الكتابة عن كروان لحج ليست بالسلة خصوصا وأن من أراد الكتابة عنه فإنه سيجد نفسه تائه بين دهاليز مشواره الفني الطويل الذي ابتداه وهو لايزال طفلا لم يتجاوز العاشرة من العمر فقد بدأ مشواره الفني في العام 1956م ولهذا يحتار من أراد الكتابة عنه في لملمة أوراق الفنان عبد الكريم توفيق منذ بداياته الفنية والصعوبة تكمن هنا كونها تجربة مليئة بالمعاناةوالتحديات والتقلبات الفنية وفي الحقيقة احترت كثيرا وترددت كثيرا في الخوض في غمار تجربة هذا الفنان الكبير الذي رغم بداياته الفنية في سن مبكرة من عمره إلا انه بدأ كبيرا من خلال ماقدمه من أعمال فنية طربية أصيلة لعدد غير قليل من كبار الأدباء والشعراء والملحنين في لحج الفن والحضارة بكل ماتحتويه من الزهور والرياحين ، فطبيعة لحج الخلابة عكست نفسها على تعدد ألوان وأشكال الألحان اللحجية المتميزة والمتفردة بالذوق الفني الرفيع والطربي الأصيل الذي يجعل المستمع لا يمل سماعه ويتمايل طربا له بداء من ألحان رائد التنوير الفني في لحج الأمير أحمد فضل بن محسن بن علي العبدلي (القمندان)ومرورا بعبدالله هادي سبيت وفضل محمد اللحجي وصالح نصيب ومحمد سعد الصنعاني وصالح فقيه وحسن عطا واحمد يوسف الزبيدي وسعودي أحمد صالح وفيصل علوي ومحمد صالح حمدون والقائمة تطول وتطول بين شاعر وملحن .
واليوم وبمناسبة الذكرى الأولى لرحيل كروان لحج وصوتها الأثيري الخالد عبدالكريم توفيق فإنه آن الأوان لأسطر ماترددت أن اسطره منذ عدد من السنين وذلك لما اختزنه في ذاكرتي من بعض المعلومات المتواضعة حول هذا الفنان الرائع الذي خلد وسيظل خالدا بصوته العذب والمتفرد واداءه المتميز والأعمال الغنائية التي قدمها خلال مشوار مسيرة حياته الفنية ، فلقد بدأ مشواره الفني في العام 56 /1957م وهو من اسرة فنية والده عبد الله توفيق بن سند فنان مسرحي ومطرب وشقيقه شكري عبدالله توفيق فنان مسرحي وهو من مواليد حوطة لحج في العام 1946م ومن أشهر وأبرز أعماله الغنائية :-
*********************
1 - قضيت العمر
2-يعذبني الحبيب دايم
3 - بنار الشوق مسيت محروق
4-كم يقلي الليل
5-تقول العين ذا ملكي
6- ياقلبي الجريح
7-بالعيون السود
8-اللي تركت الدمع
9-يواعدني وينساني
10-ياشاكي غرامك
11- يامعذب في الهوى ما أصبرك
12-يلوموني بدل مايرحموني
13-رخصة شل حبة من ذول العنب .
14- بكشفه للثام
15- غيب وإلا أحضر
16- ردد التغريد
وغيرها الكثير والكثير من الأعمال الغنائية الرائعة والتي لا يتسع المجال لذكرها .
أول ظهور امام الجمهور في عدن :-
يقول الفنان عبدالكريم توفيق رحمه الله عن بداياته ومشاركاته في الحفلات الفنية الغنائية الكبيرة ومواجهته للجمهور كانت في العام 1959م في حفل اقيم على مسرح البادري بكريتر وقدم في ذلك الحفل أغنية (كم يقلي الليل ياولهان توب) من كلمات صالح نصيب والحان فضل محمد اللحجي وقال ان الصحافة الفنية في ذلك الوقت أشادت بصوته وتنبأت له بمستقبل فني كبير وقال عنه الناقد الفني محمد شفيق (اليوم ظهر صوت قوي ومنافس لصوت محمد صالح حمدون ) كما قدم اغنية (قضيت العمر ) وهي أيضا من كلمات صالح نصيب والحان فضل محمد اللحجي كان ذلك وعمره عشر سنوات ،، وقال إنه غنى أغنية يوا عدني وينساني من ألحان فضل اللحجي في عام 1962م .
بداياته الأولى مع الندوة الموسيقية اللحجية :-
***********************************
وعن بداياته الأولى يقول الفنان عبدالكريم توفيق أنها كانت مع الندوة الموسيقية اللحجية وان أول أغنية قدمته للجمهور هي أغنية يقلي الليل توب كما اشرت سلفا وعن أغنية (تقول العين ذا ملكي وقال القلب باه) وهي من الروائع التي قدمها الفنان الكبير عبدالكريم توفيق حول هذه الاغنية قال إنها جاءت في وقت واحد مع أغنية (أسألك بالحب يافاتن جميل) في عام 1959م والتي غناها الفنان فيصل علوي وهاتين الاغنيتين من كلمات أحمد عباد الحسيني والحان الموسيقي اللحجي الكبير المرحوم صلاح ناصر كرد رحمهم الله جميعا .
تجربته مع التلحين :-
****************
وحول تجربته مع التلحين فإنه يقول بدأ في ذلك الوقت يخوض تجربة التلحين حيث أنه لحن أول عمل كان من كلمات الأمير محسن صالح مهدي وهي أغنية (في ذكرى حبيبي مانامت عيوني) وأضاف أنه لحن عمل آخر وهي أغنية (ورا ذي العين دي تدمع) وأهداها الى زميل رحلته الفنية الفنان فيصل علوي والذي قام بأدائها بشكل رائع .
خلاف فضل محمد اللحجي مع الندوة الموسيقية اللحجية :-
**********************************************
عندما اختلف الفنان فضل محمد اللحجي مع الندوة الموسيقية اللحجية ذهب الى تأسيس ندوة الجنوب الموسيقية وذهب معه عدد من الفنانين وبقي الفنان عبدالكريم توفيق ومجموعة قليلة من الفنانين في الندوة الموسيقية اللحجية وكانت فرصة للفنان الكبير والملحن الموسيقي العظيم محمد سعد الصنعاني ان يخرج ما لديه من الحان لمطربي الندوة الموسيقية اللحجية بعد أن بقي فيها بعد مغادرة فضل محمد اللحجي ، حيث قدم للفنان عبد الكريم توفيق عملين موسيقيين رائعين هما (لوعتي) و(ردد التغريد يا صباح الباكر)وهنا اود ان أورد شهادة للفنان العدني الكبير رائد الغناء العدني خليل محمد خليل فقد سمعته باذني وهو يشيد بأغنية (ردد التغريد ) ويعرب عن اعجابه اليد بها وقال كنت أتمنى لو كانت من الحاني.
وفي معرض سرده لذكرياته الفنية يقول أبا طارق (عبدالكريم توفيق) انه قدم أيضا مع الندوة الموسيقية اللحجية أعمال أخرى للشاعر عبدالخالق مفتاح مثل أغنية( ظبي الجنوب ) و أغنية (بالعيون السود) وحول أغنية بالعيون السود يقول إنها اعطته دافع قوي وحققت له نجاح كبير كونها جمعت بين السماعي والشرحي .
وعن ندوة الجنوب الموسيقية بقيادة الفنان فضل محمد اللحجي وعبدالله عبد القيوم يقول الفنان عبد الكريم توفيق ان هذه الندوة قدمت اعمال غنائية كثيرة وجميلة مثل أغنية (يذكرني القمر خده) ومن الفنانين اللذين كانوا منظويين تحت هذه الفرقة الفنان مهدي درويش والفنان محمود محمد ناصر ، الجدير بالذكر ان أغنية يذكرني القمر خده لحنها وغناها فنان حضرموت الكبير محمد جمعة خان اما بالنسبة للأغنية الشهيرة (اللي تركت الدمع) غناها الفنان صاحب الصوت الجميل مهدي درويش رحمه الله... ويقول عبدالكريم توفيق انه غناها أيضا وهي من كلمات صالح نصيب والحان فضل محمد اللحجي.
وحول الأغنية الطربية المعروفة يا قلبي الجريح من كلمات صالح نصيب واللحان فضل محمد اللحجي فقد جاءت في العام 1961-1962 م وفي ظل الخلاف مع الندوة اللحجية فقد قدمها فضل اللحجي للفنان محمد رزق وهو صوت صغير تم البحث عنه في اطار التنافس مع فرقتنا الموسيقية –والكلام للفنان عبدالكريم توفيق-وقدمها رزق في المخادر ولكن الأستاذ فضل لم يقتنع بأدائه وكان في قرارة نفسه يقول ماحد بايؤدي هذه الأغنية أحسن من عبدالكريم توفيق وظل يبحث عن عبدالكريم وجاءت الفرصة عندما ترك عبدالكريم الندوة اللحجية وانتقل الى عدن للدراسة وكان حينها في عدن يغني لمحسن بن احمد مهدي وفي تلك الفترة كانت توجد لدى فضل اللحجي الحان رائعة مجمده مثل (قضيت العمر ) و (يواعدني وينساني) و (ياقلبي الجريح) لم يقم فضل باعطائها احد الفنانين وكان مصرا بان هذه الألحان
لا يمكن ان يؤديها احد سوى الفنان عبدالكريم توفيق ، وعندما علم بان عبد الكريم ترك الندوة اللحجيه وانتقل الى عدن ذهب اليه فضل الى منزله في عدن وعرض الألحان التي ذكرتها آنفا الا ان عبدالكريم رفض ذلك العرض كون هذه الأعمال سبق وان غنوها فنانين آخرين من قبله ولكن تدخل في الأمر العديد من الوسطاء منهم الأمير الشاعر صالح مهدي بن علي العبدلي ومحسن صالح مهدي ومحسن بن احمد مهدي واحمد علي النصري واقنعوا عبد الكريم بقبول تلك الأعمال حيث قام أولا بتسجيل أغنية (يا قلبي الجريح) وفي نفس الوقت قام الفنان علي سعيد العودي بتسجيل أغنية (يواعدني يوا عدني وينسى ليلة الميعاد يتركني انا والليل والأوهام تعذبني) من كلمات صالح نصيب والحان فضل محمد اللحجي.
مساهمات الفنان عبدالكريم توفيق في تأسيس فرقة الإنشاد الوطنية :-
**********************************************
أسهم الفنان عبدالكريم توفيق إلى جانب زميله الفنان الموسيقي والملحن الكبير الأستاذ أحمد بن غوذل وعدد من الفنانين والموسيقيين في تأسيس فرقة الإنشاد الوطنية في عدن وأسهم في تحفيظ الفرقة عدد من الأعمال اللحجية التراثية مثل اغنية شراح كيه سمعوا الأوضاف وغيرها من الأعمال وقدم أثناء نشاطه مع الفرقة لحن عظيم من ألحان الموسيقار بن غوذل وكلمات الشاعر صالح نصيب وهي أغنية (تباني ابكي انا ماشي معي باقي دموع ) كما غنى من كلمات والحان الفنان الراحل محمد سالم بن شامخ اغنية عيوني سهارى وغنى من كلمات أحمد مفتاح عبدالرب والحان الفنان الكبير محمد محسن عطروش أغنية (نسيان) وقدم أعمال من ألحان الفنان الكبير احمد باقتادة وكلمات الشاعر المرحوم أحمد بومهدي أغنية (تبى قلبي اللي عذبته) .
هذه كانت بعض شذرات من ذكريات الفنان الراحل عبد الكريم توفيق التي رواها في جلساتنا الخاصه وكذلك في اللقاءات الإذاعة والتلفزيونية فرصدتها وحبيت أن أنقلها وأرويها لكم بمناسبة الذكرى الأولى لرحيله الذي يصادف 30 أكتوبر 2020 م حيث توفاه الله في ذلك اليوم من العام الماضي 2019م
رحم الله الفنان الكبير كروان لحج والجنوب صاحب الصوت الشجي والخالد عبدالكريم توفيق وأسكنه فسيح جناته إنا لله وإنا اليه راجعون .
