آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-04:54م

أخبار وتقارير


مذكرات علي ناصر محمد: كيف خطط علي سالم البيض لإسقاط حكم الرئيس قحطان الشعبي .. ومن المنفذ لهذه الخطة .. وما الهدف من هذا الإسقاط ؟

الأربعاء - 28 أكتوبر 2020 - 05:09 م بتوقيت عدن

مذكرات علي ناصر محمد:  كيف خطط علي سالم البيض لإسقاط حكم الرئيس قحطان الشعبي .. ومن المنفذ لهذه الخطة .. وما الهدف من هذا الإسقاط ؟

عدن ((عدن الغد)) خاص:

 

 

"عدن الغد " تنفرد بنشر مذكرات ( ذاكرة وطن جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية 1967-1990) للرئيس علي ناصر محمد : الحلقة ( الرابعة والثلاثون )

 

 

متابعة وترتيب / د / الخضر عبدالله :

 

تنفرد ( عدن الغد ) بصحيفتها الورقية وموقعها اللالكتروني بنشر أبرز وأهم المذكرات االتي سبق لــ" عدن الغد " أن قامت بنشر ها ( ذاكرة وطن - والطريق إلى عدن - القطار .. رحلة إلى الغرب- وعدن التاريخ والحضارة ) للرئيس علي ناصر محمد .

 

وفي هذه المرة ستقوم " عدن الغد " بنشر مذكرات جديدة من حياته ( جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية 1967-1990 ) .

 

وتعد هذه المذكرات الجزء الخامس من محطات وتاريخ الرئيس الأسبق علي ناصر محمد رئيس جمهورية اليمن الديمقراطية .

 

حيث يذكر لنا في مذكراته عن وقائع وأحداث وتغيرات المت بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية من عام (67- 90م ) حيث يقول الرئيس ناصر :" لا شك في أنّ قارئ هذه المذكرات سيجد نفسه مشدوداً إلى الماضي ومستغرقاً فيه، وربما تولّد لديه انطباع قوي بأنّ تجربة اليمن الديمقراطية لم تكن سوى صراعات عنيفة من أجل السلطة أو في سبيلها، وأنّ صفحات هذه التجربة لا تحمل ما يمكن الاعتزاز به، فضلاً عن أنْ ليس في تقديمها ما يمكن الاستفادة منه والتعويل عليه أو التفاؤل به... بقية التفاصيل من المذكرات نسردها في أثناء السطور وإليكم ما جاء فيه ..

 

 

 

 

 

بريطانيا والمراهنة على الانقسامات بعد حركة 20 مارس .. ماالذي حدث فيها ؟

 

ما زال السيد الرئيس علي ناصر يتحفنا بعرض مذكراته الشيقة التي يعلمنا من خلالها عن الوقائع والأحداث التاريخية التي مر بها جنوب اليمن انذاك في تلك الحقبة الزمنية .. وفي هذا العدد يعرض لنا عن موعد اللقاء الفترض بين وفد حكومة بريطانيا وحكومة جمهورية اليمن الجنوبية .. بيقية التفاصيل يرويها لنا كعادته السيد الرئيس ناصر حيث قال :" مع حلول شهر أيار/ مايو 1968م جاء موعد اللقاء المفترض بين وفد حكومي بريطاني وآخر من حكومة جمهورية اليمن الجنوبية بشأن المساعدات التي وعدت بها الحكومة البريطانية في جنيف، في تشرين الثاني/ نوفمبر 1967. غير أنّ المفاوضات التي شارك فيها فيصل عبد اللطيف على رأس وفد عدن لم تؤدِّ إلى شيء، وأغلب الظن أنّ البريطانيين كانوا يراقبون الانقسامات وحالة التصدع التي تعانيها الدولة الوليدة بعد حركة 20 مارس و14 مايو، ويتابعون الصراعات والمصاعب التي تحيق بها، ويحاولون الوقوف عن طريق المفاوضات على اتجاهات الأحداث و"نبضها" وعمق الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد، ولم تتمخض المفاوضات عن تنفيذ ما اتُّفق عليه مع البريطانيين في جنيف.

 

 

لماذا كانت حركة 27 يوليو… لإطاحة قحطان ..؟

 

وحول معسكر شرطة الشعب يقول السيد الرئيس :" في معسكر الشرطة بمدينة الشعب وُضع كل من علي سالم البيض وعبد الله البار وخالد ومحسن باراس قيد الاعتقال، كما أسلفنا، دون أن يعرف أحد ماذا ينتظرهم هناك، وما الذي يزمع الجيش أن يفعله بهم، غير أنّ أنباء محدودة تسربت عن مشاورات ولقاءات حذرة جرت بين علي سالم البيض والعقيد عبد الله علي مجور الذي كان أحد قادة الأمن العام والذراع اليمنى للعقيد عبد الله صالح سبعة قائد الأمن العام. وكشف عبد الله صالح البار فيما بعد أنّ تلك اللقاءات جرت بين البيض وكل من السبعة ومجور، واتُّفق فيها بين الجانبين على إسقاط الرئيس قحطان الشعبي، في ما عُرف بحركة 27 يوليو. وتنفيذاً للمخطط، تولى العقيد عبد الله مجور تنفيذ خطة تهريب علي سالم البيض وزملائه من المعتقل.

 

كيف هرب علي البيض من المعتقل ؟

 

ويردف السيد الرئيس بحديثه ويقول :" يضيف البار أنه في الطريق إلى حضرموت، وبالتحديد في ميفعة، دخلوا جميعاً إلى حجر، وهناك كشف لهم البيض الاتفاق الذي حصل مع قيادة الجيش، ويقضي بإسقاط حضرموت توطئة لإسقاط حكم الرئيس قحطان الشعبي، ثم عرض خطة التحرك، وتقضي بأن يتوجه هو نفسه إلى الريدة مسقط رأسه، والبار إلى المكلا، ويبقى خالد باراس في حجر ومعه محسن باراس. وتقرر أن يتحرك الجميع في 27 تموز/ يوليو لإسقاط المناطق التي هم فيها، بالتنسيق مع قوات الشرطة التي ستكون قد تلقت توجيهات بذلك من القيادات العسكرية. ويقول البار إنه جنباً إلى جنب مع محسن وخالد باراس، رفضوا الفكرة، وأعلنوا أنهم لن يتحالفوا ضد الجبهة القومية، ولكن البيض ردّ عليهم بالقول إنّ التحالف مع العسكريين الموالين لجبهة التحرير والرابطة مؤقت، حيث سيتسنى في فترة مقبلة الخروج عليهم وإطاحتهم، وهذا ما حدث بعد وقت طويل مع عبد الله علي مجور الذي استدرجه علي سالم البيض، وزير الخارجية، من القاهرة إلى عدن ليلقى حتفه.  

 

احداث 27 يوليو .. من خلفها ؟

 

وعن أحداث 27 يوليو يقول الرئيس ناصر :" الحديث عن أحداث 27 يوليو يشرّع الباب على تناول المقدمات والأسباب، وعلى بعض الأسماء التي مارست دور "البطولة" فيها، وكذلك تلك الخفايا التي جاءت التطورات والاعتبارات السياسية الضيقة لتبعدها عن دائرة الضوء، فضلاً عن أنها توجب ـ من وجهة النظر الموضوعية، وحرصاً على الأمانة التاريخية ـ إعادة النظر بالتفسيرات والتسميات غير الدقيقة، بل المخالفة للحقائق، التي أُضيفت إلى الأحداث في المراحل التالية، ولا سيما في كل احتفال بذكرى 27 يوليو في السنوات اللاحقة.

كان مسرح الأحداث، أول الأمر، المحافظة الرابعة التي تسمى اليوم (شبوة)، حيث كانت أرضية التمرد على السلطة المركزية وحكم الجبهة القومية مهيّأة بسبب الإجراءات المبكرة التي اتخذتها حكومة الثورة ضد بعض العسكريين، من أبناء "العوالق" الذين كانوا يحتلون ـ لأسباب كثيرة ـ مراكز أساسية في الجيش، على مختلف مستوياته. كان المساس بتلك الامتيازات، وبخاصة بعد التلويح بنيّة الرئيس قحطان الشعبي تسريحَ ثلاثمئة من الضباط ممن اتُّهموا بالمشاركة في حركة 20 مارس، وكان أكثرهم من أبناء تلك المنطقة الفقيرة، دافعاً أساسياً لموقفهم الجديد.

تكوّن نفوذ العوالق في الجيش تاريخياً، أولاً بسبب فقر المنطقة وشحّ مواردها، ما دفع أبناءها إلى العمل في المؤسسة العسكرية مصدراً مضموناً للمعيشة، ولو في الحدود الدنيا. وبمرور الأيام، أصبحت القوة المحلية "الاتحادية" تعتمد على العوالق في تعزيز قوامها أو توسيعه، فأوجد ذلك نوعاً من العلاقة الاقتصادية "المعيشية" بين سكان المنطقة والمؤسسة العسكرية، وباتت الإجراءات التي اتخذتها الجبهة القومية ضد مجموعة الضباط تصيب مصالح السكان حتماً، حتى إنها تشكل في المنطقة أساساً للتعاطف مع القوى المعارضة، وقد تشكلت فيها نواة ما سُمِّي "حركة الوحدة الوطنية" التي كانت بمثابة تجمّع سياسي من أنصار "جبهة التحرير" والضباط المسرَّحين، وهي الحركة التي ستمارس دوراً في قيادة أحداث 27 يوليو 1968م.

 

لماذا حاول الرئيس قحطان تسريح كبار الضباط ؟

 

ويستدرك الرئيس ناصر حديثه :" و في مرحلة لاحقة حاول الرئيس قحطان تسريح بعض كبار الضباط من أبناء المحافظة الثالثة (أبين حالياً)، ومن بعض المناطق الأخرى، ولكن كانت قيادات الجيش، بخاصة العقيد حسين عثمان عشال، قد وقفت ضد نيّة الرئيس قحطان الشعبي، تسريحَ الضباط الثلاثمئة. وعلى هذه الأرضية تشكّل نوع من التحالف أو التنسيق بين هذه القيادة والحركة، وطبعاً مع بعض القياديين الطامحين في السلطة، والذين يخططون لضرب الطرفين بعضهما ببعض، على أن يتولوا تصفية المنتصر في نهاية المطاف.

ومرة أخرى وقف الرئيس قحطان الشعبي في النقطة التي لا يُحسَد عليها، نقطة الوسط، حيث الجميع يرميه بسهامه: تمرد العوالق، الجيش، القيادات المعارضة، والفريق الذي كان يسمي نفسه "اليسار".

كان أبناء المحافظة الرابعة (شبوة) يطالبون، أول الأمر، بتحسين أوضاع المنطقة، ولم يكن أمام الرئيس قحطان الشعبي الذي اشتمَّ رائحة الخطر من وراء هذه المطالبة وأبعادها، إلّا أن حاول التعامل الإيجابي معها بعدما أسروا سرية من الجيش كانت متمركزة في منطقة النقبة، وقد حافظ على السرية وعتادها القائد السابق للحرس الاتحادي فضل عبد الله العولقي. فكلف فيصل عبد اللطيف مخاطبتهم ومحاورة زعاماتهم، فطلب الأخير من مواطني المنطقة أن ينيبوا عنهم من يرونه مناسباً ليلتقيهم في عدن. غير أنهم رفضوا ذلك، مشترطين قبل كل شيء تنفيذ مطالبهم، وسوّغوا موقفهم هذا بانعدام ثقتهم بالنظام وبالوعود التي يغدقها. اضطر فيصل عبد اللطيف إلى التوجه حصراً إلى مركز المحافظة عتق، وهناك حاول الالتقاء بمشايخ المنطقة ووجهائها، لكن دون جدوى، فاضطر إلى الذهاب إليهم في مدينة الصعيد، واستطاع أن يتفاهم معهم، وأن يُحضر السرية التي أسروها معه إلى عتق. عاد إلى عدن، وكان موعد السابع والعشرين من تموز/ يوليو قد اقترب، حيث باشرت قيادات الحركة في شتّى المناطق العمليات العسكرية لإسقاط تلك المناطق، ومن ثم لإسقاط رأس النظام في عدن. ولم يقتصر التحرك على المحافظة الرابعة وحدها، بل تعداها إلى مناطق أخرى كانت قوى المشايخ وبقايا السلطنات قد أعدت نفسها للتحرك فيها.

في ذلك اليوم، اندلعت في وقت واحد أعمال العصيان والتمرد المسلح في كل من الصعيد ووادي يشبم وبعض مناطق شبوة وردفان والصبيحة وأنحاء من لحج. ولم يكن أمام حكومة الرئيس قحطان الشعبي غير قرار الرد العسكري، فأعطى أوامره للجيش بلزوم تصفية الحركة حفاظاً على النظام. ( تابعونا للحديث بقية )