمان التصريح الامريكي قبل يومين بان قطر كانت تنفذ ماطلبته منها واشنطن - و بالتالي فرسوخ هذه الحقيقة ستضع المانيا امام مفترق طرق اما ان تستكمل السير على خطى الادارة البريطانية التي حلت في  محلها و بالتالي لن يُقضى على الارهاب لانه " مصنوع "  اساسا لاستخدامه لصالح السياسة و سيستمر وسيتوسع  التهديد و المجازر و  الدماء و التفجير و الطعن واطلاق النار و حوادث الصدام ليس في منطقتنا و عالمنا وحسب وانما ايضا في اوروبا التي باتت المانيا معنية بالمساهمة في حمايتها من خلال موقع الريادة الذي حلت فيه و في كل العالم بالتبعية  ، او ان تبذل المانيا جهودها لتغيير السياسات المتبعة في المنطقة من تلك الدول وبذلك تسلب الارهاب اهم عنصر من عناصر وجوده و تنظيمه و تدريبه وتمويله و التسهيل له و الترويج لرعبه اعلاميا وبذلك ستخدم المانيا ذاتها و دول الاتحاد الاوربي الذي تتسيد سياستها الداخلية و الخارجية و تخدم  المنطقة و العالم العربي و كل العالم ، وفي حال عجز المانيا عن التاثير في سياسات تلك الدول تجاه المنطقة فعلى الاقل ان تتخذ مواقفها هي انطلاقا من " القطيعة التامة "   مع استخدام الارهاب لصالح السياسة  و سيكون دورها مثمرا بقدر ليس بالقليل  .

 

اعيد التحذير من ان تستكمل المانيا مشوار السياسات التي ورثت ملفاتها من الادارة البريطانية  لانها ستتحول الى مستخدم للارهاب دون ان تريد هي ذلك ، وخير شاهد على ذلك الموقف الالماني تجاه  استهداف المدنيين بالكيماوي بخان شيخون في سوريا ، فقد انطلقت من عاطفتها وهو امر محمود في حال وضوح الملابسات ، لكن في ضل عدم وضوح الملابسات بصورة قانونية و رسمية و مسئولة فالتعاطف يتحول الى سلبي لان موقف المانيا الذي حّمل النظام السوري مسئولية تلك الجريمة جزافا اسهم في قطع الطريق على الذهاب بالجريمة الى تحقيق شفاف محايد مسئول يحدد الفاعل بشكل يمكّن المانيا وغيرها من اتخاذ مواقف مسؤلة كاملة الايجابية تحمي المدنيين كمبداء اخلاقي وقيمي ومسئولية قانونية وبغض النظر عمن ثبتت الجريمة بحقة فكل المطلوب كان الموقف القانوني الواضح المنطلق من تحقيق نزية وعادل يحمل المسئوليات برسمية ، لكن الانطلاق من العاطفة جزافا اوقع المانيا في موقف افاد  " مستخدمي الارهاب " و الاستمرار في ذلك سيوقعها هي نفسها  في استخدام الارهاب شأت ذلك ام لم تشاء .

 

الموقف الالماني تجاه الازمة الخليجية كان موقفا كامل الايجابية وكان ضد استخدام الارهاب كمبدء وليس كتفضيل بين المستخدمين ، و لعل السبب الاول في الايجابية الكاملة هذه ان ملف الازمة الخليجية ليس ملفا موروثا من التركة البريطانية في المنطقة  فقرات المانيا الملابسات بعينها لا بعين سياسة الادارة البريطانية و تمكنت من تكوين تصور واقعي و منطقي للازمة و من ثم اتخذت موقفا ايجابيا واضحا ، لكن الملف اليمني هو احد الملفات الموروثة في المنطقة  ومن واجب المانيا ان تقترب اكثر من تفاصيله وهي قادرة على ذلك وان تحيط بملابساته برؤية المانية خالصة  و من ثم تحدد موقفها تجاهه بدعم فرض وقف القتال و التوجه الصادق لحل سياسي لان هناك الاف المدنيين قتلوا او جرحوا نتيجة هذه الحرب المصممة لتحقيق اهداف سياسية لاعلاقة لها بما يتم الحديث عنه في الاعلام من اهداف ، و كذلك ملايين اليمنيين معرضون للجوع و سوء التغذية  و للاصابة بالكوليرا و الامراض المختلفة و غير ذلك من الويلات ، اضف الى ذلك  ان عدم الاستقرار المتركز بسبب هذه الحرب يمثل اخصب بيئة للارهاب للنمو و الذي يبداء في منطقتنا ولكنه لا  ينتهي الا في باريس و لندن و بروكسيل و برلين و غيرها .

 

الملف السوري هو الاخر ملف موروث من تركة الادارة البريطانية في المنطقة  و يجب ان يحظى من الالمان بذات ما يجب تجاه الملف اليمني من النظرة بعيون المانية صرفة وان ينطلق الموقف الالماني تجاهه من مبدء القيم  فتدفع باتجاه الحل القائم على وقف الحرب و الاحتكام للشعب السوري بالمضي و المساعدة للسوريين بالتوصل لحل سياسي مؤقت يفضي الى اجراء انتخابات او اي خطوات ديمقراطية توجد حكومة تناسب الشعب السوري و الشعب السوري فقط وبعيدا عن اي تفضيلات مسبقة او رغبات لاطراف اخرى ، ولان ذلك هو المطلوب الاول  لمواجهة الارهاب الذي تمثل احداث سوريا اكبر المعنيين حاليا بالارهاب و  المصدر الاول لوصوله لاوروبا وغيرها ، ولان ذلك هو الدور و الموقف المنسجم مع القيم الالمانية و الاوربية و الديمقراطية و حقوق الانسان و الامن و السلم الدوليين و الانسانية و مع كل المعايير الحميدة المختلفة .

 

كانت الادارة البريطانية بموقعها كرائد للسياسة الاوربية الخارجية هي حلقة الوصل بين منطقتنا و عالمنا العربي و بين اوروبا و نتيجة اصابتها " بجدري الصهيونية " تسببت بسياساتها في تنقّل الشرور والارهاب في طليعتها بين الجانبين فقد زُرع الارهاب هنا ولكنه نمى واثمر هنا ثم نمى اكثر وبدء بالاثمار في اوروبا ، و الان اصبحت المانيا هي حلقة الوصل بدلا عن بريطانيا وبالتالي اما ان تراعي مسئلة " النظرة الالمانية " لملفات المنطقة وبالتالي ستسهم في تنقّل التعاون و الخير و التنمية و الامن وعلى الاقل وقف تنقل الشرور ،  او ان تسير مواصلة لمشوار الادارة البريطانية في التعاطي تجاه ملفات المنطقة و ستسهم حينها في تنمية الارهاب لدينا - كنتيجة طبيعية لمواصلة تلك السياسات -  و في انتقاله الى اوروبا ،  و بالطبع لن يفرق في ذلك انها لم تقصد ان تكون سببا في حصول ذلك ام تغافلت و بالطبع نعرف ان القيم الالمانية ستمنع ان تقصد المانيا ذلك  .

 

نحن لدينا حساسية عالية تجاه " الكيان الصهيوني " و تجاه الادوار الصهيونية التي تنشط لصالحه ولا نتوقع ان نجد ذات الحساسية من قبل الالمان  لفهمنا لملابسات تاريخية و قانونية و سياسية ، و لا نطالبها ايضا ان يكون لها ذات الحساسية تجاه " اسرائيل " و اللوبيات الصهيونية الناشطة في كثير من  العواصم الغربية لانها - المانيا -  ليست موضع منطقي لمثل هذا المطلب بصورة منفردة -  وفقط نذكرها بان هذه اللوبيات ستعمل حتما على الانزياح اليها ومن ثم محاولة التاثير على قرارات ادارتها لصالح اجندة الصهيونية ولو على حساب المانيا ذاتها -  لكن ما نتطلع اليه هو ان تقف المانيا في وجه السياسات المجازفة بامن دولنا و امن دول الغرب و الشرق لفرض النتيجة الصهيونية التي تعمل لها باساليب لا اخلاقية و الارهاب في مقدمتها ، و المانيا اليوم مخيرة بين ان تظل ( المانيا الاتحادية ) وتسهم في انقاذنا و انقاذ اوروبا و انقاذ نفسها من افة الارهاب بالعمل على فرض  تغيير السياسات المتبعة في منطقتنا وعالمنا العربي ما امكنها ذلك  او ان تسير مقتفية اثر سياسات الادارة البريطانية فضلا عن ان  تصاب " بجدري الصهيونية " و حينها ستكون ( مملكة متحدة ) اخرى وستعمل ادارتها على الاستجابة للمصالح الصهيونية ولو على حساب الصالح الالماني و الاوربي و الدولي   .